تتجه اليوم وبالتحديد في الرابعة والنصف عصراً قبل مدفع الافطار أنظار عشاق كرة القدم صوب استاد الجونة بمدينة الغردقة بعيداً عن القاهرة ب 600 كم لتتابع أحداث القمة بين قطبي الكرة المصرية الزهلي والزمالك عبر شاشات التليفزيون فقط هذا العرس الكروي تنقيذاً لمنع الجماهير من حضور تلك المواجهة بين القطبين في افتتاح مباريات المجموعة الأولي لبطولة كأس دوري الأبطال الافريقي للأندية. رغم أن تلك القمة الافريقية بين الأهلي والزمالك تعد بمثابة عيد كروي لعشاق الناديين الأعرق عربياً وأفريقياً والأكثر فوزاً معاً ببطولة كأس أفريقيا للأندية الأبطال.. لكن شاءت الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد منذ قيام ثورة 25 يناير وتصحيح مسارها بثورة 30 يونيو بعد خروج الشعب التاريخي مطالباً بإسقاط نظام الإخوان مثلما فعل من قبل علي نظام مبارك.. شاءت تلك الظروف والاضطرابات السياسية إلي أن تتحول تلك المباراة قمة صامتة بعد أن قرر الأمن نقلها إلي مدينة الغردقة وإقامتها بدون الجماهير وقبل الإفطار أثناء الصيام وذلك بالتنسيق مع الاتحاد الافريقي لكرة القدم "الكاف" الذي أبدي مرونة كبيرة برعاة لتلك الظروف الاستثنائية ووافق علي تأجيلها أكثر من مرة حتي تقرر إقامتها اليوم وأكد علي عدم السماح للجماهير بحضور اللقاء والاكتفاء بمتابعتها عبر الشاشات الصغيرة بل وهدد أنه في حالة اقتحام الجماهير لملعب الجونة فإن عقوبات رادعة ستكون في انتظار الأهلي والزمالك. قمة صيامي وتعد هذه المرة الأولي في تاريخ القطبين أن يلعبا معاً في القمة أثناء فترة الصيام وبدون جماهير وهي الظاهرة التي باتت مألوفة في ملاعبنا منذ قيام ثورة يناير بسبب شغب الجماهير وجنوحها للعنف بشكل غير مسبوق وكلنا يذكر ما فعلته جماهير الزمالك في موقعة الجلابية أمام الصفاقس التونسي. وأخيراً ما ارتكبته جماهير الأهلي في مباراة توسكر الكيني. المثير للدهشة أنه رغم تعليمات الكاف المشددة بعدم حضور الجماهير فإن جماعات التراس الأهلي والزمالك أعلنتا التحدي وصدرت عن قياداتها تصريحات بنيتهم لاقتحام ملعب الجونة دون مراعاة للعقوبات التي يمكن أن توقع علي ناديي الأهلي والزمالك من قبل الكاف والتي قد تصل إلي حد استبعادهما من البطولة نهائياً مثلما فعل من قبل مع ناديي الصفاقس التونسي ومازيمبي الكونغولي بسبب مشاكل جماهيرهما وياليت ألتراس الأهلي والزمالك تحكم العقل وتلتزم بتعليمات الكاف ووزارة الداخلية. ورغم تلك الظروف الاستثنائية التي تقام فيها القمة الافريقية بين القطبين الكبيرين وحالة السكون والصمت التي فرضت عليها.. وفلابد أن نتفق أن مباريات القمة لها طبيعتها الخاصة.. وانها دائماً تحمل كل مظاهر الإثارة والقوة والمتعة في فنون الكرة وتأتي دائماً علي صفيح ساخن.. فما بالنا وقمة اليوم الافريقية تعتبر ضربة البداية لتحقيق حلم العالمية.. الذي يراود نجوم وجماهير الناديين.. فالأهلي حامل اللقب منذ العام الماضي وشارك في مونديال اليابان أصبح يعشق تلك المشاركة مع عظماء الكرة العالمية للأندية القارات والتي جعلته حديث عشاق الكرة العالمية وبات يعرف ويجيد الوصول إليها لتأكيد مكانته علي خريطة اللعبة عالمياً بجانب ما يحققه من مكاسب مالية بالملايين.. بينما الزمالك مازال يحلم بالمشاركة الأولي في تاريخه في مونديال الأندية فكلما اقترب من هذا الحلم يشاء حظه العاثر أن يخرج في اللحظات الأخيرة قبل أن يعتلي عرش الكرة الأفريقية.. والشيء اللافت للنظر أن نهايته حلمه المشروع كانت تأتي دائماً علي أقدام نجوم الأهلي منافسه التقليدي وفارس الكرة المصرية الأول وأسد أفريقيا كان دائماً يطيح بالزمالك خارج البطولة وحدث ذلك في بطولات 2005 و2008 و2012 العام الماضي فالأهلي فاز أربع مرات خلالها علي الزمالك وتعادلا في مباراتين ليصبح الأهلي عقدة الزمالك في أدغال أفريقيا حيث إنه فشل خلال هذه اللقاءات في الفوز ولو مرة بل إن الزمالك محلياً أيضاً لم يفز علي الأهلي منذ عام 2007 عندما فاز عليه في الدور الثالث في الدوري العام ويومها لعب الأهلي بالبدلاء بعد أن ضمن الفوز ببطولة الدوري. زاد من أهمية هذه المواجهة في ديربي الكرة الافريقية والمصرية هذا التعادل الذي انتهت به مباراة فريقي ليوبارد الكونغولي وأورلاند الجنوب أفريقي يزداد طموح وأطماع كل من نجوم الزمالك أصحاب الأرض والمباراة والأهلي في حسم اللقاء لصالحهم لاعتلاء قمة المجموعة مبكراً والانطلاق بخطوات قوية نحو حلم العالمية. وإذا كان عشاق الكرة المصرية وخبراؤها يتمنون أن يكون نهائي الكأس الافريقية مصرياً 100% بين الأهلي والزمالك غير أن كلا من مدربي ولاعبي الفريقين يعلم أن الكرة مستديرة وغدارة ولابد أن يسعي كل منهما لتأمين موقفه مبكراً في رحلة البطولة وجمع أكبر عدد من النقاط في دوري المجموعات لدور الثمانية للبطولة ليضمن احتلال المركز الأول أو الثاني ليضمن استكمال مشواره في البطولة بالصعود للمربع الذهبي في ظل وجود قيادة فنية وطنية تقودهما بتولي محمد يوسف تدريب الأهلي وحلمي طولان الزمالك. وإذا تحدثنا بشيء من التفصيل عن استعدادات وموقف وقدرات وإمكانيات كل من القطبين الزمالك والأهلي لخوض تلك القمة الافريقية والتي تمثل عنق الزجاجة لكل منها في رحلتها الشائكة الأدغال الافريقية فلابد أن تبدأ بالزمالك صاحب الأرض والمباراة والذي يقوده في أول مباراة رسمية المدرب المخضرم الكفء حلمي طولان والذي تسلم الراية من الخواجة فييرا ويمكن القول إن جماهير الزمالك تنتظر من طولان "أن يرمي بياضه" بتحقيق الفوز علي الأهلي وكسر عقدة تفوقه الافريقي علي الزمالك انطلاقاً من أن حلمي طولان استلم من فييرا فريقاً جاهزاً فنياً وبدنياً ومعنوياً.. يتمتع أفراده بالانسجام والتفاهم وجماعية الأداء وثقافة الفوز وأكد الزمالك الجديد هذه الحقيقة بتقديم موسم غاية في الروعة والقوة هذا العام ولعل نجاح فريقه الذي بات يضم خليطا من النجوم الشباب الموهوب وأصحاب الخبرة في الصعود لدوري المجموعات الأفريقية رغم التحديات التي واجهته منذ انطلاق دور ال 64 في البطولة حيث شاءت القرعة أن يخوض الفريق مبارياته الثانية مروراً بدور ال 32 وال 16 خارج ملعبه بجانب انتصاراته وعروضه المميزة في الدوري المحلي ويمكن القول إن فييرا الخواجة نجح ببراعة في إعادة فتح مدرسة الزمالك لفنون وهندسة الكرة. ويعلم حلمي طولان أن انتصاره علي الأهلي في القمة الافريقية سيضرب أكثر من عصفور بحجر أهمها أن يفتح الطريق علي مصراعيه نحو تحقيق حلم العالمية كونه تفوق وأزاح من طريقه أقوي منافسيه والمرشح الأقوي والأول للفوز باللقب.. وسيكون الفوز بمثابة دفعة معنوية فنية هائلة للاعبيه لاستكمال مشوارهم في البطولة وهم يقفون علي أرض صلبة.. كما سيكتب هذا الاختصار شهادة ميلاد جديدة لحلمي طولان في عالم التدريب وتثبيت أقدامه في العمل بالزمالك كونه نجح في كسر عقدة تفوق الأهلي علي ناديه. يعتمد في تلك القمة علي نجومه الكبار وفي مقدمتهم الموهوب شيكابالا العائد من رحلة إعارة والذي يسعي لاستعادة أمجاده مع ناديه وجماهيره ومعه أحمد جعفر الهداف الذي جدد عقده أخيراً مع ناديه والخطير الصاعد محمد إبراهيم وأحمد عيد عبدالملك الذي يبحث عن نيولوك مع مدربه السابق في الحرس ليشكل قوة هجومية مؤثرة وظهيري الجنب عمر جابر ومحمد عبدالشافي وفي الوسط يعتمد طولان علي نور السيد وهاني سعيد والصقر أحمد حسن أحد الأوراق الرابحة ويحرس عبدالواحد السيد عرين الزمالك وأمامه محمود فتح الله قائد خط الدفاع. ويأمل طولان في أن يتمكن مهاجمه من تعويض غياب سيسيه منقذ وهداف الزمالك في أغلب مبارياته وكذلك خسر الزمالك في هذا اللقاء جهود كل من إبراهيم صلاح وصبري رحيل لاحترافهما في العروبة السعودي والأهلي.. كما يغيب حازم إمام أحد مفاتيح اللعب للإصابة.. وكان طولان قد اطمأن علي استعدادات وجاهزية لاعبيه بخوض مباراتين وديتين أمام كل من الخرطوم السوداني والإنتاج الحربي. أما الأهلي حامل اللقب فيخوض اللقاء وهو أيضاً في حالة فنية وبدنية وخططية مطمئنة للغاية ورغم غياب أربعة من نجومه الأساسيين عن تلك القمة في مقدمتهم الزئبقي محمد بركات بطل لقاءات القمة في البطولات الافريقية لاعتزاله الكرة نهائياً كما يغيب جدو وعماد متعب للإصابة وحسام غالي للاحتراف الخارجي رغم تلك الغيابات المؤثرة للنجوم الكبار بالفريق غير أن محمد يوسف نجح منذ توليه مسئولية تدريب الفريق في إثبات وجوده وتألق محلياً وأفريقياً في ظل احتراف النجوم الكبار أبوتريكة وفتحي وجدو للإعارة في الخارج وإصابة غالي ومتعب حيث تمكن من توظيف باقي اللاعبين وخاصة الصاعدين أمثال رامي ربيعة وتريزيجيه بجانب ما يمتلكه الأهلي من احتياطي استراتيجي رائع من اللاعبين الموهوبين وهو أهم ما يميز الأهلي ويقوده دائماً للتفوق واعتلاء منصات التتويج وهو ما يجعل كفته الأرجح في قمة اليوم خاصة بعد أن عاد لصفوفه نجومه المعارين الساحر محمد أبوتريكة والجوكر أحمد فتحي.. كما أن خط هجومه يضم بجانب أبوتريكة كل من السيد حمدي وأحمد عبدالظاهر ودومينيك وجميعهم يملك المهارة والخبرة علي اختراق دفاعات الزمالك والتهديف وخلفهم تم تجهيز عبدالله السعيد المدفعجي ليملأ فراغ الزئبقي محمد بركات وعاد الموهوب وليد سليمان بينما يتحمل الثنائي حسام عاشور ورامي ربيعة مسئولية خط الدفاع الأول كلاعبي ارتكاز بمنطقة الوسط ويقود الصخرة وائل جمعة خط الدفاع ومعه سعد سمير وهناك مفاضلة بين أحمد شديد قناوي وسيد معوض كظهير أيسر بينما لا يوجد منافس للجوكر أحمد فتحي أحد مفاتيح اللعب المؤثرة في صفوف الأهلي ويعتبر شريف إكرامي حارس المرمي المتألق أحد مفاتيح الفوز في كثير من المباريات. ولعل توافر تلك القوة الضاربة للأهلي وامتلاكه البدائل تجعل مدربه محمد يوسف أكثر اطمئناناً علي قدرة لاعبيه علي تحقيق الفوز في ضربة البداية لدوري المجموعات والتي تمثل خطوة هامة نحو الهدف الأكبر لقلعة الأهلي أسد أفريقيا في الدفاع عن اللقب الغالي في بطولة الملايين الافريقية والاحتفاظ به للعام الثاني علي التوالي.. وزاد من اطمئنان يوسف علي وصول لاعبيه لفورمة طيبة نجاح تجربتي الكهرباء والبلاستيك واللتين خاضهما الفريق استعداداً لمواجهة الزمالك في تلك القمة الافريقية والتي تقبل كل الاحتمالات رغم اتفاق الخبراء علي كفة الأهلي الأرجح لحسم المباراة لصالحه ولكن مباريات القمة عودتنا دائماً أنها لا تخضع لمعايير أو مقاييس معينة ولكن الفريق الأكثر هدوءاً وثقة وتركيز وجهداً وتوفيقاً يكون الأقدر والأحق بالفوز والذي كان حليفاً للأهلي منذ عام 2007 مستفيداً من حالة الانهيار والتراجع الفني والإداري التي عاني منها الزمالك طيلة هذه السنوات العجاف التي غابت فيها البطولات تماماً عن القلعة البيضاء ولكن علينا أن نتفق أن الزمالك هذا الموسم ظهر بنيولوك وأثبت انه بات يملك المقومات الفنية التي تؤهله للمنافسة علي البطولات فهل سينجح في اختبار اليوم؟.. الإجابة سوف نعرفها عقب إطلاق جمال حيمودي الحكم الدولي الجزائري الذي يدير اللقاء لصافرة النهاية وقبل مدفع الافطار والذي قد ينتهي بالتعادل ويخرج القطبان حبايب ويسعد كل منهما بإفطاره علي شاطيء البحر الأحمر انتظاراً لباقي جولات المجموعة لتعديل المواقع والمراكز في سباق الوصول للمربع الذهبي لبطولة الملايين الافريقية.