يمثل الفنان حبيب جورجي القطب التربوي بين جيل الرواد. فقد ولد عام 1892 وتوفي عام ..1965 وكان له دور مؤثر في مجال الفنون الجميلة. إذ أسس جماعة الرسم بالألوان المائية. ثم جماعة الدعاية الفنية في الثلاثينيات التي أصدرت لرمسيس يونان كتابه "غاية الرسام العصري".. ثم ما لبث أن انهمك في تجربة "الفن التلقائي عند الأطفال" والتي استغرقت 12 عاماً من حياته. واستخلص منها نتائج تربوية غيرت مناهج تدريس التربية الفنية في العالم. وكانت بمثابة الأرضية النظرية لتجربة "بيت الفن في الحرانية" الذي أسسه صهره رمسيس ويصا واصف. وتتلخص نظريته في أن كل الأطفال عندهم القدرة علي التعبير بالشكل.. وأن التطور الحضاري للجنس البشري مختزن في أعماق عقلية الطفل. فإذا أخذ فرصته في التعبير الفني بدون أي إملاء. وخرج هذا المخزون في أعماله الفنية ماراً بأشكال الفن والحياة في عصور ما قبل التاريخ ثم عصر الأسرات وما بعده حتي إذا وصل الطفل إلي سن المراهقة اتجه إلي النقل الحرفي عن الواقع وتوقف عن إخراج هذا المخزون. درس في مدرسة المعلمين العليا. ليتخصص في تدريس الرياضيات. لكنه غير اتجاهه إلي التخصص في تدريس الرسم. وبعد تخرجه اشتغل في سلك التدريس حتي وصل إلي منصب عميد مفتشي الرسم "التربية الفنية حالياً". سافر عام 1922 إلي لندن بتزكية من مفتش رسم انجليزي اسمه "كارتر" وبقي هناك لمدة عامين عاد بعدهما ليعمل بتدريس الرسم في مدرسة المعلمين العليا. حيث كون جمعية الرسم من تلاميذه في هذه المدرسة وكانت تضم من الأسماء المعروفة بعد ذلك: حامد سعيد. عبد الرزاق حسن. شفيق رزق. يوسف العفيفي. لبيب أيوب. نجيب أسعد. حامد الغرابلي. وقد ضمت فيما بعد الفنان صلاح طاهر الذي درس بمدرسة الفنون الجميلة العليا. أقامت هذه الجمعية معارضها بعد تخرج أعضائها تحت اسم جماعة الدعاية الفنية التي انضم إليها رمسيس يونان. انصرف حبيب جورجي عام 1939 إلي تجربة الفن التلقائي عند الأطفال عندما عزل مجموعة في سن السابعة عن المؤثرات الحضارية والتعليمية واكتفي بتعليمهم دروس الكتابة والقراءة وأعطاهم خامات الإنتاج الفني: أدوات الرسم وأنوال النسيج ثم الصلصال لصناعة التماثيل.. ثم اكتفي بمتابعة تجربة النحت حتي عام 1951. عندما نشر نتائج هذه التجربة. فتغيرت طبقاً لذلك مناهج تدريس الرسم وتحولت إلي "تربية فنية". ولقد توفي الفنان قبل أن يتم وضع كتابه الأخير الذي يشرح نظريته ويقدم فيه خبرته بالتفصيل.