لم يكن أحد يعرف من هو الشيخ المظفر صاحب الضريح الذي يعترض الطريق. ويقف بقبته الجميلة علي ناصية شارعين أحدهما يحمل اسمه الموقر وهو المظفر وهذا يكفي للتعريف به. وله تحت القبة ضريح عظيم ترتفع فوقه عمامة خضراء كبيرة. تستطيع أن تراها خلال نافذة نحاسية منقوشة. ومن ورائها حوض من الرخام أعد لوضع الشموع ولم يسأل أحد عن حقيقة هذا الشيخ المدفون في الضريح ولا عن كراماته التي جعلته يفضل البقاء في تلك البقعة. معترضا الطريق السالك من شارع محمد علي إلي سبيل أم عباس. ثم يتلوي حتي يصل إلي ضريح السيدة نفيسة رضي الله عنها. ثم يموت عند المقابر الشيخ المظفر. أو المظفر. أو سيدي المظفر. أراد أن يدفن هنا. ولا شأن له بعد ذلك بالطريق التي يعترضها. ويرغم الناس علي الالتفاف حوله حتي يسيروا صاعدين إلي ضريح السيدة نفيسة يقول الرجل: "ده كان سلطان علي مصر بس الناس دلوقت عملوه ولي من أولياء الله وكل يوم يولعوا له شمع وأنا كل ليلة أفوت عليه. واقعد معاه شويه وآخذ منه شمعتين أنور بيهم. والراجل ما قالش حاجة عمره ما اشتكي ده حتي بيفرح لما أزوره ويقول لي يا سمادوني أنا متأسف علشانك لو كان عندي أكل كنت قدمت لك لكن ما عنديش غير شمع أصله لما كان سلطان المماليك قتلوه. ورموه من القلعة وقع في الحتة دي قاموا مماليكه دفنوه مطرح ما لقوه وبنوا له قبة. وأهل مصر افتكروا إنه ولي من أولياء الله". وزيارة الأولياء خطوة ترافق زيارتنا لأقاربنا في المدن الأخري وبخاصة مدن الأولياء المهمين مثل السيدة زينب والحسين والشافعي والرفاعي والبدوي والدسوقي وأبوالعباس وغيرهم والأولياء لا يتمتعون بمكانة واحدة ومن ثم فإن الناس يلجأون إلي الولي الأبعد صيتا في تحقيق الآمال وتخفيف الآلام أو البرء منها فهو ولي "سره باتع" الأولياء يتدرجون في المنزلة والمكانة حسب ما ينال كل منهم من حيث تقدير الناس وتتميز أضرحة الأولياء ذوي المكانة الأرسخ بسجاجيدها السميكة الفاخرة وشبابيكها المذهبة ونجفها الفخم الكبير والرائحة الغامضة الغريبة التي تملأ جوها وتوحي بالرهبة والخشوع والإجلال وعندما قلت كرامات الشيخ عفيفي خلال السنوات العشرين الأخيرة فلم يعد يتولي علاج المرضي أو يتوسط لذوي الحاجات أهمله الناس ولم يغيروا كسوة ضريحه حتي بهتت. وتهلهلت. وعلاها التراب. وقلت الشموع المهداة إليه شيئا فشيئا. حتي تلاشت تماما والملاحظ علي سبيل المثال أن حصيلة النذور في جامع السيدة زينب تفوق الحصيلة التي يمقتها صندوق النذور في أي جامع أو مسجد آخر في مصر حتي جامع الإمام الحسين الذي يعد أشهر جوامع مصر علي المستوي الشعبي تقل حصيلة نذوره عما يحققه جامع شقيقته مرد ذلك في تقدير فتحي رضوان أن المرأة القديسة أقرب إلي قلوب الناس من أولياء الله من الرجال مهما يعلو مقامهم فالمرأة إلي جانب طهرها وقداستها "هل يخلو الولي الرجل من ذلك" تمثل لأصحاب الحاجات من النساء والمستضعفين الأم الحانية التي تطيل عليهم صبرها والتي تعرف ضعفهم وعجزهم وقلة حيلتهم وحين يرتكب المرء خطيئة فمن الأصوب أن يلتمس التوبة بين يدي أم هاشم السيدة زينب فتباركه وترشد خطاه. وللكلام بقية