في الماضي القريب كنا نسعي إلي زيادة حصة مصر من المياه الثابتة منذ اتفاقية عام 1959 وما قبلها.. واليوم نبحث عن الحفاظ علي النسبة التي تحصل عليها وهي 55.5 مليار متر مكعب!! هذه هي الحقيقة المرة التي نعيشها بعد أن بدأت أديس أبابا الخطوات التنفيذية لبناء سد النهضة.. وهو الأمر الذي يؤدي إلي التحكم في نسبة المياه بمعني ان محبس المياه سيكون في اثيوبيا!! أين كنا منذ أكثر من سنتين عندما بدأ الأثيوبيون في إجراءات العمل بهذا السد..؟! لم نتحرك في الاتجاه الصحيح وانشغلنا بالانشقاقات والخلافات الحزبية بعد ثورة 25 يناير.. وعندما ذهب الوفد الشعبي إلي اثيوبيا لم نتحرك أيضا لاستغلال هذه الزيارة حتي وقعت الفأس في الرأس!! انه اختبار حقيقي للإرادة المصرية فهذا السد كما هو معلن واحد من أربعة سدود من المقرر اقامتها وسوف ينتهي العمل به عام .2015 الجانب الاثيوبي من جانبه يلعب عنصر الوقت للانتهاء من الانشاءات ووضعنا أمام الأمر الواقع.. فهل نسلم أم نتحرك بشكل علمي وعملي حتي لا يكتمل المشروع قبل أن تتم دراسته الدراسة الكافية التي تمنع إثارة السلبية علي بلادنا؟!.. وقد أهملنا المفاوضات الجادة حتي بدأت الخطوات التنفيذية لبناء السد علي أرض الواقع رغم اننا نعلم مسبقا ان اثيوبيا رفضت الاعتراف بحصة مصر وهي 55.5 مليار متر مكعب وتري انها مجحفة لحقوق دول حوض النيل.. وهو أمر غاية في الخطورة يجب أن نتنبه له علي كل المستويات. مصر مازالت منقسمة علي نفسها ومشغولة بقضايا داخلية في أمور التكويش والتمكين وننسي جميعا ان العطش قادم لنا وللأجيال القادمة واننا نجرم في حق هذه الأجيال إذا لم نتحرك بشكل ايجابي لوقف عملية البناء لحين الانتهاء من المفاوضات حول دراسة تأثيرات هذا السد والبدائل المقترحة التي تضمن طموحات الجانب الاثيوبي في توليد الكهرباء.. وأيضا الحفاظ علي الحقوق التاريخية لمصر في المياه وان مصر هبة النيل حيث ستكون النتائج كارثية بمعني الكلمة. الحق هنا يجب أن تسانده القوة.. وهي ليست بالضرورة قوة عسكرية كما يتصور البعض لأن التدخل العسكري ليس في صالح أحد.. بل انه ليس مقبولا ولا معقولا لأسباب كثيرة ومتنوعة وهو ما أكده خبراء الاستراتيجية العسكرية ردا علي بعض الأصوات الشبابية المطالبة بذلك. ولكن الحق هنا يجب أن تسانده قوة اقتصادية وسياسية ومواقف اقليمية انطلاقا من دور مصر وثقلها الشعبي والتاريخي وموقعها الجغرافي.. بمعني اننا يجب أن نفيق مما نحن فيه من تشرذم ونتوحد علي قلب رجل واحد لتعود مصر قوية في الرأي والقرار ومواجهة المواقف قبل أن يستفحل الخطر ونفاجأ بدول أخري تقيم المزيد من السدود وبالتالي ندخل في الجفاف والعطش وتصبح حرب المياه في المنطقة والتي سمعنا عنها منذ أكثر من 30 سنة وكنا نتعجب من اطلاقها واقعا. اننا نعاني الآن مشاكل في الفجوة الغذائية بين ما هو منتج وما نحتاج إليه.. كما نعاني من مشاكل في الكهرباء التي تتزايد احتياجاتنا منها وعدم وصول المياه لنهايات الترع.. وتؤكد الأرقام اننا وصلنا إلي حد الفقر المائي حيث وصل نصيب الفرد إلي 625 مترا مكعبا فقط وحد الفقر العالمي أكثر من ألف متر.. فماذا نحن فاعلون إذا فقدنا 9 مليارات متر مكعب من حصتنا المائية إذا تم تنفيذ هذا السد كما يقرر الخبراء؟!.. وهو الأمر الذي يؤدي إلي بوار مليوني فدان أرض زراعية وتشريد 25% من الفلاحين وتخفيض قدرات توليد الكهرباء من السد العالي.. وما يترتب علي ذلك من تداعيات في كل المجالات لاستصلاح الأراضي أو الاستثمارات الصناعية فضلا عن المزيد من التراجع في نصيب الفرد من المياه!! الكارثة تحتاج حركة سريعة تعتمد علي توحيد الرؤي مع السودان والاتفاق بين القوي السياسية المصرية وتأكيد العلاقات الطيبة بين البلدين أقصد اثيوبيا ومصر خاصة ان اللجوء إلي التحكيم الدولي في هذه القضية يحتاج إلي موافقة الأطراف المختلفة.. فهل نفعل أم نظل ندور وندور حول أنفسنا والآخرون ينفذون برامجهم علي أرض الواقع لنفاجأ بالعطش علي أرض الواقع؟! علينا أن ندرك ان هناك لاعبين لهم مصالح في إعادة رسم المنطقة من جديد ولابد أن نظهر اننا نستطيع حماية مصالحنا والدفاع عنها والتأثير بإيجابية لدي كل الأطراف ولا نضع أيدينا علي خدودنا انتظارا للمصير المحتوم. فضلا عن ذلك فإن الأمر يتطلب التعامل بحزم مع عمليات الاعتداء علي نهر النيل بالردم وتلويث المياه.. وأيضا مواجهة عمليات الاسراف في الاستخدام سواء بغسل الشوارع بمياه الشرب أو الرأي بالغمر وكلها أساليب يمكن أن تساعدنا في مواجهة الأيام الصعبة القادمة.. فهل نفعل؟! لقطات: ** قال د. محمد بهاء الدين وزير الري ان مصر لن تقبل بأي تهديد للموارد المائية. مشيرا إلي ان رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل مليس زيناوي أكد ان بلاده لن تسمح بانتقاص حصة مصر من الماء ولو بمقدار كوب. * الكلام حلو!! ** قال السفير علي حفني نائب وزير الخارجية للشئون الافريقية عقب لقائه بالسفير الاثيوبي بالقاهرة محمود درير ان التفاهم مفتاح الخارجية للتعامل مع أزمة سد النهضة. * عين العقل. ** لجان الشئون العربية والدفاع والصناعة والطاقة والزراعة والشئون الأفريقية بالشوري تعقد غدا اجتماعا مشتركا لبحث تداعيات بناء السد. * خلونا نشوف النتائج. ** قال الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والانتاج الحربي ردا علي حق التصويت لأفراد الجيش: القوات المسلحة لن تنجر إلي معترك السياسة. * يسلم "فمك".