التشكيك في كرامة الولي مما لا يقوي علي التفكير فيه إنسان يعيش في جو صوفي. فضلاً عن محاولة التشكيك نفسها. أذكرك بما حدث للدكتور اسماعيل في رواية يحيي حقي "قنديل أم هاشم" عندما حاول أن يحطم قنديل جامع السيدة زينب. لعدم ثقته في البركات المنسوبة إليه. إن الإيمان بالولي يرقي إلي مرتبة المسلمات. ويقول الصوفية إن من ينكر كرامات الأولياء. ينكر معجزات الأنبياء. فللأنبياء معجزات. وللأولياء كرامات. وفي عهود الظلم وما أطولها في التاريخ المصري! لجأ الناس إلي أضرحة الأولياء. يكنسونها بالتعبير الشعبي علي الظالمين. وثمة معتقد أن كرامات الأولياء لا تنقطع بموتهم. يقول أحد مريدي ولي الله الشيخ محمد الزعبي لأصدقائه: "من يشك فيكم أن سيدي ومولاي محمد الزغبي طارت خشبته بعد الصلاة عليه. وأخذت تطوف في الوسعاية. وأني لمستها حين كنت أقف في بلكونة اسماعيل. فإنه فيّ الحقيقة يشك في أنا. ويعتبرني كاذباً". إن ضريح الولي كما يقول الكاتب ليس مجرد كمية من الحجارة. لكنه بناء له قداسة. والملاحظ أن الولي الواحد ربما يكون له أكثر من مقام. في أكثر من مدينة. مع ذلك. فإن الولي المنقطع. أو المقطوع نذره. هو الذي لا يزوره أحد لتهدم ضريحه أو مقامه. واسم معظم أولياء القري مبارك. لأن الفلاحين يستمدون منه الاطمئنان بأن زراعاتهم تحل بها البركة. واللافت أن أضرحة الأولياء في القري قد تعلو الجسر. ليدفن أهل البلد موتاهم حوله. أو تهبط للحوض لينعم الزرع ببركة ولي الله. وتروي لوسي دف. جوردون. في ثمانينيات القرن التاسع عشر عن فلاح اقترب من ضريح الشيخ جبريل بالأقصر. وراح يوجه إليه حديثه: ادع الله أن يرحمهم زوجه وأطفاله أيها الشيخ. وأن يطعمهم وأنا بعيد عنهم. أنت تعلم أن امرأتي قد سهرت الليل بطوله لتخبز لي كل ما كان عندنا من قمح. ولم يبق لها ولا لأولادي شيء يقتاتون به. وعندما تأخرت الزوجة عن الانجاب. سافر الرجل إلي قريته. وزار ضريح ولي القرية ذي الكرامات الشهيرة. وهمس في سره متوسلاً إلي ولي الله أن يتشفع له. ويحقق أمله. ويرزقه ولداً. ونذر أن يذبح ولداً لو جاءه الولد. ومع أن الدنيا أقبلت علي الست عنباية في كل شيء. فإنها ضنّت عليها بنعمة الإنجاب. ومن ثم فقد لجأت إلي أهل الله من العارفين والواصلين. وطافت بأضرحة الأولياء. وكان حضور سيدنا الحسين هو الذي دفع عن كمال الصغير الشر في "بين القصرين". لما أحاط به الجنود الانجليز. وراحوا يداعبونه. والقاهرة عند الكثير من أبناء الريف هي: الأزهر. والسيدة زينب وسيدنا الحسين والسيدة عائشة والسيدة نفيسة وفاطمة النبوية وغيرهم من الأولياء. وهي ليست شيئاً آخر قط. بعد أن يضع القادمون من الريف حقائبهم في بيوت الأهل الذين يستضيفونهم. يبدأون حالاً رحلة تشغلهم ويعدون أنفسهم لها قبل أن يأتوا إلي القاهرة. يزورون أضرحة آل البيت وأولياء الله الصالحين. للكلام بقية