هل تعرف كيف تتلون الحرباء؟ يقال إنها تفرز أنزيمات تجعلها تتلون لتتكيف مع الوسط المحيط بها. وكثيرون هم من البشر من يتلونون مثل الحرباء. ولكي تعرف من هم علي وجه الدقة أنظر لهؤلاء الذين فضحتهم ثورة 25 يناير. تحولوا بأسرع من الريح من الضد إلي الضد. لدرجة أنني سمعت أحدهم يقول إنني نقلت بيتي إلي ميدان التحرير ومن يريد أن يهاتفني فليتصل بي هناك. هؤلاء هم من يسيرون مع "الرايجة". مغيبون عن أنفسهم لا يعرفون كيف كان موقفهم وكيف تحولوا عنه كمن يكذب حتي يصدق نفسه. لقد علمتنا الصحافة أن الإنسان موقف ومبدأ وليكن كل عند موقفه ومبدئه مهما كانت الخسارة الشخصية. لكن المتلونين لا علاقة لهم بهذا. فهم يعرفون مصلحتهم ولا يقبلون أدني خسارة. وقد كشفت الثورة عن نموذجين صارخين لهؤلاء المتلونين أولهما هو الشاب الذي يدعي وائل غنيم والذي شككت مئات التقارير في صدق نواياه من التخطيط للثورة مع آخرين وكيف أنه ينعم في العز اليهودي من خلال عمله في جوجل. نعرف جميعاً أن هذا الشاب سرعان ما تحول وتلون من النقيض إلي النقيض. أدعي أنه مناضل ثوري ثم انقلب وقال: "كفاية لعب لحد هنا" فأصاب الجميع بخيبة أمل. مما دفع الشباب أنفسهم لأن يمنعوه من الصعود للتحدث باسمهم بعد خطبة الشيخ القرضاوي. كما روي لي عدد من الشباب تواجدوا في تلك اللحظة. وهناك غير هذا كثيرون منهم سياسيون وفنانون وكتاب وإعلاميون ومفكرون ورياضيون جمعتهم الثورة في القائمة السوداء. لكن النموذج الثاني الأكثر وضوحاً لمتلوني الثورة هو الدكتور أحمد شفيق نفسه. ومن يتابع تصريحاته منذ توليه مجلس الوزراء حتي استقالته بالأمس يجد تناقضاً جديراً بالتحية والإشادة. كان يزعم أنه يعمل من أجل بلدي وحبايبي والمجتمع والناس وحين ينتهي من مهمته سوف يرحل بينما الواقع كان يؤكد أنه أحرص علي كرسيه الزائل من الرئيس السابق. فلا تزال الإضرابات والتظاهرات والاحتجاجات في كل مكان ولم يكن يريد أن يفهم أن المطالبات الجماعية بتقديم استقالته ربما تنقذ الموقف في الشارع الملتهب والحمد لله أنه فهم. مازلنا نعاني من غياب الشفافية في صنع القرار وربما كان التفسير الوحيد لإصرار شفيق علي البقاء هو حماية نفسه من تجميد أرصدته ومنعه من السفر والتحقيق معه في تلك المخالفات الصارخة التي وقع فيها حين كان وزيراً للطيران وهي معلومة للجميع. ولذا فالكل علي يقين أنه بعد الاستقالة رجله جاية جاية. يا ليت كل متلون يعلم أن المصريين لم يعودوا أغبياء وقد تخلصوا من آفتهم الأبدية الأزلية "الزهايمر".