مستحيل ان تكون هذه مصر التي نعرفها جميعا.. مصر لم تكن يوما "فسطاطين" مسلمين وكفرة.. مصر لم يهدد احد يوما احدا بالموت والثبور وعظائم الأمور.. ومصر أيضاً لم تعرف يوما لغة التطاول والشتائم والبذاءات المتبادلة. رئيس الجمهورية المستهدف من مظاهرات 30 يونيو أعلن مراراً وتكراراً احترامه للتظاهر السلمي وأكد علي حق المواطنين في التعبير عن آرائهم بسلمية بل وطالب الأجهزة الأمنية بحمايتهم. انه موقف وطني محترم يستحق الاشادة.. إذ أنه يتناغم ويتطابق مع ما نصت عليه القوانين والمعاهدات الدولية والدساتير ومنها آخر دستور مصري من ان التظاهر السلمي من حقوق الإنسان ولا يجوز حرمان مواطن من هذا الحق الدستوري والقانوني. كان المفترض ان تثمن كلمات رئيس الجمهورية وتحترم من الكافة.. مؤيدين ومعارضين.. لكن وللأسف الشديد وجدنا نغمة تصعيدية غير مبررة من البعض تحرم وتجرم مظاهرات 30 يونيو.. والأخطر التهديد الصريح بقتل المتظاهرين بحجة انهم سيستخدمون العنف..!! ياالله.. عشنا وشفنا.. وليتنا لم نعش حتي نشوف عاصم عبدالماجد "أحد منفذي الهجوم علي مديرية أمن أسيوط في 7 أكتوبر 1981 وعوقب بسببها" وهو يتوعد المتظاهرين بالقتل ويستعيد حوار المسلمين مع أبي سفيان زعيم قريش "الكافرة" حينذاك عقب موقعة أحد عندما قالوا له: "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار".. وكأن متظاهري 30 يونيو ليسوا مسلمين وموحدين بالله ويشهدون ان لا إله إلا الله محمدا رسول الله بل يرددون "اعلُ هبل".. كما يذكرنا بخطاب الحجاج بن يوسف الثقفي حينما قال لخصومه: إني أري رءوساً قد أينعت وحان قطافها..!! هل أنت قاطفها ياعاصم..؟ ياالله.. عشنا وشفنا.. وليتنا لم نعش حتي نشوف من يدعي أشرف عبدالمنعم العضو المؤسس للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وأمين المكتب العلمي والدعوي بالجبهة السلفية وهو يصدر فتوي - لا أدري بأي حق - بوجوب دفع المعتدين يوم 30 يونيو ولو بقتلهم..!! ياالله.. عشنا وشفنا.. وليتنا لم نعش حتي نشوف التهديدات العلنية بثورة إسلامية لا تبقي ولا تذر.. وكأن من يهدد ويتوعد هم المسلمون وحدهم والباقي كفار آثمون يستحقون القتل..!! ما هذا ياسادة؟؟.. انتم ملكيون أكثر من الملك نفسه.. تفتئتون علي الحق وانتم تعلمون.. وتسيئون إلي رئيس الدولة وتضعونه في حرج بالغ مع شعبه وتصبون الزيت علي النار بجهالة وفي عنترية غير مأمونة العواقب. دعوني اسألكم وبهدوء: ماهي صفتكم التي تبيح لكم ان تتوعدوا الناس بالقتل؟؟.. فالذي أعرفه ومستقر قانوناً أن الأجهزة الأمنية هي الوحيدة المنوط بها حماية المتظاهرين السلميين والمنشآت والأملاك العامة والخاصة والأرواح.. وفي نفس الوقت مواجهة أي خروج عن السلمية بشتي الوسائل المتاحة والتي قد تصل فعلا إلي حد قتل المعتدي. هذا حق أصيل ومنفرد لأجهزة الدولة المعنية بهذا الأمر وليس لأفراد أيا كانت شخوصهم أو كان انتماؤهم.. وليس لأناس نصبوا أنفسهم "محاربين بالوكالة" دون سند قانوني أو دستوري.. بالتالي.. فإن الأمر لا يحتاج اصلا إلي فتاوي مضللة أو مسيسة. ثم.. ومع فرض ان 30 يونيو سيحدث فيه عنف - استبعده تماماً إلا إذا كان رداً علي عنف من آخرين - فإن الأجهزة الأمنية هي المسئولة عن المواجهة وليس انتم ولا غيركم.. كما ان خروج المظاهرات عن السلمية - وهو أمر مرفوض شكلا وموضوعا - لا يوصم المتظاهرين بالكفر.. وكلنا يعلم جيداً أن علي بن أبي طالب "كرم الله وجهه" ولا أحد يزايد عليه لم يكفر من خرجوا عليه "بالسلاح" وكان من بينهم أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها في معركة الجمل المعروفة.. فكيف تكفرون أنتم من أعلنوا التظاهر السلمي الذي أقره الأزهر الشريف ونصت عليه القوانين والدستور والمعاهدات..؟؟!! الواقع يؤكد أنه لا أحد يتحدث عن العنف يوم 30 يونيو سوي مدعي الافتاء باسم الدين والدين منهم ومن فتاواهم براء. براء. براء. اخرجوا أنتم منها واتركوا الرئيس يتفاهم مع شعبه.. لستم أوصياء عليه ولا علي شعب مصر ولن تحددوا مسار البلاد.. نقطونا بسكاتكم.. فهذا أفضل عند الله وأسلم لمصر المحروسة ولشعبها الواحد الذي سيظل في رباط إلي يوم الدين.. شئتم أم أبيتم. حفظ الله مصر وشعبها.. وجيشها وقضاءها.. من كل سوء.. آمين يارب العالمين. موقف محترم.. * رغم رفضي التام تعيين المهندس عادل أسعد الخياط محافظاً للأقصر بسبب خلفيته الأيديولوجية.. إلا أن الأمانة تقتضي ان أوجه إليه التحية علي موقفه المحترم هو والجماعة الإسلامية. الخياط عندما وجد أهالي الأقصر رافضين له.. لم يستعن بأنصاره لكي يدخلوه مبني المحافظة بالقوة وفوق الدم.. وكان في إمكانه ان يفعل ذلك مثلما فعل غيره.. بل أعلن أنه عائد إلي منزله بسوهاج مؤكداً أنه لن يدخل الأقصر إلا بموافقة المعارضين له. والجماعة الإسلامية كان في إمكانها ان تحتشد بالسلاح وتحمي "رجلها" وتدخله مبني المحافظة مثلما فعل الغير.. لكنها رفضت ذلك وأمرت انصارها بترك ميدان أبوالحجاج الأقصري والعودة إلي بيوتهم حقناً للدماء. هكذا تكون المسئولية.. شكراً