تكريما وتقديرا لعطاء الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر أبرز شعراء جيل الستينيات أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة أعماله الكاملة ضمن إصدارات سلسلة الأعمال الكاملة التي يرأس تحريرها سعد عبدالرحمن. وتعد المرة الثانية التي تصدر فيها الأعمال الشعرية الكاملة لهذا الشاعر المصري الكبير الذي لقبه الكثيرون من المبدعين والنقاد بالشاعر المنسي أو المغيب حيث صدرت أعماله الكاملة في المرة الأولي عند دار الشروق عام .2000 وتضم الأعمال الشعرية لعفيفي مطر التي صدرت في أربعة أجزاء 19 ديوانا هي مجموع ما قدمه للمكتبة الشعرية العربية ويحتوي الجزء الأول أربعة دواوين هي "من مجمرة البدايات" و"الجدع والقمر" و"من دفتر الصمت" و"يتحدث الطمي" ويحتوي الجزء الثاني علي أربعة دواوين أيضاً هي "ملامح من الوجه الأجنبية وقليس" و"رسوم علي نشرة الليل" و"كتاب الأرض والدم" و"شهادة البكاء في زمن الضحك". ويحتوي الجزء الثالث علي أربعة دواوين هي "والنهر يلبس الأقنعة" و"رباعية الفرح" و"انت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت" و"فاصلة إيقاعات النحل" ويضم الجزء الرابع والأخير 7 دواوين هي "احتفاليات المومياء المتوحشة" و"المنمنمات" و"معلقة دخان القصيدة" و"صيد اليمام" و"ملكوت عبدالله" و"يقين الرمل" و"فخاريات تذروها الرياح". والمعروف ان محمد عفيفي مطر قد ولد بمحافظة المنوفية عام 1935 وتخرج في كلية الاداب قسم الفلسفة جامعة القاهرة وحصل علي جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 1989 ثم حصل علي الجائزة التقديرية عام 2006 وقد تنوعت مجالات عطاءاته بين المقالات النقدية وقصص الأطفال وترجمة الشعر وفاز بجوائز عديدة منها جائزة سلطان العويس 1999 وشهد النقاد له بأنه استطاع أن يقدم صيغة مبدعة لعلاقة الشاعر المثقف بالسلطة وافرازاتها وهيمنتها وما تضعه حولها من نخب تتبني وتردد أطروحاتها. خالقة بذلك ظلاما كثيفا يمنع الرؤيا ويغتال البصيرة. ولهذا كانت مفردة "الظلام" من أكثر المفردات تكرارا في دواوين مطر. مدللا علي أن هذه الظلمة التي يسميها جحيما. لم تكن لحظة حزن فحسب إنما كانت لحظة معيشة في تاريخه الإبداعي تؤكد مكابدته ومعاناة. وقد رأي النقاد ان عفيفي مطر في إبداعه استطاع أن يري الأشياء من جديد ويقرأ التاريخ بعيون وروح جديدة أو بنظرية جديدة هي "الخوف من الخوف" وما بين الظلام والخوف يكون الموت. وفي ظل هذه الكآبة والقتامة تولد قصيدة عفيفي مطر لتضج بالألم والفزع والكوابيس. وقد غيب الموت هذا المبدع المتفرد في ليلة الاثنين 28 يونية العام الماضي ليرحل عنا جسدا مخلفا لنا كثيرا من المنمنمات والاحتفاليات والدخان والملكوت اللا نهائي من نزيف الجوارح المبدعة. وها نحن نردد من بعده كلماته: ما من سكة لتراب أهلك غير ما انتقشت به/الحصباء من دمك الذي انهملت/ خطاه علي خطاك/ وللرحيل إلي دمائك.. من دمائك نجمة تهديك/فارحل. المؤسف ان سلسلة الأعمال الكاملة اكتفت بتجميع أعمال عفيفي مطر الشعرية وإصدارها في أربعة أجزاء دون أن تضيف كلمة عن مسيرة حياة وتاريخ وعطاء هذا المبدع الكبير الذي سوف تتنفس شعره الأجيال القادمة.