أصبحت صناعة السينما المصرية علي المحك بعد كثرة المحاولات والتجارب لانقاذها من كبوتها.. ومنيت معظم هذه التجارب بالفشل ولم تستطع تحريك المياه الراكدة.. خاصة بعدما انتشر نمط ما يسمي بالبطولة المطلقة للنجوم.. ومن ثم تحويل جميع الممثلين في العمل إلي أدوار ثانوية مساعدة أو ما يطلق عليه "سنيد" البطل. لكن عندما انتبه عدد من صناع ونجوم سينما اليوم إلي هذا الأمر اتجهوا نحو البطولة الجماعية من خلال الاعتماد علي الوجوه الجديدة ونجوم الصف الثاني في تنفيذ أعمالهم الفنية.. خاصة في ظل مبالغة النجوم في أجورهم وتدني مستوي الايرادات. "المساء الفني" تحاول الاجابة علي السؤال التالي: هل سيصبح نمط البطولة الجماعية اتجاهاً سائداً في السينما؟ أكد المخرج مجدي أحمد علي أن السينما المصرية تتعرض لأزمة حقيقية بسبب مغالاة النجوم في أجورهم وركود عمليات التسويق السينمائي داخل مصر وخارجها.. مما دفعپالكثير من صناع السينما إلي البحث عن بدائل للخروج من نفق الإفلاس السينمائي من خلال الاستعانة بعدد من فناني الصف الثاني بعيداً عن "السوبر ستار" لعمل أفلامهم. أشار مجدي أحمد علي إلي أن المغامرة بالنجم الكبير صاحب الأجور المرتفعة والذي يعتمد علي بطولته الفردية أمر غير محمود ولم يعدپمقبولاً في ظل الظروف الاقتصادية السيئة حالياً. طالب مجدي بضرورة العودة إلي الأفلام التي تعتمد علي التكاليف المنخفضة والوجوه الجديدة الواعدة.. وقال: أصبح هذا اتجاهاً واضحاً علي أرض الواقع بعد أن أثبتت عدة تجارب جدارتهاپبالفعل.. والدليل علي ذلك حصول فيلمين من مجمل ثلاثة أفلام مصرية خاضت غمار المنافسة في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير علي أعلي الجوائز في المهرجان. والجدير بالذكر أن الفيلمين الفائزين اعتمدا علي نمط البطولة الجماعية في ظل امكانيات انتاجية وفنية بسيطة ومتواضعة إلي حد كبير. شاركه الرأي المخرج محمد حمدي الذي يري أن العودة للبطولة الجماعية في تنفيذ الأعمال الفنية سوف يكون الاتجاه السائد في الفترة المقبلة سواءً في الدراما التليفزيونية أو السينمائية.. وتنبأ حمدي بانتشاره بشكل ملحوظ خاصة في مصر وذلك لأسباب اقتصادية أكثر من كونها أسباباً فنية. قال: صناعة السينما أصبحت مكلفة في ظل الأزمة المالية العالمية الطاحنة بالإضافة إلي ارتفاع ثمن الخامات وايجار المعدات الخاصة بالتصوير ونحو ذلك مما يزيد الأعباء علي الانتاج.. فضلاً عن أجور النجوم التي ترتفعپبشكل جنوني يوماً بعد يوم.. علاوة علي تعرض معظم الأفلام المنتجة إلي مشاكل مزدوجة في الايرادات والتوزيعپمما يجعل عملية انتاج الأفلام حالياً أشبه بالمغامرة!! اضاف محمد حمدي: بعد أن منيت بعض المسلسلات الدرامية بخسائر فادحة في الموسم الدرامي الماضي قررت بعض الجهات المنتجة اللجوء إلي ممثلي الصف الثاني وبات هذا واضحاً في قرار "اسامة الشيخ" رئيس اتحادپالاذاعة والتليفزيون بالاعتماد علي الوجوه الشابة ونجوم الصف الثاني في المسلسلات التي يعتزم الاتحاد انتاجها أو المشاركة في انتاجها من خلال قطاعاته الانتاجية المختلفة.. ومن ثم ستأخذ تلك الأعمال سمة البطولة الجماعية. أكدت الفنانة نهلة سلامة أن عودة البطولة الجماعية في السينما والدراما أصبحت ضرورة حتمية في ظل وجود الأعباء والأزمات التي تتعرض لها صناعة العمل الفني حالياً بعد موجة المغالاة في أجور النجم الأوحد ومنطق البطولة المطلقة. أضافت قائلة: الاتجاه نحو البطولة الجماعية في الأعمال الفنية سوف يعلي من قدر العمل الفني وسيعمل علي تحسين أداء الممثلين نظراً لشعورهم بالمسئولية وبقيمة البطولة التي يشتركون فيها.. كما أنه سيكون بمثابة الجسر المباشر للفنان الذي يحلم بالنجومية في اثبات وجوده ومن ثم تحقيق أحلامه في النجومية المنشودة. أشارت نهلة إلي أن العمل بنمط البطولة الجماعية كان العرف السائد في معظم أعمال زمن الفن الجميل.. حيث اشترك كوكبة من النجوم في بطولة عدد من الأفلام مثل رشدي اباظة وصباح وصلاح ذو الفقار.. وأيضاً فريد شوقي ومحمود مرسي ومحمود المليجي وزكي رستم وغيرهم الكثير. المخرج د. محمد كامل القليوبي الأستاذ بمعهد السينما كانت له رؤية أخري للسينما المصرية الحالية بصفة عامة بعد أن وصفها بقوله: السينما المصرية في الوقت الراهن سواءً كانت ذات بطولة فردية مطلقة أو جماعية فهي "وضيعة"! يؤكد القليوبي أنه ليس ثمة قاعدة محددة واحدة يمكن الاعتماد عليها لتحديد أصحاب البطولة الحقيقية.. أو يمكن من خلالها القول بأن نمط البطولة الجماعية أفضل من البطولة الفردية والعكس.. موضحاً أن البطولة لا يمكن تحديدها من خلال الأسماء التي تتصدر "أفيش" الأفلام.. ولكن جودة الأداء التي يرقي إليها الممثل في أدائه لدوره لا تزال هي اللاعب الوحيد للجزم بذلك.. مشيراً إلي أن البطولة الحقيقية قد تكون لبعض أصحاب الأدوار الثانوية أو لمجموعة من "الكومبارس". من جهته علق الممثل محمود البزاوي علي نجاح تجربة الفنان عادل إمام الأخيرة من خلال فيلم "زهايمر" والتي استطاعپمن خلالها أن يحقق نجاحاً منفرداً في الموسم السينمائي الماضي ببطولة جماعية وليست فردية قائلاً : عادل إمام نجم له تاريخه الفني وخبراته الواسعة.. ومن ثم يدرك جيداً مدي أهمية الاحساس الجماعي بالعمل والمسئولية الجماعية تجاهه من جانب جميع فريق العمل للعبور بالفيلم إلي شاطئ الأمان وتحقيق النجاح المنشود.. ولذلك لم ينفرد في هذا الفيلم ببطولته المطلقة الفردية كما كان معتاداً في بعض أعماله. يؤكد البزاوي أن هذا الأمر يشعر بأهميته نجوم السينما العالمية.. خاصة في الوقت الراهن مثل نجمة هوليوود "ميريل ستريب" التي علي الرغم من شهرتها الكبيرة وترشيحها للأوسكار عدة مرات.. إلا أنها خاضت البطولة الجماعية في الجزء الأول لفيلم "عيد الحب" وتخوض نفس البطولة في الجزء الثاني حالياً. لكن البزاوي عاد وقال: عودة البطولة الجماعية إلي السينما المصرية ليس شرطاً لتألقها.. حيث إن هناك أفلاماً عالمية يتم انتاجها لأسماء معينة مثل أفلام النجم الصيني "جاكي شان" وغيره.. وهذا أمر منتشر في جميع أنحاء العالم ويحدث مردوداً ونجاحاً كبيراً في الوقت الذي تنتج فيه بعض شركات السينما أفلاماً ذات بطولات جماعية لنجوم أكثر شهرة ونجومية. اتفق مع القليوبي في أن "الكومبارس" و"فناني الصف الثاني والثالث" من الممكن أن يكونوا في كثير من الأحيان هم أنفسهم الذين يصنعون البطولة بشكل جماعي.. موضحاً أن البطولة الجماعية موضوع وأسلوب معالجة في حد ذاتها.