عادت أزمة القضاء من جديد إلي المربع صفر بعد أن أعلن مجلس الشوري البدء في مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية اعتبارا من 25 مايو الحالي مما اثار عاصفة من الاحتجاجات من نادي القضاة وصدور قرار من المجلس الأعلي للقضاء بتعليق أعمال مؤتمر العدالة حتي تتضح الصورة.. بل وصل الأمر إلي التهديد بتدويل القضية. "المساء الأسبوعية" التقت محمود طوسون رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشوري لالقاء الضوء حول العديد من القضايا التي تهم الرأي العام وإيضاح الحقائق حول مشروعات القوانين التي يعدها الشوري. * في البداية سألناه: لماذا الاستعجال من بعض نواب الشوري لمناقشة قانون السلطة القضائية؟ * * في جلسة الاسبوع الماضي قرر رئيس المجلس عدم التسرع في مناقشة القانون وانحاز إلي رأي الحكومة.. الأمر الآخر يتعلق بالمادة 169 من الدستور التي أوجبت اخذ رأي الهيئات القضائية قبل اصدار القانون.. يتبقي أمر مهم يتعلق بالعلاقة بين السلطات الثلاث والتي يجب ألا تأخذ مسار التصادم أو التشاحن بحيث لا تتغول سلطة علي الاخري ولكنني أري ان الانذار الذي وصل إلي الشوري من نادي القضاة يمثل تدخلا سافرا في اعمال السلطة التشريعية وعلي الرغم من ذلك لا نريد الدخول في معارك مع القضاة وهدفنا استقلال القضاء ومصلحة الشعب. * ما تعليقكم علي قرار الأعلي للقضاء بتأجيل مؤتمر العدالة؟ * * كنت منذ البداية مع التريث حتي ينتهي مؤتمر العدالة من اصدار توصياته وتعديلاته وانهاء كل الخلافات بين القضاة والسلطة التشريعية.. والمجلس لم يدرج مشروع القانون علي جدول الأعمال علي الرغم من انتهاء اللجنة المكلفة بمناقشته من اعداد تقاريرها وكنت اتمني ان يعقد المؤتمر وينجح في التوصل لنتائج ايجابية تؤدي لرأب الصدع. * ولكن نادي القضاة تمسك بعرض التعديلات التي ينتهي إليها مؤتمر العدالة علي مجلس النواب وليس الشوري وفقا لما حدده الدستور؟ * * من المعروف ان سلطة التشريع كاملة انتقلت إلي مجلس الشوري فبالتالي لو انتهت اعمال مؤتمر العدالة وقدمت الحكومة مشروع القانون من الطبيعي ان يمر علي مجلس الشوري لأن الدستور لم يعط حق الاقتراح بمشروعات القوانين للاعضاء. * كيف ترون تصريحات رئيس النادي بتدويل قضية النائب العام؟ * * هذا امر لا يقبله احد فالشأن الداخلي ينبغي الا تتدخل فيه أي دولة أخري ومصر دولة كبيرة وقرارها ينبع من داخلها والسلطة القضائية لها كل الاحترام والنواب حريصون علي أن يكون القانون الخاص بها يحقق المزيد من الاستقلال والمزيد من الضمانات لاعضاء الهيئات القضائية. حقوق الإنسان * سمعنا عن مشروع قانون يتم اعداده لتعديل بعض مواد قانون المجلس القومي لحقوق الانسان لضمان استقلاليته؟ * * بكل صراحة اري ان دور المجلس في ظل القانون الحالي غير فاعل أو مؤتمر في تفعيل وتدعيم كل الخطوات التي توفر وتحقق وتعلي من شأن حقوق الانسان ومن ثم لابد من تقديم مشروع قانون يعالج كل الاخطاء التي تحد من عمل المجلس وبالفعل لدينا قانون أعده المجلس القومي لحقوق الإنسان واقتراحات أخري من النواب لتعديل بعض مواد القانون وكل ذلك تتم مناقشته الآن بهدف الوصول إلي صيغة نهائية يتفق عليها الجميع. * ما هي أهم الصلاحيات الواجب منحها للمجلس لكي يؤدي دوره علي الوجه الامثل؟ * * مما لاشك فيه ان تعزيز مبادئ حقوق الانسان لن تتحقق إلا بضرورة منح اعضاء المجلس كافة الصلاحيات والضمانات والاستقلالية لتمكنهم من اداء رسالتهم ورصد كافة الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن وكذلك لابد من اعطاء المجلس سلطات كاملة لتفتيش السجون وتفقد احوالها.. ومن المهم أيضا ان يكون عمل المجلس مواكباً مع اعمال المجالس المماثلة في الدول المتقدمة حتي لا نتعرض للانتقادات التي توجه لمصر من المفوضية السامية لحقوق الانسان بالأمم المتحدة. * وما رأيكم في رفض الوزارات الرد علي كل الشكاوي التي ترد إليهم من المجلس القومي لحقوق الانسان؟ * * بالتأكيد غير مقبول ان يتم التعامل بهذه الطريقة خاصة بعد الثورة فمن حق كل مواطن ان يرسل شكواه للمجلس ومن حق المجلس أن يحولها للجهة المسئولة لمعرفة حقيقة المشكلة.. أما التجاهل في التعامل مع المظالم والشكاوي وعدم الرد عليها يؤثر سلبا علي عمل المجلس وعلي احترام المواطن للقائمين عليه. ولهذا حرصنا علي مناقشة التعديلات التي قدمت الينا في مشروع القانون الخاص بعمل المجلس تمهيدا لاصدار التشريعات التي تمكنه من اداء رسالته دون تدخل من احد.. وهدفنا ان تكون المجالس بصفة عامة فاعلة وقوية لأننا نريد الاصلاح والتغيير الذي يصوب المسارات في كافة الاتجاهات. مشروعات القوانين * هناك اتهام من حزب النور للجنة التشريعية بتجاهل مشروعات القوانين التي يقدمونها وفي مقدمتها الحدان الادني والاقصي للأجور.. فما حقيقة الأمر؟ * * القوانين التي تقدم من الاعضاء والاحزاب بها شبهة عدم الدستورية فلابد أن تأتي من الحكومة ومن ناحية أخري الحكومة ليست لديها موارد كافية حتي يتم اقرار قانون الحدين الادني والاقصي للأجور فالقوانين والتشريعات لابد ألا تضر بالاقتصاد الوطني وهناك بعض الاعضاء يريدون التقدم بمشروعات قوانين لمغازلة الشارع خاصة ونحن علي اعتاب انتخابات ولكن من يدقق في هذا الأمر يجد أنه يحتاج إلي موازنة جاهزة من الحكومة حتي يستطيع تطبيق الحدين الادني والاقصي للأجور. قانون الانتخابات * هناك مخاوف من عدم اقرار قانون الانتخابات بسبب الشعارات الدينية وتقسيم الدوائر؟ * * المحكمة الدستورية العليا تقوم حاليا بمراجعة مشروع القانون وابداء الرأي فيه وأي ملاحظات تعترض عليها سوف يلتزم الشوري بما تبديه المحكمة ضمانا لعدم الطعن عليه بعدم الدستورية بعد اقراره بشكل نهائي فاحترام أحكام القضاء واجب والا فلن توجد دولة قانون. وفيما يتعلق بتقسيم الدوائر تحديدا قمنا بمراعاة الكثافة السكانية واعداد الناخبين في كل دائرة بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين وفي نفس الوقت عند اعداد مشروع القانون تم الاستعانة بوزارات التنمية الإدارية والداخلية والعدل وجهاز التعبئة العامة والاحصاء. مشروع قناة السويس * مازالت الشكوك مستمرة حول مشروع قانون منطقة قناة السويس ففي ظاهره وضع مصر علي خريطة التنمية والاستثمار لكن في باطنه تهديد للأمن والسيادة الوطنية؟ * * هناك لغط وجدل حول مشرووع قانون الصكوك وتنمية قناة السويس وهذا يعود إلي عدم فهم حقيقة الأمر.. فعلي سبيل المثال نجد ان قانون الصكوك مطبق في العديد من دول العالم فقد انتشلت ماليزا وتركيا من الافلاس وحققت ماليزيا 208 مليارات دولار والصك لا يمس الاصول فهو متعلق بالحصة في رأس المال والارباح. أما بالنسبة لمشروع قناة السويس فسوف يحقق طفرة ونهضة اقتصادية لمصر لتنمية سيناء والمشروع لن يعطي حق الملكية لأي استثمار مصري أو اجنبي والتراخيص سوف تكون بحق الانتفاع لمدة زمنية تصل إلي 50 عاما.. هذه المشروعات هي ملك لكل المصريين ونأمل ان تكون بداية قاطرة التنمية في مصر. * يتردد ان هناك مطامع لقطر في قناة السويس؟ * * هذه اقاويل مرسلة لا صحة لها علي الاطلاق كما ان القانون قد نظم ولاية كل هيئة أو سلطة علي المناطق التي تشرف عليها لعدم التداخل والتعارض والأولوية في المشروعات لابناء محافظات القناة. المقاطعة هي الحل * بعض القوي السياسية تري ان مقاطعة الانتخابات القادمة هي الحل؟ * * بالتأكيد هذه دعوات سلبية لا جدوي من ورائها وعلي جميع القوي السياسية ان توحد وتنظم صفوفها وتعمل بصدق للوصول إلي الشارع بشكل أكبر لكسب الاصوات في الانتخابات المقبلة ولابد ان تسمو الاحزاب المدنية فوق المصالح الحزبية الضيقة لتكون قادرة علي المنافسة في الحياة السياسية.. واتساءل: لماذا العزوف والآراء الصادمة واحاكة المؤتمرات فالسلطة لن تتغير إلا من خلال صناديق الاقتراع واتمني ان تكون الرسالة واضحة للمعارضة. * بعض الإسلاميين يدعون لاستخدام العنف والجهاد إذا فاز التيار المدني في الانتخابات البرلمانية.. فما رأيكم؟ * * هذا لا يجوز ولا يصح خاصة بعد الثورة فقد كان مقبولا قبل اندلاعها أن تستمع لمثل هذه الدعوات علي الرغم من ان الثورة السلمية اثبتت انها من الممكن ان تطيح بالأنطمة المستبدة وأرجو من المصريين ان يحافظوا علي نقاء وسلمية ثورتهم بعيدا عن الدماء والعنف لابد ان نعمل جميعا علي اجهاض هذه الدعوات لأن الاقصاء بالقوة يشكل خطورة علي مستقبل البلاد ومن يريد التغيير عليه الالتزام بالوسائل الديمقراطية القائمة. * جبهة الانقاذ تطالب بالاشراف الدولي علي الانتخابات لضمان نزاهتها فهل من الممكن ان يتحقق ذلك؟ * * الضمانات التي تحقق الشفافية والنزاهة يكفلها القانون فهناك مندوبون داخل اللجان والنتائج سيعلنها القضاة أيضا من الداخل ومن حق المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني التواجد داخل اللجان لمتابعة سير العملية الانتخابية وتسجيل كل الملاحظات ولا داعي للاشراف الدولي.. * هل من الممكن حل مجلس الشوري؟ * * لا اعتقد ذلك علي الاطلاق لأن الدستور حصن المجلس. * هل تري ان التشريعات تتم في اضيق الحدود ووفقا للمصلحة العامة؟ * * نعم هذا يتم وفقا للضروريات لأننا ندرس مشروعات القوانين بروية ودون تعجل حتي لا يشوبها عدم الدستورية وحتي الآن لم يصدر أي تشريع وامام المحكمة الدستورية قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية. تمرد وتجرد * تواصل حملة "تمرد" جمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وفي نفس الوقت تواجهها "تجرد" بحملة مضادة لاظهار التأييد الشعبي ودعم الرئيس فهل نحن بحاجة إلي هذا الانقسام؟ * * اريد ايضاح نقطة مهمة الدعوات لسحب الثقة من أي جهة مخالف للقانون والدستور ومهما بلغت التوقيعات لن تستطيع تغيير أي شيء لأننا امام رئيس شرعي منتخب عبر صناديق الاقتراع ولا داعي للعبث بالارادة الشعبية باستخدام أساليب ملتوية لا قيمة لها.. ليس لها صدي وكل هذه المحاولات لن تجدي بل هي اعاقة لمسيرة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الحديثة التي دفع شباب مصر دماءهم ثمنا لها.. ارجو الا يظل التكريس للانقسام هدفا يغزو به البعض قطاعات واسعة من الشعب.. ونحن جميعا نرفض بشكل قاطع هذه الحملات. * هل تعتقد ان التعديل الوزاري جاء معبرا عن تطلعات المصريين؟ * * في الحقيقة كنت اتمني الا يكون هناك تعديل وزاري إلا بعد الانتهاء من اجراء الانتخابات البرلمانية حتي يتسني للمجلس القيام بمهمته في تشكيل الحكومة. أداء الإخوان * هناك من كان يتوقع اداء افضل لجماعة الإخوان.. كيف تقيم اداءهم خلال الفترة الماضية؟ * * علي كل من لم يرض عن الاداء ان يستثمر ذلك ويعمل لتقوية مكانته لدي الجماهير وكسب ثقتها من اجل الوصول إلي معارضة قوية تستطيع ان تحصد الاغلبية.. وفيما يتعلق بالأداء الإخواني فأري ان هناك نضجا وتطورا خاصة في اداء اعضاء مجلس الشوري. * ما هي رؤيتك في ملف التصالح مع المستثمرين ورجال اعمال النظام السابق لاستعادة الاموال؟ * * طالما هناك استرداد كامل لكل الاموال فلابد من المضي نحو التصالح خاصة ان الدول الأجنبية لن تسلمنا الاشخاص والاموال فعلينا حل القضايا واجراء التسويات التي تضمن حصول الدولة علي حقوقها المنهوبة. تراجع الحريات * يشير تقرير مفوضية حقوق الانسان بالأمم المتحدة الخاص بالحريات إلي أننا نعيش الآن اسوأ مرحلة عما كنا عليه من قبل فما رأيك؟ * * هذا كلام غير صحيح فلا تراجع في الحريات الآن كل مواطن يعترض ويذهب إلي أي مكان للاعتصام والاحتجاج دون التعرض له.. وللاسف اري ان هناك مبالغات وإساءة في استخدام الحرية وصلت لدرجة الفوضي من جانب بعض الاشخاص. * كيف ترون تصريحات وزير الدفاع ومطالبته للقوي السياسية والشعبية بعدم اقحام القوات المسلحة في الصراعات السياسية؟ * * لقد اصاب الفريق السيسي بتصريحاته التي قطعت الشك باليقين فالجيش دوره حماية البلاد من التهديدات الخارحية والدفاع دائما عن مصر وهي رسالة واضحة ان الخلافات السياسية المستمرة تؤدي للمزيد من التخبط وتضر بالأمن القومي. ارجو ان يتذكر الجميع اننا جميعا دفعنا الثمن غاليا للحصول علي الحرية والديمقراطية وعلينا ان نحترم الصندوق ونحن نؤسس للدولة المدنية الحديثة. اؤكد مرة أخري ان حديث وزير الدفاع جيد وعلي الجميع ان يبدأوا في حل مشكلاتهم بأنفسهم بعيدا عن الاستقواء بالقوات المسلحة. الأوضاع الأمنية * حتي الآن لم تستقر الأوضاع الأمنية في الشارع ومازال الجميع يشكو غياب الأمن.. فما رأيكم؟ * * هناك خطأ تم الوقوع فيه اثناء الثورة وهو الخلط بين الشهيد والقتيل فعندما كان ضباط الشرطة يدافعون عن الاقسام من اقتحام البلطجية وغيرهم من المواطنين سقط بعض القتلي مما ترتب عليه احالة الضباط للمحاكمة وعلي الرغم من حصولهم علي البراءة لكن مازال لهذا الحادث اثر سلبي في نفوس الكثيرين من الضباط وافراد الأمن لخوفهم من استخدام حقهم في الدفاع الشرعي عن انفسهم وعن الغير مما ساهم في زيادة حالات الانفلات من جانب الكثير من ابناء الشعب.. لكن لابد من تطبيق القانون بكل حسم لردع أعمال البلطجة والعنف حتي يعود الاستقرار والهدوء للشارع والمواطن. كذلك مطلوب من الناس ان تحسنوا التعامل مع افراد الشرطة وان يساعدوهم علي اداء عملهم وتنسي الصورة القديمة التي ترسخت في نفوسهم نتيجة للتعامل الأمني الذي اتسم بالقسوة وانتهاك كرامة الانسان خلال سنوات النظام السابق. علينا ان نبدأ صفحة بيضاء مع جهاز الشرطة واري ان الاستقرار الامني سيعود تدريجيا خلال المرحلة القادمة.. * هل المطلوب اعادة هيكلة جهاز الأمن أم تغيير المناهج التي يتم تدريسها لطلبة الشرطة؟ * * ليست هناك اشكالية أو اخطاء في المناهج الدراسية لكن الخلل يكمن في طريقة التعامل احيانا داخل الكلية فالطالب يجد معاناة شديدة في التعامل مع من هم اقدم منه بل احيانا تصل إلي حد القسوة ويجد الطالب نفسه يتعامل مع من هو اعلي منه بشكل يختلف تماما مع من هو اقل أو ادني منه أي احترام الاعلي واحتقار الادني وهذا خطأ جسيم هذا الاداء داخل كلية الشرطة يجب ان يعاد النظر فيه لتحقيق التغيير المطلوب في اداء الضباط.