سمعنا كثيراً عن قيام شرطة المرافق بحملات لا هوادة فيها لرفع اشغالات الطرق وطرد الباعة الجائلين خاصة في شوارع وسط البلد.. ثم.. ثم للأسف سرعان ما يعود الباعة من جديد بمجرد انصراف الحملة.. وتكون عودتهم بشكل أكثر شراسة واستفزازاً..!!! شوارع وسط البلد هي طريقي المعتاد من بيتي إلي مقر الجريدة.. وكم كتبت في هذه الزاوية عن احتلال الباعة الجائلين للأرصفة بل ونهر الطريق أيضاً ببضائعهم وأسلوبهم المنفر.. وطالبت بتوفير أماكن لهم حتي لا تقطع أرزاقهم.. ولكن.. لا حياة لمن تنادي.. فلا هذا حدث ولا ذاك. ساقتني قدماي لأتجول في شوارع وسط البلد.. فأصابني الهم والغم والنكد.. وإذا كان هناك من يقول "إن ليس من سمع كمن رأي".. فإنني أؤكد أيضاً أنه "ليس من رأي من نافذة السيارة كمن سار علي قدميه واحتك مباشرة بهذه الفوضي".. وإليكم ما خرجت به من هذه الجولة. في كل خطوة خطوتها كنت اصطدم بمواطن بسبب ضيق المساحة المتبقية للمارة حتي أن الناس أصبحوا يفضلون السير في وسط الشارع بين السيارات وكأنها شوارع مشاة.. وهذه فوضي أخري. لم يكن هناك متر واحد علي الأرصفة إلا وتشغله بضائع الباعة الجائلين.. تارة مرصوصة فوق مفارش علي الأرض. وتارة أخري علي "ستاندات". وتارة ثالثة معلقة علي الأشجار أو أعمدة اشارات المرور.. غير الباعة السريحة الذين يهجمون عليك ويعرضون بضائعهم بشكل مستفز.. ناهيك عن البائعات "الصينيات" اللاتي زاد عددهن بشكل لافت في الفترة الأخيرة.. وكأن شوارع مصر ناقصة..!!! كان هذا "كوم" وماكان قبل الثورة عبارة عن شارع يربط مخرج نفق الأزهر من ناحية ميدان الأوبرا بشارع 26 يوليو ثم اغلق الآن تماماً "كوم" آخر. اليوم.. ارجو ألا تقل عنه "شارع" لأنه أصبح لا يحمل أي صفة من صفات الشوارع. ولا تقل عنه "سوق" حتي لا تغضب الأسواق المحترمة والشعبية علي السواء.. والأصح أن تطلق عليه لفظ "زريبة" وأتمني ألا يكون في ذلك إهانة للمواشي..!!! هذا الذي كان شارعاً مهماً جداً أصبح عبارة عن منتخب من أدني الموبقات والسيئات.. بضائع علي كل لون وصنف حتي الأسلحة البيضاء موجودة فيه. وتوليفة من الأصوات القبيحة والنشاز بكافة طبقاتها ومختلف نغماتها الأكثر قبحاً ونشوزاً. وتشكيلة منتقاة من الألفاظ التي يعاقب عليها أي قانون في العالم. ومعاكسات سوقية. وتحرشات علنية. وخناقات بالأيدي والأسلحة. وأكوام قمامة في كل مكان. دخلت بقدمي "عش الدبابير" وليتني ما دخلت.. ثم احترت في الخروج لدرجة أنني سألت أحد هؤلاء الباعة: اخرج للأوبرا منين؟؟.. فرد بمنتهي الاستهتار: نط من فوق السور..!!! ولأني لن أفعل ذلك مهما كلفني.. فقد عدت ثانية من حيث أتيت منفذاً الحكمة العظيمة: امشي سنة ولا تعدي قنا..!! الأمر الذي لا يخفي علي أحد أيضاً.. أن كل هؤلاء الباعة الجائلين في جميع شوارع وميادين مصر عامة وشوارع وسط البلد خاصة لا يدفعون أي رسوم أو ضرائب ويتركون قمامتهم تزكم الأنوف.. وفي نفس الوقت حكموا بالإعدام علي المحلات التي دفع أصحابها دم قلبهم لشرائها ويؤدون حق الدولة من رسوم وضرائب ومياه وكهرباء ونظافة وغير ذلك رغم أن العائد أصبح شبه منعدم بعد أن "طفش" الزبائن.. هذه المحلات أصبحت "خيال مآتة" مفتوحة اسماً ومقفولة فعلياً ببضائع هؤلاء الباعة ولا يجرؤ أصحابها علي الاعتراض وإلا تعرضوا للايذاء الذي قد يصل إلي القتل والتخريب..!!! ما هذا يا سادة.. هل نحن فعلاً في دولة أم في غابة؟؟.. هل هناك قانون يطبق علي الكافة أم انه في اجازة مفتوحة وإن طبق فإنما يطبق بانتقائية..؟؟!!! صدقوني.. اتخنقنا وزهقنا.. تحملوا مسئولياتكم الدستورية والقانونية تجاه الشعب بأن تدحروا هذا الاحتلال الغاشم الجاثم علي شوارع مصر وتوفروا أماكن حضارية للباعة الجائلين فهذه مسئولياتكم وحقهم بحيث يعيشون حياة كريمة وإنسانية دون أن يلوثوا البيئة أو يضروا بأصحاب المحلات الذين يعملون بشكل قانوني وأن تحققوا أمن وأمان المواطن اينما يكون. ماقلناه عن الباعة الجائلين الذين يحاولون فرض سياسة الأمر الواقع علي الدولة.. لدينا أكثر منه عن كارثة القمامة التي تسد تلالها الشوارع وتلوث البيئة وتضر الناس وتشوه سمعة مصر أمام العالم.. ونظراً لأهميتها وخطورتها فسوف يكون لها حديث منفصل. "ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا".. صدق الله العظيم. ہہ اشمعني "رفح"؟؟ * في عام 2011 بعد الثورة مباشرة اختطف ثلاثة ضباط وأمين شرطة من رفح والأنباء متضاربة بشأنهم. وفي رمضان الماضي ذبح 16 من جنودنا في رفح أيضاً ولا أحد يعرف حتي الآن من ارتكب المذبحة البشعة. وصباح أمس الأول نصب ملثمون مجهولون لجنة بالطريق علي بعد 5 كيلو مترات من كمين "الريسة" برفح كذلك والذي هوجم من قبل 37 مرة.. وقام الملثمون بفرز ركاب سيارتي أجرة وتجنيب 7 مجندين منهم ينتمون للجيش والشرطة وخطفهم إلي جهة مجهولة..!!! السؤال: اشمعني رفح بالذات التي تقع فيها هذه النوعية من الجرائم وليس شرم الشيخ أو دهب أو طابا مثلاً.. لماذا شمال شرق سيناء وليس أي مكان آخر بمصر..؟؟!! وحتي لا نظلم أحداً.. ننتظر الاجابة علي السؤال بصراحة وشفافية ووضوح من القوات المسلحة والمخابرات العامة والعسكرية.. كي نضع النقاط فوق الحروف ونحدد عدونا بكل دقة.. ونأخذ ثأرنا منه.