الولايات المتحدةالأمريكية ليست دولة صغيرة أو متخلفة بحيث تصدر عنها أخبار تهز العالم ثم تتراجع عنها بأسلوب هزلي يثير الاشمئزاز وتهز مصداقيتها وتجعل العالم يسخر من مسئوليها الذين يدلون بهذه التصريحات. الولاياتالمتحدة أذاعت خبرا عن ثروة الرئيس السابق حسني مبارك. ولم يكن هذا الخبر صادرا عن مصدر مجهول أو عن موظف صغير في بنك من البنوك أو مراسل لصحيفة من صحف الإثارة. ولكنه صادر عن شخصية من أهم الشخصيات المسئولة والمعدودة في اكبر دولة في العالم وهو السيناتور جون كيري رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي. جون كيري قال بالأمس القريب: إن ثروة الرئيس السابق حسني مبارك في الولاياتالمتحدة وحدها تقدر ب31 مليارا ونصف المليار دولار تتمثل في عقارات وأرصدة بنكية في عدد من الولاياتالأمريكية وأن واشنطن قامت بتجميد هذه الأموال بناءً علي طلب السلطات المصرية. الخبر بالطبع أحدث دوياً هائلاً في العالم. خاصة في مصر حيث كثرت الأقاويل عن ثروة الرئيس وأسرته وأحدث مزيداً من الغضب لدي الرأي العام المصري الذي ثار ضد الرئيس السابق وسياساته وتمسكه بالحكم علي مدي 30 عاما.. وتناولت الأقلام المصرية -ومنها صاحب هذا القلم- الخبر بالتعليق والهجوم الشديد علي شخص الرئيس السابق. ثم فوجئنا بالأمس بأن مكتب جون كيري يكذّب هذا الخبر ويقول: إن السيناتور الأمريكي لم يكن يقصد ثروة الرئيس السابق حسني مبارك. وإنما يقصد العقيد معمر القذافي رئيس ليبيا الذي يواجه هو الآخر ثورة شعبية الآن. ما هذه البلبلة؟! وما هذا التضارب والتناقض؟! هذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أن أمريكا ممثلة في هذا السيناتور تحاول خداعنا وتخفي عنا كثيرا من الحقائق. أو أن هذا السيناتور رجل جاهل ويتمتع بأمية سياسية رغم أنه كان مرشحا في يوم ما ليكون رئيسا لأمريكا.. وبهذا فإنه يستحق الفشل الذريع الذي مني به في الانتخابات الرئاسية. الغريب أن الخبر الذي أذيع من أمريكا عن ثروة الرئيس السابق لم يصدر عن جون كيري وحده. وإنما صدر أيضا عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بي. جي. كراولي وبنفس الرقم الذي صرح به جون كيري. الأمر الذي يثير التساؤل أيضا حول الهدف من اذاعته من مصدرين معروفين ورسميين ثم التراجع عنه ونفيه بهذه الصورة المثيرة للسخرية. لقد أصدر مكتب الرئيس السابق حسني مبارك بيانا -كما ذكرت صحيفة الأهرام نقلاً عن صحيفة القدس العربية اللندنية- نفي فيه هذا الخبر وأعلن أنه سيقاضي السيناتور الأمريكي جون كيري وقناة الجزيرة القطرية التي أذاعته. وجاء في البيان ان الرئيس السابق وأسرته لاحظوا ان الادعاءات الكاذبة والباطلة التي تصدر ضدهم وعن ثروتهم بدأت تأخذ منحي جديداً لم يعد من الممكن السكوت عليه ووصل إلي درجة من الهزلية المتعمدة للإساءة البالغة للسيد الرئيس السابق وأسرته. ولذلك تقرر: * اتخاذ كافة الاجراءات القانونية لرفع دعاوي ضد كل من قناة الجزيرة والسيد جون كيري وأي وسيلة اعلامية أخري ستستمر في نشر هذه الأكاذيب. * سيكون هذا إجراءً أولياً تتبعه إجراءات أخري متلاحقة ضد كل من يحاول المساس بشرف الرئيس السابق ونزاهته والتوضيح للشعب المصري أنه وأسرته لم يستغلوا نفوذهم بأي صورة. وأن اقرار الذمة المالية النهائي المقدم من الرئيس السابق لا يوجد به أي أخطاء وأنه يعبر عن الواقع. وسوف تتم ملاحقة مقدمي البلاغات الكاذبة تباعا في الأيام القادمة. بقي أن أقول انني أنشر هذا البيان قاصدا لأنني أحد الذين علقوا علي الخبر الذي أذاعه جون كيري وبي. جي. كراولي. وأنني أريد أن أحق الحق ولا شيء غير ذلك. ومن هنا فإننا نطالب بضرورة اذاعة. واعلان اقرار الذمة المالية للرئيس السابق وأفراد أسرته حتي يكون الشعب علي علم بالحقيقة الكاملة منعاً للالتباس أو التشويه لسمعة أي إنسان. ونريد أن نعرف علي وجه اليقين هل طلبت الجهات المسئولة في مصر من الدول الأجنبية أيا كان اسمها أو موقعها الجغرافي بيانا حول ما إذا كان للرئيس السابق وأسرته أموال لديها أم لا؟! الصراحة واجبة ومطلوبة في هذه الأمور منعا للبلبلة واللغط والحفاظ علي السمعة ووضع الأمور في نصابها الصحيح.