النذور تأخذ صوراً عدة. فهي أحيانا نذور عينية مثل الذبائح والمأكولات والشموع والسجاجيد والحصر وأدوات النظافة. وهي أحيانا أخري نقدية وهي أحياناً ثالثة طقوسية. مثل نذر صوم. أو صلاة لله. وغيرها. وثمة أناس يوزعون بصفة دورية نذوراً تحتوي علي شقق الفول النابت والعيش وقد نذرت الست زكية للسيدة زينب. انه إذا نجح ابنها تعمل له خاتمة. وتوزع في مسجدها فول نابت وعيش علي الفقراء والمساكين. كما نذر الأسطي محمود دستة شمع للسلطان الحنفي لو جبر بخاطره. ونجح في الكشف الطبي. ويطالعنا الراوي بشاب جاوز العشرين. أحضرته أمه لختانه. وكانت الأم قد نكبت بوفاة أطفالها في العام الثاني من ولادتهم. ومن ثم فقد نذرت ألا تختن وليدها القادم هذا الرجل! إلا بعد أن تعلو قامته علي قامة الرجال. ويقول توفيق الحكيم: "أذكر أن جدتي قالت لي يوماً ونحن في الإسكندرية ذات صيف: سأخذك لزيارة مقام سيدي الطرطوشي!.. وهو مشهور بشفائه للأمراض. وخاصة للحمي التي كانت تلازمني ملازمة الرفيق السوء. كان هناك شرط لابد منه: أن أفي بنذره المعروف. وهو الامتناع التام عن أكل الجبن الرومي. كان يقال إنه يمقت الجبن الرومي وكنت بالطبع أصغر سنا من أن أناقش هذا القول. وأسأل: هل سيدي الطرطوش. وهو من أولياء الله الغابرين. كان معاصراً لظهور الجبن الرومي؟!.. نذرت ذلك النذر بكل إخلاص الطفل المؤمن الساذج. ونفذته بكل أمانة ودقة. أذكر أني لبثت مدة طويلة لا أقرب هذا الجبن. ولا أمسه بشفتي. مع حبي الشديد له. وشفيت فعلاً. الأولياء في يقين غالبية المصريين بصرف النظر عن حظهم من المعرفة هم آخر خيط من الرجاء للكثير من المرضي الذين تعز عليهم الصحة بالتردد علي الاطباء أما سيدي المظفر ينطقها العامة "المدفر" فهو ولي صالح. قانع. لا يطلب من مريديه وزواره نقوداً. وإنما كل ما يطلبه من الذين ينذرون له. شمعة تضاء بعد صلاة المغرب. أو بعد صلاة العشاء. خلف شباك مقامه النحاسي. وحين يقصده البعض في شكاية. أو مطلب بنذر. فإنه يوجه حديثه لصاحب الضريح علي سبيل المثال :" يا سيدي يا مدفر.. بحق جاه النبي تكبسها وترقدها. إلهي وانت جاهي ترقد ما تقوم نفيسة بنت حوا وآدم. يا سيدي يا مدفر تعميه عنها. لا يمد لها إيد ولا يمشي لها برجل.. يا سيدي يا مدفر إبعد سليمان بن الحاج محمود عن سكة نفيسة الملعونة بنت حوا وآدم.. ندرن علي يا سيدي يا مدفر دستتين شمع أولعهم لك في ليلة نص شعبان" ومع أن عديلة لم تكن تملك سوي جنيه واحد. فإنها احتفظت لنفسها بخمسة قروش فقط. قيمة تذكرة العودة إلي قريتها. ووضعت بقية المبلغ في صندوق النذور بجامع السيد البدوي. والكثير من أبناء الريف يخصصون لأولياء الله نصيبا في المحصول الزراعي. سواء كان قطناً أو غير ذلك. ويباع نصيبا الولي الموسمي. ويودع ثمنه في صندوق النذور. أو يودع جزء منه في الصندوق. ويشتري بالجزء الثاني أشياء عينية أخري. مثل الشموع والذبائح. أو ينفق في الاحتفال بمولد الولي. وكان عدد الموالد التي تقام في القاهرة كل عام حتي أواخر القرن التاسع عشر 80 مولداً ومع أن الدين الإسلامي يعتبر النذور من أعمال الجاهلية. فإن المعتقد الشعبي الذي يؤكد قيمة النذر ودلالاته. فرض نفسه علي الحكومة. فهي تخصص لها صناديق. وتتقاسم إيراداتها مع العاملين في المساجد. أما إذا لم يتحقق نذر أو شفاعه. فإن العيب بالقطع في صاحب الشفاعة أو النذر. وللكلام بقية