عقد الإذعان. مصطح قانوني يطلق علي العقود التي يمليها طرف لأنه المستثمر الوحيد لنشاط ما علي طرف اخر. إذا لم تعجبك أسعارنا. فعليك أن تبحث عن الأسعار الأقل! ولاحتكار النشاط. واقتصاره علي المؤسسة التي تملي شروطها. فإن علي الجمهور المتعامل أن يرضخ لتلك الشروط التي لا تعدو بلغة القانون عقود إذعان. منذ سنوات. أعلنت محافة القاهرة عن خطة لنافة المدينة. قررت من خلالها الاستغناء عن جامعي القمامة. وعهدت بمسئولية النافة إلي شركات أجنبية. تعاملت مع الزحام القاهري بمنطق بلاد برة. فاكتفت بتوزيع صناديق معدنية علي مسافات متباعدة. وطالبت المواطنين أن يضيفوا إلي طقوسهم الصباحية. حمل ما في البيوت من قمامة. وايداعها الصندوق القريب من البيت. تصرف قد يبدو رومانسياً. لكنه يكشف عن برجماتية بتقاضي المحافة مبلغاً ثابتاً كل شهر أنا شخصياً أدفع ثمانية جنيهات من حر مالي إلي جانب ما يتقاضاه الزبال!.. تتقاسمه مع شركات النافة التي اكتفت بتوزيع الصناديق. وسيرت عربات تنقل آخر الليل ما يضعه فيها المواطنون من أكياس الزبالة! ما غاب عن المسئولين. في المحافة. وفي الشركات. أن جمع القمامة مهنة المئات. يفيدون ليس من المقابل الشهري وحده. وإنما من بيع الزبالة بعد تصنيفها. بالإضافة إلي البحث عن الأشياء الثمينة التي ربما سقطت عفواً من أصحابها! ل جامعو القمامة يترددون علي البيوت. أدركوا أن وضع القمامة في أكياس. وإلقائها في الصندوق قد لا يقوي عليه أويقبله ! غالبية السكان. وفي المقابل من الإتاوة التي تحصل عليها المحافة لحساب الشركة ضمت فيما بعد إلي إيصال الكهرباء رضي الزبالون بمبلغ أقل. وحتي يضيفوا إلي عقد الإذعان صعوبة. فقد حطموا الصناديق. أو أخفوها! آخر لقطة في مسلسل محافة القاهرة وسكانها وجامعي قمامتها. رضوخ البعض لعقد الإذعان. فهم يدفعون قيمة النافة مع فواتير الكهرباء. زائد ما يتقاضاه الزبال. بينما يرفض البعض الآخر ممن يجدون في الأمر تحايلاً معلناً. ويضطرون لغياب الصناديق إلي إلقاء الزبالة في الطريق! أتصور لو أن المسئول الذي يتعامل في موقعه مع المواطنين. أهمل التقارير الوردية لمرؤوسيه. ومنطق كل شيء تمام. ونزل إلي الشارع. يشاهد. ويتأمل. ويسأل. ويناقش. ني أنه سيجد ما يعينه علي الرؤية الصحيحة. واتخاذ القرار الصحيح. إني أدين ذلك العبقري الذي وضع حلاً ساذجاً لمشكلة صعبة تحتاج إلي فكر العلماء وخبراء البيئة. وفرض عقد إذعان سخيف. دون أن تشغله إمكانية التطبيق! قد يكون موفاً صغيراً في محافة العاصمة. وقد يكون المحافة نفسه. وإذا كانت حركة المحافين قادمة. فإننا نجد في عقد إذعان المحافة سبباً لتعيين محاف جديد!