المتحدة    "الكهرباء" تعلن مواعيد تخفيف الأحمال خلال امتحانات الثانوية العامة    الداء والدواء    شكري يستعرض مع نظيره الإيراني الجهود المبذولة لوقف الحرب على غزة    السفاح يكسب الوقت !    أستاذ قانون دولي ل«الحياة اليوم»: أمريكا تتوحش في معاملة الجنائية الدولية وترهب القضاة    رئيس الجمعية الوطنية بكوت ديفوار يستقبل وفد برلماني مصري برئاسة شريف الجبلي    حسام حسن: سعيد بتواجد صلاح ولدي ثقة في جميع اللاعبين    مصدر أمني: العثور على جثة السعودي المتغيب ولا شبهة جنائية حول الواقعة    وزير الطاقة ونائب أمير مكة يتفقدان استعدادات موسم حج 1445    فيديو.. محمد شاهين يطرح أغنية "ملعونة المشاعر"    إيرادات "تاني تاني" تتخطى 15 مليون جنيه بالسعودية خلال 6 أيام    نور تحكي تجربتها في «السفيرة عزيزة» الملهمة من مريضة إلى رائدة لدعم المصابين بالسرطان    أمين فتوى بقناة الناس: الدعاء مستجاب فى هذا المكان    هل يجوز ادخار الأضحية دون إعطاء الفقراء شيئًا منها؟ الإفتاء ترد    إنقاذ حياة كهربائي ابتلع مسمار واستقر بالقصبة الهوائية ببنها الجامعي    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الأوغندية سبل التعاون في القطاع الصحي    «التخطيط»: 150 مليار جنيه لتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع «حياة كريمة»    الخارجية الروسية: العقوبات الغربية لم تتمكن من كسر روسيا وفنزويلا    بيلينجهام مهدد بالغياب عن ريال مدريد في بداية الموسم الجديد    أميرة بهى الدين تستضيف أكرم القصاص فى "افتح باب قلبك" الليلة    فوز الدكتورة هبة علي بجائزة الدولة التشجيعية 2024 عن بحث حول علوم الإدارة    تعليق جديد من مي عز الدين بشأن أزمة والدتها الصحية    أمين الفتوى بقناة الناس: الدعاء مستجاب فى هذا المكان    الداخلية: إبعاد سوريي الجنسية خارج البلاد لخطورتهما على الأمن العام    هانز فليك يحدد موقفه من استمرار فيكتور روكي مع برشلونة    متى تبدأ الليالي العشر من ذي الحجة؟ «الإفتاء» تجيب    خالد الجندي: الفتوى تتغير باختلاف الزمان.. يجب الأخذ بما ينفعنا وترك ما لا يصلح لنا    جامعة المنصورة تتقدم 250 مركزًا في تصنيف QS البريطاني    «الصحة العالمية»: القاهرة تنفذ أكبر برامج الفحص والعلاج ل «الكبدى الوبائى»    «الأطباء» تعلن موعد القرعة العلنية ل«قرض الطبيب» (الشروط والتفاصيل)    بفرمان كولر.. الأهلي يستقر على ضم 3 لاعبين في الصيف الجاري    السبت أم الأحد؟.. موعد الوقفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    تعليق مثير من مدرب إشبيلية بشأن ضم أنسو فاتي    رحلة البحث عن الوقت المناسب: استعدادات وتوقعات لموعد عيد الأضحى 2024 في العراق    القومي لحقوق الإنسان والأعلى للثقافة يناقشان تعزيز قيم المواطنة    آخرهم أحمد جمال.. نجوم الفن في قفص الاتهام    "معلومات الوزراء": التقارير المزيفة تنتشر بسرعة 10 مرات عن الحقيقية بمواقع التواصل الاجتماعي    الجريدة الرسمية تنشر قرار محافظ الجيزة باعتماد المخطط التفصيلى لقرية القصر    الامارات تلاقي نيبال في تصفيات آسيا المشتركة    تجديد تكليف سامية عبدالحميد أمينا عاما لجامعة بنها الأهلية    وزير الري يبحث مشروعات التعاون مع جنوب السودان    «القومية للأنفاق» تعلن تركيب بوابات زجاجية على أرصفة مترو الخط الرابع    حزمة أرقام قياسية تنتظر رونالدو في اليورو    تكريم الطلاب الفائزين فى مسابقتى"التصوير والتصميم الفنى والأشغال الفنية"    يتناول نضال الشعب الفلسطيني .. عرض «علاء الدين وملك» يستقبل جمهوره بالإسماعيلية    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة في القاهرة والجيزة    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن الحكومة الجديدة رسالة طمأنة للمواطن    محافظ القليوبية: تطوير ورفع كفاءة 15 مجزرًا ونقطة ذبيح    وزارة العمل تعلن بدء اختبارات الشباب المتقدمين لفرص العمل بالإمارات    مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح الأحكام المتعلقة بحج المرأة (التفاصيل)    مندوب فلسطين الدائم ب«الأمم المتحدة» ل«اليوم السابع»: أخشى نكبة ثانية.. ومصر معنا وموقفها قوى وشجاع.. رياض منصور: اقتربنا من العضوية الكاملة بمجلس الأمن وواشنطن ستنصاع لنا.. وعزلة إسرائيل تزداد شيئا فشيئا    لإحياء ذكرى عمليات الإنزال في نورماندي.. الرئيس الأمريكي يصل فرنسا    محافظ كفر الشيخ يتفقد موقع إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    في 9 محافظات.. وزير الصحة يطلق المرحلة الثانية لمبادرة الكشف عن الأورام السرطانية    بتقرير الصحة العالمية.. 5 عناصر أنجحت تجربة مصر للقضاء على فيروس سي    رئيس إنبي: اتحاد الكرة حول كرة القدم إلى أزمة نزاعات    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من «السباعي» إلي «المهدي» الجيش لايزال يحكم «ماسبيرو»؟!
طارق الشناوي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 08 - 03 - 2011

الصبغة العسكرية هي التي تسيطر الآن علي مبني الإذاعة والتليفزيون.. "طارق المهدي" هو الذي يحكم حالياً "ماسبيرو" يعقد الاجتماعات ويراجع الأجور الفلكية التي حصل عليها عدد من أصحاب الحظوة من الإعلاميين والصحفيين والفنانين والفنيين في التليفزيون ويناقش الأسئلة التي تطرح في البرامج ويقترح أسماء الضيوف.. لقد تم تعيين اللواء طيار "طارق المهدي" من قبل رئيس الوزراء الفريق "أحمد شفيق" وبتعضيد من القوات المسلحة قبل أن يتقدم "شفيق" باستقالته إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة وذلك بسبب خلو مبني الإذاعة والتليفزيون من القيادات بعد إلغاء منصب وزير الإعلام واستبعاد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون "أسامة الشيخ" المحبوس الآن احتياطياً!!
وبرغم تعيين د. سامي الشريف رئيسا للاتحاد إلا أن السلطة الأعلي لاتزال في يد الحاكم العسكري بماسبيرو. ملحوظة: سامي الشريف مع كل التقدير الشخصي له، لكنه هو الذي أشرف علي تزوير نتائج لجان التحكيم في مهرجان الإذاعة والتليفزيون عام 2007 ولكن هذه حكاية أخري سوف نعود إليها بالتفصيل.
الحقيقة هي أنه لا يزال الإعلام الرسمي يشكل قوة للدولة، وحكومة تسيير الأعمال لا يمكن أن تستغني عن الإعلام الذي يتحدثون كثيراً عن استقلاله.. صحيح أن القنوات الخاصة المصرية تتمتع الآن بحرية غير مسبوقة ولكن لا أحد يستطيع أن يقول إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليست لديه قنوات تواصل مع تلك القنوات، أما في التليفزيون الرسمي فإن الإشراف الكامل لا يزال هو المسيطر علي الحالة الإعلامية ولا أتصور علي الأقل في هذه المرحلة الانتقالية من عمر الوطن أنه من الممكن أن نري إعلام الدولة مستقلاً كما ينبغي أن يكون الاستقلال.. الحقيقة تؤكد أن هذا الاستقلال لا يزال حلماً نتمناه حققنا بعضه فقط والدليل مثلاً أن برنامج "مصر النهارده" أقوي البرامج الذي استندت إليه الدولة في دعمها إعلامياً طوال السنوات الخمس الأخيرة لا يزال هو البرنامج الأول الذي تلجأ إليه الدولة لتوصيل رسائلها للناس من خلال حكومة تسيير الأعمال والمأزق الأخير الذي تعرض له البرنامج والذي أدي إلي استقالة "محمود سعد" عن البرنامج وأياً ما كانت الحقيقة وراء انسحاب "محمود" هل السبب هو فرض "أحمد شفيق" - رئيس الوزراء الذي استقال - كضيف علي "محمود سعد" وهو علي المقابل رفض استضافته ولهذا استقال أم أنه تقدم باستقالته لأسباب متعلقة بتخفيض أجره بنسبة 80% فقرر أن يخرج بطلاً كما تعمد "شفيق" أن يذكر ذلك لا ندري ما هي الحقيقة؟!
المؤكد بالنسبة لي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة كانت لديه رغبة حتي صباح يوم الخميس الماضي في الإبقاء علي "شفيق" وأن الحلقة الأخيرة من برنامج "بلدنا بالمصري" علي قناة ONtv والتي استضاف فيها "يسري فودة" و "ريم ماجد" كلاً من "علاء الأسواني" و "حمدي قنديل" و"نجيب ساويرس" في مواجهة مع "أحمد شفيق" والتي بدأت بجزء أول هادئ مع "عمرو حمزاوي" و "د. كمال أبو المجد" هذه الحلقة التي اقترب زمنها من أربع ساعات كانت هي المحاولة الأخيرة لإنقاذ "شفيق" لأن المطلوب هو محاولة إجهاض المظاهرة التي كان مزمع إقامتها لإقالته.. حاول "ساويرس" بتواجده في البرنامج الوصول إلي هذا الهدف الذي تنبه له جيداً "علاء الأسواني" و "حمدي قنديل" ولهذا كانت تطول أحياناً مساحة الفواصل في البرنامج وعندما تغيب الكاميرا من الممكن أن يتم الاتفاق علي تخفيف لهجة الانتقاد مثلاً وذلك من أجل الوصول إلي هذا الهدف الذي يبقي علي "شفيق" لأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة كان يري في تواجده حلاً مرحلياً هناك توافق عليه من القوات المسلحة السلطة الفعلية التي تحكم حالياً مصر ولكن إصرار "الأسواني" و"قنديل" علي موقفهما بالإضافة إلي انفلات كلمات غاضبة من "شفيق" تجاه "الأسواني" والعكس أيضاً كل ذلك عجل بضرورة استقالة "شفيق" وهذا يؤكد علي أن الشعب لا يزال هو المسيطر علي الموقف وأن سلاح المظاهرات المليونية هو القادر علي فرض الأمر الواقع.. الشعب انتصر في هذه المعركة أيضاً ولم تفلح المحاولة الأخيرة لإنقاذ "شفيق" التي كانت ساحتها هي الإعلام الخاص!!
إذا كان المجلس الأعلي يدرك أهمية الإعلام المصري الخاص فإنه ولا شك يعتبر أن إعلام الدولة هو الذي من الممكن أن يصبح هو المعبر الأول عن قناعاته ولهذا فإن إشراف اللواء "المهدي" علي مجريات الأمور في الإعلام تستطيع أن تري في جانب منها رغبة من القوات المسلحة ليظل لديها سلاح في يديها.. لقد صاحب قرار استقالة "محمود سعد" من برنامج "مصر النهارده" وبعد كشف الأوراق اتضح أن هناك مثلاً من اعترض علي استضافة "د.عبد المنعم أبو الفتوح" الذي اتفق معه "محمود" في نفس البرنامج وذلك بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين التي كان إعلام الدولة الرسمي يطلق عليها "المحظورة" أي أن المنطق القديم لا يزال صوته عالياً والذي كان يضع قوائم نطلق عليها سوداء تحدد من هو مسموح ومن هو ممنوع!!
لماذا اللجوء إلي ضابط لإدارة المبني مع كل التقدير بالطبع لرجال القوات المسلحة إلا أن العمل الإعلامي يحتاج إلي رؤية أخري خاصة وتفاصيل العمل في الإذاعة والتليفزيون بحاجة إلي خبرة ومهنية لحل المشكلات التي تواجه العاملين في المبني ولا أتصور أن الضابط "طارق المهدي" لديه هذه الصلاحية وعادة في مثل هذه الأحوال يلجأ الضابط الكبير إلي من يساعده من أجل الإلمام بتلك التفاصيل ولا ندري علي أي أساس يتم في هذه الحالة إصدار القرارات التي تتعلق بحرفية العمل في مجال الإعلام؟!
بالتأكيد فإن الجيش ظل متواجداً وعلي مدي يقترب من 60 عاماً في الإعلام وذلك منذ صباح يوم إعلان ثورة 23 يوليو 1952 كانت الإذاعة المصرية هي الهدف وهكذا ذهب المقدم "أنور السادات" إلي مبني الإذاعة المصرية في الصباح الباكر وألقي البيان الأول للثورة وبعد أسابيع قلائل تم إسناد منصب رئيس أركان الإذاعة إلي أحد رجال الصف الثاني في الثورة وهو المقدم "عبد المنعم السباعي" ولم يتم اختياره عشوائياً ولكن كان "عبدالمنعم السباعي" يكتب الشعر وله العديد من الأغنيات الشهيرة مثل "أروح لمين" التي غنتها "أم كلثوم" و "أنا والعذاب وهواك" غناء "عبد الوهاب" و "بياع الهوي راح فين" لعبد المطلب وغيرها من الأغنيات وهكذا فإن الدولة أسندت له منصبا فنيا استناداً إلي ولائه العسكري أولاً وثانياً لهوايته في كتابة الشعر لأنهم رأوا أنه من الممكن أن يتواصل أكثر مع رجال الإذاعة لأن بينهم بالتأكيد قواسم مشتركة!!
وبالطبع مع الزمن لم يعد يحكم الإذاعة عسكريون ولكن مدنيون إلا أن ولاءهم دائماً للسلطة وليس للمهنية ولهذا صار تعبير القوائم السوداء أحد القرارات الملتصقة بالإعلام طوال تاريخه وامتدت من إعلام الدولة إلي القطاع الخاص أيضاً الذي لم يحصل أبدا علي حريته المزعومة وكثيرا ما كانت الدولة تتدخل عن طريق جهاز أمن الدولة للاعتراض علي أسماء بعينها وقد تفرض أسماء أخري.. لا أتحدث فقط عن إعلام الدولة ولكن الإعلام الخاص كان أيضاً تحت السيطرة!!
لماذا تصر الدولة الآن بعد الثورة علي أن يشرف علي "ماسبيرو" ضابط وليس إعلاميا متمرسا.. نعم تم إلغاء منصب وزير الإعلام ولكن ينبغي أن يتولي القيادة المؤقتة في "ماسبيرو" حتي تستقر الأوضاع خبرة إعلامية تستطيع أن تدرك وتتعامل مع كل المشكلات المادية والفنية التي تواجه هذا المبني.. أما الاتجاه إلي تعيين ضابط في هذا التوقيت فإنه يبدو قراراً تشوبه الرؤية العسكرية وليست الإعلامية.. بالتأكيد هناك حالة من الفساد سادت "ماسبيرو" خلال الثلاثين عاماً الأخيرة ينبغي التصدي لها ولكن من خلال قيادة مدنية ملمة بطبيعة العمل الإعلامي حتي نشعر بالاطمئنان علي حال الإعلام المصري الذي ينبغي أن يتنفس من الآن أوكسجين حياة مدنية بعيدا عن أي هيمنة عسكرية؟!
************
الثورات .. تشعلها الشعوب .. تعلنها الفضائيات .. يلعنها الحكام!
قال "علي عبد الله صالح" المظاهرات بالملايين تؤيدني ومظاهرات ببضعة آلاف ترفضني.. ورغم ذلك فإنهم عبر الفضائيات يعرضون العكس وكان "حسني مبارك" قبل أن يتنحي يسعي لمظاهرة مليونية تنطلق من ميدان "مصطفي محمود" تؤكد أن الملايين تريده ولكن قناة "الجزيرة" فقط هي التي تكرهه وهو ما يسعي إليه "معمر القذافي" الذي فتح الباب لعدد من الفضائيات لتنقذه ولكن التزمت الفضائيات بالحقيقة وفضحت الديكتاتور!!
هل حقاً أن الذي أقام الثورة في مصر هي القنوات الفضائية وأن قناة "الجزيرة" في بداية الثورة لعبت هذا الدور وأن أهم قناة تلعب هذا الدور حالياً لاسقاط النظام الليبي هي العربية.. لقد صدر الإعلام الرسمي المصري في بداية الثورة المصرية تلك المقولة حتي إنه قد أصبحت بعض اللقاءات التليفزيونية لا تري في الثورة إلا مجرد محاولة من قناة "الجزيرة" القطرية لزعزعة الاستقرار في مصر.. وضعت الدولة يدها بقسوة لكي تخنق القناة ألغت ترددها علي القمر الصناعي أغلقت مكتبها في القاهرة وطاردت كل المذيعين الذين يعملون في مكتبها بالقاهرة وفوجئ المسئولون بأن المعتصمين في ميدان التحرير يضعون شاشات كبيرة في الميدان ويضبطون التردد الجديد للجزيرة وكذلك فعل المواطنون في بيوتهم وصارت اللعبة تبدو مثيرة وخائبة في نفس الوقت، حيث إن التردد الهندسي يتغير بينما الناس تبحث عن القناة.. ثم وجدت الدولة أن القنوات العربية الأخري دخلت بجرأة وانضمت لرأي الشارع وليس للرأي الرسمي الذي كان التليفزيون الرسمي يروج له علي اعتبار أن ما يجري مجرد زوبعة سوف تنتهي.. قناة "العربية" علي سبيل المثال كانت في الميدان وتعرضت للكثير من المضايقات صحيح أن الدولة لم تستطع أن تلغي التردد أو تغلق المكتب إلا أنها لجأت إلي ما هو أكثر ضراوة وهو إرسال بعض البلطجية إلي المكتب لإثارة الذعر في نفوس العاملين بالقناة وكان رهان القناة هو علي الصدق وكانت تحرص علي أن تنقل وجهتي النظر.. بينما الإعلام المصري الرسمي كان يبدو خارج الزمن فهو لا ينقل للمشاهدين سوي صورة لكوبري "قصر النيل" يبدو فيها أن الدنيا ربيع والجو بديع وقفلّي علي كل المواضيع.. هكذا كان الجمهور يبحث عن الحقيقة خارج إطار "ماسبيرو" ونجحت أيضا "البي بي سي" البريطانية و "الحرة" الأمريكية في أن تجذبه إليها.. كانت القنوات الخاصة المصرية خاصة "المحور" بنسبة كبيرة تليها "دريم" كانت تبدو هذه القنوات وكأن أصحابها يخشون من قول الحقيقة التي ربما تغضب الدولة والتي كانت قبل قرار التنحي تملك قدراً من السيطرة علي تلك القنوات وبدأنا نري تمثيلية مكشوفة تقدمها قناة "المحور" وغيرها لضرب ثورة الشباب.. الكذب الفاضح كشف نفسه للجميع وصار الإحساس العام يؤكد أن القنوات الخاصة المصرية مضغوطاً عليها.. ربما كانت الفرصة أمام قناتي OTV وONTV التي أتصور أنهما قد حققتا نجاحاً استثنائياً لم تحظيا به من قبل ثم تغيرت الدفة تماما وأصبح التليفزيون المصري التابع للدولة يلعب في مساحة أخري تماماً ويقدم برنامجه من خلال ما يراه شباب التحرير!!
وبعد نجاح الثورة المصرية شاهدنا الثورة الليبية وبدأ "معمر القذافي" في مهاجمة الفضائيات وخاصة "الجزيرة" ووجه لها أفظع الألفاظ وبعدها انطلق لتوبيخ القناة العربية وبالطبع فإن ليبيا تبدو بعيدة تماماً عن هذا الزخم الفضائي فلا توجد حرية تسمح لأي قناة بالتصوير سوي للتليفزيون الرسمي المسيطر عليه من قبل الدولة - حتي كتابة هذه السطور- فهو يقدم فقط وجهة النظر الرسمية التي تؤكد أن بعض متعاطي حبوب الهلوسة هم الجناة الذين فقدوا عقولهم فقرروا أن يشعلوها ثورة.. ورغم ذلك فإن الموبايل صار هو السلاح الذي لم يستطع الطغاة السيطرة عليه وانطلقت تلك الصور إلي النت وإلي الفضائيات ولم يعد هناك ما يمكن أن نعتبره سري.. "مارشال ماكلوهان" عالم الاتصال الشهير قالها قبل أكثر من مائة عام عند اختراع الموجات اللاسلكية إن العالم أصبح قرية صغيرة ولكن بالتأكيد فإن تأثير الصور المرئية التي تنقل الحدث مباشرة أحال التمني إلي واقع!!
لقد تغيرت الدنيا بعد الفضائيات مثلما تغيرت بعد انتشار الموجات اللاسلكية.. وكانت تلعب هذا الدور القيادي في العالم العربي إذاعة "صوت العرب" منذ إنشائها عام 1953وارتبطت إذاعة "صوت العرب" بكل الأحداث العربية وكان صوت الإذاعي "أحمد سعيد" أشهر صوت ساهم في العديد من الثورات العربية وأشعل حماس الجماهير في الوطن العربي في العراق وسوريا والجزائر وتونس واليمن ... كانوا يطلقون علي الإذاعة المصرية في العالم العربي خلال تلك السنوات اسم صندوق "أحمد سعيد"!!
الزمن طرح قوة أكبر للفضائيات صار الحدث الذي يراه الناس علي الشاشة هو البطل ولم يعد المذيع هو البطل مثلما عشنا في زمن "أحمد سعيد" ولهذا دفع "أحمد سعيد" ثمن هزيمة 67 حيث اختفي صوته تماماً من الإذاعات كلها وتراجع كثيراً الإعلام المصري عن الصدارة!!
ورغم ذلك فإن الثورات لم تشعلها تلك القنوات ولكن فجرها الظلم الذي عانته الشعوب فانتفضت وكانت الفضائيات فرصة لكي يري الناس الحقيقة ويشعرون بأنه من الممكن للشعوب أن تحصل علي حريتها.. شاهد المصريون "بن علي" يقول للشعب التونسي الآن فهمتكم ثم يسافر إلي "جده" فقرروا أن يتمسكوا برحيل "حسني مبارك" وأخذوا الشعار التونسي "الشعب يريد إسقاط الرئيس" وكرروه مع تنويعات جديدة وأصبح في ليبيا "الشعب يريد إسقاط العقيد".. ولم يخلو الأمر من طرائف انتشرت عبر النت وانطلقت إلي الفضائيات عن الرجل الواقف خلف "عمر سليمان" والمرأة الواقفة خلف "القذافي" ونجحت الثورات لأن الشعوب أرادت الحياة والفضائيات نقلت إرادة الشعوب للعالم!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.