هناك سؤال مهم يفرض نفسه ونحن نحتفل اليوم بالذكري 31 لتحرير سيناء.. هو: ماذا فعلنا علي مدي أكثر من ثلاثة عقود من أجل أرض الفيروز؟!.. هل اهتممنا بأهلها الذين هُم أهالينا؟!.. هل عمَّرناها؟!.. هل أمَّناها جيداً من أي اعتداء أو طمع؟!! الإجابة ببساطة شديدة وبصراحة أشد علي هذا السؤال المتشعب هي: لم نفعل. ولم نهتم. ولم نعمِّر. ولم نؤمِّن!! * لم نفعل.. حيث اعتبرنا أن مجرد تحرير سيناء من الاحتلال وعودتها إلي أحضان الوطن هو الانتصار.. وهو كذلك بالفعل.. ولكننا نسينا أو تناسينا وغفلنا أو تغافلنا أن الحفاظ علي هذا النصر العظيم والمجيد أهم وأصعب من كسب الحرب والمفاوضات. والتحكيم.. لقد ضحينا بآلاف الشهداء لعودة كل ذرة رمل استباحها العدو في غفلة من الزمن. وكان واجباً علينا أن نعلي استشهادهم بجهاد أكبر يحول تماماً دون إعادة احتلال سيناء ثانية.. ولكن.. لأننا لم نفعل.. فقد أصبحت أرض الفيروز الآن مهددة بالاحتلال أو الانفصال أو اقتطاع أجزاء منها. * لم نهتم بأهالينا في سيناء.. لم نربطهم يوماً بأرض الوطن. ولم نشعرهم لحظة بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب العظيم. ولم نرفع مستوي معيشتهم وحياتهم. ولم نحقق أحلامهم وطموحاتهم. ولم نملكهم الأرض التي تعاقب أجدادهم عليها. وولدوا هم فوقها ودافعوا عنها.. ولأننا لم نهتم.. أصبح أبناء سيناء يشعرون بالغربة فوق أرضهم. ويحسون بأن الإدارة المركزية تعاملهم علي أنهم هامشيون أو غرباء أو مواطنون درجة ثانية.. رغم ما قدموه قبل التحرير تحت نير الاحتلال وأثناء المعارك مع العدو الغاصب. وكان هذا العطاء اللامحدود أحد المعطيات الفاصلة في تحقيق النصر. * لم نعمِّرها.. حيث لم تشدنا سوي المناطق الساحلية فقط.. أما باقي سيناء فقد تركناها أرضاً وعرة وجبالاً شاهقة. وودياناً موحشة. لا يفد إليها سوي زائر واحد.. السيول الموسمية.. تركناها أرضاً "مهجورة" في الواقع. وفي الأفكار البالية. و"منغلقة" علي كنوزها المدفونة في باطنها دون أن تبوح بأسرارها التي تحمل خيرات لا أول لها ولا آخر.. ولأننا لم نُعمِّر سيناء إلا من خلال تصريحات جوفاء لا تتحقق أبداً.. ظل هذا الجزء العزيز من الوطن يفتقر إلي المصانع والمزارع والمدن والمدنية الحديثة.. وبالتالي.. إلي العدد الكافي من السكان الكفيل بتحويل أرض الفيروز إلي مكان مأهول يستحيل اقتحامه. * لم نُؤمِّنها.. وإذا كانت الحجة أن اتفاقية السلام تكبل أيادينا من الدفع بالقوات القادرة علي التأمين "عدداً ونوعاً وكيفاً".. فإن نفس الاتفاقية تسمح بالمراجعة الدورية لتغيير أي بند فيها خاصة "البنود الأمنية" وفق المعطيات علي الأرض.. لكننا لم نراجع الاتفاقية سوي مرة واحدة.. وبالتالي.. لأننا لم نؤمن سيناء.. فقد أصبحت أرضاً مستباحة من تنظيم القاعدة تارة. ومن الجهاديين الفلسطينيين تارة أخري. وكانت نتيجة هذه الاستباحة استشهاد 16 ضابطاً ومجنداً في رفح رمضان الماضي. وهجمات متتالية علي الكمائن العسكرية هناك.. ناهيك عن المخطط الإسرائيلي المعروف لتسوية القضية الفلسطينية من خلال اقتطاع العريش ورفح من سيناء وضمهما إلي القطاع ليكون الوطن البديل للفلسطينيين مقابل نسيان الضفة الغربية والقدس تماماً..!!! هذه هي إجابة السؤال الصعب والأكثر مرارة ذي الأضلع الأربعة والذي يجب أن نضعه نُصب أعيُننا في هذه المرحلة الفارقة من حياتنا. والتي لا يُحسَب فيها الزمن بالسنين أو الشهور أو الأسابيع أو حتي الأيام.. بل بالفيمتو ثانية..!! الحقوا أرض الفيروز قبل أن يعاد احتلالها ونحن غارقون في صراعات وأزمات حقيقية أو مفتعلة.