أزمة الطاقة قضية تشغل العالم.. خصوصا بعد قرب نفاد مخزون البترول الموجود في باطن الأرض! والعلماء يبذلون جهودا حثيثة للبحث عن بدائل للبترول من أجل استخدامها في توليد الطاقة وتحريك عجلة الإنتاج ووسائل المواصلات! وإذا كانت هذه القضية تشغل بال البشرية علي مستوي الكرة الأرضية كلها.. فإنها تحتل أهمية كبري في الولاياتالمتحدة التي تعد أكبر دولة مستهلكة للطاقة سواء علي المستوي الدولي أو علي المستوي الفردي! وتركز وسائل الإعلام الأمريكية جهودها علي هذه القضية. سواء من خلال الإعلانات الممولة التي تطالب المواطنين بترشيد استهلاك البنزين والمنتجات البترولية أو من خلال الحوارات التي يغلفها الأسف علي مستقبل الطاقة البترولية! ورغم ان مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة أعلي تكلفة مقارنة بالطاقة البترولية.. فإن العلماء لا يكفون عن السعي لتخفيض تكلفتها يوما بعد يوم.. كما أن تصميم الآلات والمباني جعلها أقل استهلاكا للطاقة. إضافة إلي التعديلات التي يتم ادخالها علي الأجهزة الكهربائية ولمبات الاضاءة وغيرها. وكثير من الدول بدأت منذ ما يقرب من 20 عاما في تنويع مصادر الطاقة لديها ونجحت في الحد من الاعتماد علي البترول حيث تشير الاحصاءات إلي أن 13 دولة في الأمريكتين نجحت بحلول عام 2011 في توليد ما يقرب من 30% من حاجتها من الكهرباء. باستخدام الطاقة المتجددة.. وهي تسعي لزيادة هذه النسبة. وتسعي الولاياتالمتحدة إلي خفض استهلاك المنتجات البترولية المستخدمة في السيارات والشاحنات إلي النصف بحلول عام 2030 مقارنة بمعدلات استهلاكها في عام 2005 وذلك بالعمل علي تحسين كفاءة المركبات التي تستخدم البنزين وزيادة الاعتماد علي السيارات التي تستخدم الطاقة البديلة كالوقود الحيوي والبطاريات الكهربائية والألواح الشمسية. ويري الباحثون ان ولاية نيويورك. التي لا تتميز بقدر عال من الرياح ولا بالجو المشمس بشكل دائم. يمكنها إنتاج ما تحتاجه من الكهرباء بحلول عام 2030 اعتمادا علي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية. وفي مقال بمجلة سياسات الطاقة. يؤكد مارك جاكوبسون أستاذ الهندسة المدنية والبيئية.. ان الولاياتالمتحدة يمكنها إنتاج كل ما تحتاجه من الطاقة بالاعتماد علي المصادر المتجددة وبتكلفة اقتصادية وان التكنولوجيا اللازمة لذلك متوفرة ولا توجد مشكلات بشأنها.. مشيرا إلي أن المشكلة هي في غياب القرار والإرادة السياسية! وهناك دول تعتمد بشكل أكبر علي مصادر الطاقة المتجددة فالنرويج تحصل علي معظم ما تحتاجه من الطاقة الكهرومائية.. وتقدم كل من الدنمارك والبرتغال وألمانيا حوافز مالية لتشجيع إنتاج أجهزة توليد الطاقة من الشمس والرياح. وإذا نظرنا إلي كندا نجد أنها تنتج أكثر من 63% من الكهرباء التي تستهلكها من المصادر المتجددة. كالطاقة المائية وطاقة الرياح.. وتصدر بترولها للولايات المتحدة! ورغم ان الولاياتالمتحدة تشكو ارتفاع أسعار البترول فإنها أكثر الدول نهما في استهلاكه. حيث تشير التقارير إلي أن سكان ولاية نيويورك وحدها والبالغ عددهم 5.19 مليون نسمة. يستهلكون من الطاقة ما يساوي استهلاك 800 مليون نسمة في دول جنوب الصحراء الأفريقية. باستثناء دولة جنوب أفريقيا! والمؤكد ان مخزون العالم من البترول سوف ينفد ان عاجلا أو آجلا.. وأن مصادر الطاقة البديلة. سواء الشمسية أو المائية أو طاقة الرياح أو الطاقة النووية أو الوقود الحيوي سوف تكون الملاذ الأخير للبشرية! وإذا كانت الدول الغنية والمتقدمة تبذل الغالي والنفيس للحصول علي الطاقة - بترولية أو مجددة - فإننا لا نولي هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام. علي الرغم من خطورته وأهميته! ونحن نمتلك من الظروف المناخية - من حيث سطوع الشمس علي مدار العام.. أوهبوب الرياح بشكل دائم - ما يتيح لنا إنتاج الطاقة وبكميات وفيرة تكفي الاستهلاك والتصدير للخارج.. ومع ذلك مازلنا نراوح مكاننا ولم ننجز شيئا ذا قيمة في هذا المجال. حتي المشروع النووي بالضبعة والذي أنفقنا الكثير من الجهد والمال منذ عشرات السنين لإجراء الدراسات علي موقعه واجمعت كلها علي صلاحيته لإقامة المفاعلات النووية. نجد اليوم من يخرج علينا - لغرض في نفس يعقوب - ويشكك في صلاحيته لإقامة المشروع الذي لا غني عنه لمصر في ظل انخفاض احتياطياتنا البترولية! الأغرب من ذلك.. أننا رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها البلاد.. ورغم ضآلة احتياطياتنا البترولية.. نجد الدولة تعد بتقديم الدعم لوقود أصحاب السيارات الخاصة"!!" رغم أنه من المفترض أن نحافظ - قدر الإمكان - علي ما تبقي من احتياطياتنا البترولية ومن الواجب الأخلاقي والاقتصادي وحماية للأمن القومي.. أن نحافظ علي حقوق الأجيال القادمة في ثرواتنا البترولية. الأولي بالدعم هم ركاب وسائل النقل العام وليسوا أصحاب السيارات الخاصة! ** أفكار مضغوطة: الضعيف لا يتسامح.. فالتسامح شيمة الأقوياء " المهاتما غاندي "