يقول الله تعالي في سورة هود "وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادي نوح ابنه وكان في معزل.. يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين.. قال سآوي إلي جبل يعصمني من الماء.. قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم.. وحال بينهما الموج فكان من المغرقين".. صدق الله العظيم. توقفت كثيرا أمام تلك الآيات وأنا أري مصر بلدنا وكأنما تجري منا في موج كالجبال.. ولم لا والأخطار تحيط بنا من كل جانب والاعتصامات والعصيانات وصلت إلي رجال الشرطة المنوط بهم حفظ الأمن.. ولم لا والبلطجية أصبحوا أسياد الموقف في الطرق والشوارع.. ولم لا والاقتصاد ينهار والاحتياطي النقدي ينزف وتعدي الخط الأحمر.. ولم لا وهذا هو الأهم والدماء تسيل تلك الدماء التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم دم المسلم علي المسلم حرام وانما أشد حرمة عند الله من بيته الحرام. توقفت أمام الآيات وتذكرت كيف استكبر ابن سيدنا نوح ورفض ركوب السفينة معتقدا انه في معزل ومعتقد أيضا انه سيأوي إلي جبل يعصمه من الماء.. وهو للأسف نفس منطق الكثيرين في بلدنا اليوم الذي يعتقدون انهم في معزل وانهم سيكونون في مأمن عند حدوث الطوفان والفوضي.. لم يتعلموا من درس ابن سيدنا نوح ولم يتعلموا من القرآن.. يا سبحان الله.. مرت آلاف السنوات علي هذا الموقف ولم يتعلم أحد.. يا سبحان الله من يتوقف أمام الآيات يري المنظر واضحا ولا يملك إلا أن يخر ساجدا لله ويتوقف مع نفسه ويعيد النظر في حساباته.. لا أعلم ماذا حدث للبشر ولا أعلم ماذا جري لهم.. أين ذهب العقل والتدبر.. أين ذهبت الحكمة.. بل أين ذهب الإيمان.. مصر تضيع من بين ايدينا والبعض يكابر بل ولا يهمه الأمر ويعتقد ان الفوضي لن تطوله بل ويعتقد البعض الآخر انه يملك من الوسائل والأسباب ما يجعله في مأمن.. ناسياً انه عندما يأتي الطوفان فلا أحد يملك الوقوف في وجهه.. مصر تضيع والبعض يراهن علي انها عندما تسقط فإنه سيفوز بها والبعض الآخر يبحث عن مصالح شخصية وحزبية ضيقة يعتقد انها ستدوم له اذا سقط الوطن وينسي انه اذا ضاع الوطن ضاع كل شيء. ماذا حدث لنا.. هل فقدنا حاسة البصر لكي لا نري الأخطار من حولنا أم انه انطبق القول علي أكثر الناس حينما قال الله سبحانه وتعالي "فإنها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور".. هل فقدنا حاسة الإدراك.. هل فقدنا العقل والمنطق.. لماذا يتصرف الكثيرون منا بمنطق ابن سيدنا نوح.. سآوي إلي جبل يعصمني من الماء.. لماذا لا يكمل البعض الآيات ويتوقف عند قول سيدنا نوح "لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم" متي يفيق الجميع.. أخشي أن يفيقوا عند نهاية الآيات "وحال بينهما الموج فكان من المغرقين" يومها لا ينفع الندم تماما مثلما حدث مع فرعون وابن سيدنا نوح.. حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.