يستطيع أي مشاهد للتليفزيون المصري بكل قنواته أن يرصد الحالة المتردية التي وصلت إليها برامجه.. حالة إن دلت علي شيء فإنها تدل علي أنه.. يدار بشكل عشوائي لا هدف ولا رسالة له.. في البداية قبل 25 يناير كانت هناك قوائم بأسماء بعينها ممنوعة من الظهور علي الشاشات وقوائم علي العكس.. بعد 25 يناير أتحدي أن يري أحد أياً من الوجوه السابقة علي الشاشة. حيث استبدلت القوائم. من كان ممنوعاً أصبح مسموحاً له. والعكس.. ويخشي من يفكر مجرد التفكير في استضافة أي من الوجوه القديمة حتي لا يتهم بأنه ضد الثورة وبعد الثورة فتحت الأبواب علي مصراعيها في جميع البرامج والقنوات للشباب بصورة مبالغ فيها جداً.. كانوا يستدعون الفاهم منهم والمتطاول والأحمق والواعي دون فرز لأفضلهم.. وبالغ المذيعون في تدليل البعض بصورة مستفزة استفزت المشاهدين وقليل من المذيعين كان يتخير وينتقي من يمثل أفكار هذا الشباب الواعي تماماً. بعد ذلك جاءت مرحلة تالية تم فيها استبعاد هؤلاء الشباب وكأنها كانت تمثيلية وانتهت. فوجئ الشباب بعدم استدعائهم من تلك البرامج مثلاً للإدلاء بالرأي في الاستفسار ومدي قبولهم لفكرة تعديل بنود من الدستور من عدمه. بالأمس القريب حضرت ندوة معهم.. أعربوا فيها عن استيائهم لإلغاء الدعوات التي كانت توجه لهم لحضور المناقشات حول تلك التعديلات أعلنوا أيضاً رفضهم التام لها وهددوا بالعودة لميدان التحرير في حالة فرض الرأي عليهم.. معربين عن مخاوفهم من الالتفاف علي مبادئ الثورة بتغيير كامل الدستور. ونعود لرصد الواقع التليفزيوني الغريب.. فنجد القنوات تتسابق علي لقاءات مع الخارجين من السجن "خيرت الشاطر" ومن بعده "عبود وطارق الزمر".. لم أتخيل أن يفرد التليفزيون المصري في برنامج مصر النهارده ساعة كاملة علي التليفون مع عبود الزمر. وفي اليوم التالي فقرة كاملة مع العاشرة مساء.. بأفكاره المتناقضة حول مسألة "قتل النفس" وتحليله للتخطيط لقتل الرئيس السادات. ثم يقول إذا كان قتل السادات قد أدي لوجود مبارك. فهذا خطأ غير مقصود.. لقد اعتبر القتل مجرد خطأ غير مقصود.. ولأننا لسنا هنا في مجال لنقول من هو الرئيس السادات ومن هو عبود الزمر.. فلن أطيل.. وهناك الكثير من النماذج ولن أستطرد في ذلك كثيراً.. كل ما أرجوه أن تكون هناك خطط وأهداف وخطوط عريضة للإعلام المصري.. وكفانا تخبطاً.. ولنعلم أنه إذا كان الشعب المصري ليس جميعه يشتري الصحف.. فإن جميعه يري ويشاهد التليفزيون وبرامجه.. التليفزيون يحتاج لعقل يديره بما يرضي الله وبما يحقق مصلحة الوطن.. لا أن يسهم في إرباك المشاهد العادي وزعزعة أفكاره وتخبطه.. ليقف حائراً ولا يعرف أي من الفريقين يمضي معه. أتمني أن تكون هناك خطوات جادة بحيث تكون هناك رؤية إعلامية واضحة.. ولنترك كل إنسان في تخصصه.. أستاذ الجامعة يتحدث عن التعليم ومشاكله.. والمحافظ ورئيس الحي عن حدود اختصاصاته ورؤيته لمواجهة التطوير.. وهكذا رجل الدين والأحزاب المختلفة. بحيث لا نري شخصاً واحداً يستولي علي كل المناصب. ويتحدث باسم الجميع.. لأنه قد انتهي هذا العصر للأبد.