يوم ولد.. وحدها فوق السطح. أخذها النوم. وجدت يدا توقظها النوم أخذها. استيقظت علي نفس اليد التي ظهرت فجأة في تلك اللحظة رأت نورا في السماء بسرعة تمنت وبسرعة دعت بأن هذه المرة يكون ولدا علي السبع بنات. هي تعلم بحكم تجربتها الطويلة بأن وجع البنات في البطن ووجع الصبيان في الظهر وظهرها هذه المرة هو الذي يؤلمها. وجاء الولد كانت الداية معها في الحجرة وقد نست الخيط الذي تربط به السرة وفجأة بلا صوت. بلا ضجة. بلا حركة. وجدت الداية يدا تخرج من الأرض وتمد لها خيطا أبيض وخيطا أخضر. هللت الداية وفرحت واحنا زارنا النبي مع زغرودة خافته. يوم يطير كان عائدا من طنطا راكبا حصانه الأبيض ويسير وراءه عم الحديدي. عائدا قبل غطسة الشمس بقليل. يحمل فلوس القطن بعد يوم حافل مع الخواجات. وضع الفلوس في "خرجين" علي ظهر الحصان وتوكل علي الله. أخرج من جيوبه قوالب السكر واطعم الحصان وفي الطريق تحايل كثيرا علي عم الحديدي أن يركب معه وفي كل مرة يرفض مفضلا ان يسير هكذا ليغني ويصفر ويناغي كل من يقابله ومن يعمل في الارض وراح يقلد "الموزي" ذلك الصييت الذي يأتي كل عام في مولد سيدي "رواح" ويظل معه للصبح يسير بجوار الحصان ويشعل سيجارته اللف وينفخ في وجهه لينتشي الحصان بالدخان ويطوح رقبته الكل من حولهم يرفعون أيديهم بالتحية وفجأة ووسط كل هذا قفز الحصان مرة واحدة رافعا قدميه الأماميتين إلي أعلي واطلق صهيلا عاليا مدويا توقف كل من في الحقول أمام المشهد. حتي الطيور توقفت والكل غير مصدق كان الحصان قد رأي عشرات الرجال علي شجرة الجميزة يستعدون للنزول. وكانوا يراقبونه من مدة وعرفوا موعد عودته بالفلوس. لا يدري حتي الآن ماذا حدث وكيف انكفأ علي رقبة الحصان وتشبث بها وانغرزت اقدامه في بطن الحصان وغاب عن الدنيا وعم الحديدي لا يدري حتي الآن كيف شبط في ذيل الحصان بعد ان طار وطار معه إلا أنه يتذكر كلمات. كلمات جاءته مع الهواء الطائر. لا يذكر منها سوي جملة "نفدت يا ابن الكلب" يحكي أهل البلد الذين رأوا المشهد كاملا أن الحصان ظل طائرا بهم حتي وصل زمام البلد وقد "ركس" مرة واحدة في الطريق ليلتقط انفاسه وكان ينهض بسرعة مواصلا طيرانه "ركس" الحصان أمام مقام "سيدي رواح" ولم يتوقف الحصان إلا عند المصطبة التي يجلس عليها حين مات بكي كثيرا وأصر أن يدفن في حوش البيت. يوم يموت حين مات فجأة في عرض البحر أثناء عودته من الحجاز. كانت التعليمات للبحارة أيامها هي رمي الميت في الماء امتدت الايدي لتلقيه في الماء فجأة توقفت تلك الأيدي وتجمدت تماما. واطلق البعض لسانه وحاول ان يقترب وقف هو الآخر مكانه. حذرهم البعض. يقولون: إن إخواته البنات اطلقن الزغاريد في عرض البحر وأن المركبة اهتزت كثيرا وتمايلت كثيرا وفرحت كثيرا بكوا وطلبوا من إخواته أن يسامحهم ويعفو عنهم. اخذت اخته الصغري يد أخيها وملست علي الواقفين المتجمدين وسرعان ما عادوا. كان الجميع في حالة ذهول. حتي قبطان السفينة ترك ما في يده وذهب ليسأل عن الحكاية وحين وصلوا السويس. كان التلغراف قد وصل وكنا في انتظارهم. جمال فوزي حمزة شوبر مركز طنطا