أحمد علي منصور.. شاعر متميز من الأصوات الشعرية ذات الملمح الخاص والتجربة الثرية التي استطاعت أن تشق لها طريقاً خاصاً متفرداً عبر لغة راقية. وتجربة شعرية أصيلة بعيدة عن التقليد. لما يمتلكه من موهبة ومفردات غاية في العذوبة والرقة ومعاناة في الاقتناص دون الركون إلي الصور الجاهزة والقوالب الجامدة المتكررة. صدر له ديوان "مخربشات الأودية البهيمة" الذي ظل يؤخر نشره حتي اكتمال ملامح مشروعه الشعري وحسم رؤاه ومواقفه تجاه الذات والعالم وقضايا عصره. له تحت الطبع عدة دواوين منها: أحلام الطفل الأخطل. أضغاث آلام. قصار الصور. هنا مات هذا الغريب. الوصايا. أمنيته أن تكتمل ملامح مشروعه الشعري في التعبير عن تجربته الإنسانية. لتكون شهادة وكلمة حق يقولها قبل الرحيل. إيماناً منه بأن الشعر هو بقعة الضوء في هذا العالم. وهو سبيلنا للتطهر والخلاص بالاعتراف والبوح. ويري أن مشروعه يسير في اتجاهات. بعضها فني وهو التأكيد علي أن اللغة والإيقاع هما الشعر. والفكري مكرساً للتعبير عن العالم الجديد بسماته المختلفة. وتوحشها في تدمير الإنسان روحاً ووجداناً ويري أن أزمة النشر قضية لا تنحصر في معاناة الكاتب في نشر أعماله. وضعف العوائد المادية. ووجود العديد من السلاسل الحكومية ومشكلات طول الانتظار. ولابد من تقييم التجربة ووضع الحلول الممكنة لتجنب عثراتها. وملاحقة عجلة الإنتاج الإبداعي والنقدي الجاد. إلي جانب التجارب المشرقة الواعدة كي لا تتراجع وتنزوي تحت وطأة الإحساس بالغبن والإهمال. يقول منصور تعلمت الشعر علي يد القدر. الذي جعلني علي هذه الهيئة الوجدانية. ودبر لي مقاديري مع الكلمة حيث كان جدي لوالدتي مثقفاً يقتني الكتب. وكان أبي رجلاً مثقفاً مغرماً بالتاريخ والنقد السياسي رغم أنه متوسط التعليم. مما زرع في وجداني الإحساس المبكر بالمسئولية كإنسان ملتحم بقضايا الوطن والعالم. وكنت أحب اللغة العربية منذ الصغر. ثم تسرب جلال القرآن إلي وجداني. لغة وتراتيل ومعاني. فكان ذلك طريقي إلي الكلمة الشاعرة. لأجدني أنشد الشعر في بداية المرحلة الثانوية. وبدأت بفاروق جويدة. وتعلمت عذوبة اللفظ والإيقاع. ونعومة التركيب. وجمال الصورة. وقراءتي لأحمد شوقي. ومدرسة أبوللو. خاصة إبراهيم ناجي. فانجرفت إلي الوجدانية المفعمة بالصدق والمعاناة الروحية. إلي جانب التشبع بألق اللغة والإيقاع. وسعيت لقراءة الشعر الحديث واستغرق ذلك سنوات من التعمق في البحوث اللغوية نحواً وصرفاً وبلاغة وفقهاً وأصواتاً وألفاظاً. ودراسات حول موسيقي الشعر. وحرصت علي متابعة المنجز الشعري الحديث. بما في ذلك شعر النثر. لكن نازك الملائكة. وأمل دنقل. ونزار قباني. ومحمود درويش. وعفيفي مطر. وأحمد عبدالمعطي حجازي. ومحمد إبراهيم أبوسنة. ومحمد محمد الشهاوي. هم الآباء الشرعيون لكتاباتي الجديدة. فلا أنكر فضلهم في تفجير طاقات إبداعية جديدة في دمي الشعري. مع محاولاتي الدءوبة لاصطناع صوتي الخاص. لأن أمثال هؤلاء لا يتكررون. ولا يمكن لشاعر أن يكون امتداداً لأحد منهم.