سور مجري العيون أثر فريد يتجاوز عمره 5 قرون ورغم قيمته الأثرية التي لا تقدر بثمن فإنه يغرق في بحر من الفوضي والقمامة والاهمال وسوء التخطيط مما يهدده بمخاطر كبيرة قد تفنيه وتقوض أساساته. وبدلاً من جعل هذا الأثر مزاراً سياحياً يجلب لمصر موارد من النقد الأجنبي. نجده صار مقلباً لقمامة ومخلفات مصانع ومدابغ الجلود. ورغم أن هناك مشروعاً أعده جهاز التنسيق الحضاري لتطوير السور ووضعه علي خريطة مصر السياحية فإن وزارة البيئة ووزيرها السابق قامت من طرف واحد بإقامة سور حديدي من ناحية واحدة فيما بقيت الجهة الأخري من السور مكشوفة ومأوي للمخلفات والتعديات من كل شكل ولون!! "المساء" التقت ببعض المسئولين والمهتمين بهذا الأثر الفريد وكذلك بعض المواطنين لاستطلاع آرائهم في كيفية النهوض بسور مجري العيون وتطويره علي النحو المنشود.. في التحقيق التالي. * يقول سمير غريب "رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري": سبق للجهاز القومي للتنسيق الحضاري أن تقدم بمشروع للنهوض بسور مجري العيون. لما يمثله من قيمة أثرية كبيرة. بحيث تتحول المنطقة لمزار سياحي عالمي يضع مصر علي خريطة السياحة العالمية. وكانت خطة التطوير ستصل إلي قلعة صلاح الدين وربطها بمسجد السلطان حسن وسور مجري العيون من خلال إنشاء ممشيات تتوسط الحدائق واستراحات تخدم الحركة السياحية وقصور ثقافة. أضاف: لم يكن هناك اعتماد مالي لتنفيذ المشروع ولما علمنا أن لدي وزارة البيئة اعتماداً مالياً عرضنا عليها مشروع التنسيق الحضاري وأبدي الوزير السابق إعجابه بالمشروع. وخصصت الوزارة نحو 6 ملايين جنيه وطلب جهاز التنسيق الحضاري هذا المبلغ للبدء في التنفيذ لكن الوزير السابق ذهب في اتجاه آخر وأقام سوراً حديدياً من جهة واحدة فقط بطول سور مجري العيون دون مراعاة الأصول العلمية أو التنسيق الحضاري للمنطقة. ولا تزال المشكلة قائمة فتلال القمامة تحاصر السور وتهدد أساساته وتم إهدار ال 6 ملايين جنيه دون فائدة.. والمشروع الآن في انتظار التمويل. طالب غريب بمحاسبة المسئول عن إهدار تلك الأموال. وضرورة تبني الدولة مشروع التنسيق الحضاري حفاظاً علي سور مجري العيون باعتباره الحل العلمي السليم باعتراف كثير من الخبراء. يوضح خالد مصطفي "مدير المكتب الإعلامي لمحافظة القاهرة" أن المحافظة وفرت من خلال حي مصر القديمة مكاناً لإلقاء القمامة والمخلفات بعيداً عن حرم سور مجري العيون. وتم تخصيص لودرين وعدة سيارات بشكل دائم لنقل القمامة يومياً.. لكن قلة من المواطنين تلتزم بذلك بينما الغالبية العظمي تستغل الجهة الأخري من حرم السور لإلقاء المخلفات. أكد مصطفي أن هذه الحلول مؤقتة بما فيها السور الحديدي الذي أقامته وزارة البيئة. وأن الحل النهائي الذي يريح الجميع هو مشروع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري الذي لم ينفذ حتي الآن نظراً لقلة الإمكانات في الفترة الحالية ولابد من نقل المدابغ الحالية لمدينة الروبيكي كما هو مخطط له. تؤكد د.سهير حواس "أستاذ العمارة والتنظيم العمراني بكلية الهندسة بجامعة القاهرة" أن السور الحديدي الذي أقامته وزارة البيئة يعد تشويهاً لقيمة هذا الأثر. وكان لابد من التخطيط العلمي قبل إنشائه. لأنه بمثابة دعوة صريحة للتعدي علي سور مجري العيون. أشارت د.حواس إلي أن أي تطوير دون مشاركة سكان المنطقة فلن ينجح فلابد أن يكونوا جزءاً من مشروع التطوير مقابل منحهم بعض الامتيازات. ولو بقي السور بصورته المزرية وسط القمامة ومخلفات الصرف الصحي والمدابغ والمواد العضوية سوف يؤدي لهشاشة التربة وخلق هبوط تحت أساسات السور. ينتج عنه شروخ في جسمه تعرضه في النهاية لأخطار جسيمة تصل إلي حد الانهيار. وقال مصدر بوزارة البيئة "رفض ذكر اسمه": إن وزارة البيئة تحملت مسئولية ليست من اختصاصها لأنها ليست جهة تنفيذية ودورها يقتصر علي وضع السياسات فقط. ورغم ذلك قامت ببناء السور الحديدي نظراً لما أعقب الثورة من فراغ أمني نتج عنه كثرة التعديات علي حرم السور مما هدد وجوده. فكان الحفاظ علي الأثر التاريخي هو دافع الوزارة الأكبر لعمل هذا السور الحديدي فقمت بإزالة التعديات عليه وسلمته للحي الذي صار هو المسئول عنه. وعن عودة المخلفات التي تحاصره وتراكمها مسئولية المحافظة وليست وزارة البيئة..أضاف: أما إذا كانت هناك شبهة لإهدار المال العام من جانب الوزارة فتلك مسئولية الجهات الرقابية. "المساء" استطلعت أيضاً آراء بعض المواطنين في منطقة سور مجري العيون فقال صبحي محمد إمام "تاجر" : جميع خطط تطوير وحماية سور مجري العيون باءت بالفشل حتي الآن. وإذا استمر الحال علي ما هو عليه فسوف ينهار هذا السور. ولذلك فلابد من غلقه نهائياً من الناحيتين وترك مساحات صغيرة تكفي لعبور المشاة من جهة لأخري. فهذا وإن كان سيشوه الأثر لكنه سيحافظ عليه لأجيال قادمة أكثر وعياً واهتماماً به. يقول ممدوح زكي "مدرس": مازالت عربات الكارو تلقي القمامة ومخلفات المباني من الجهة المقابلة للسور الحديدي. حتي أصبحت مأوي للمخلفات وخصوصاً مخلفات مصانع الجلود. علماً بأن الحي يقوم برفعها كل يومين لكنها تعود من جديد. يؤكد كل من حسن فؤاد ومحمد حنفي أن الحل يكمن في وجود نقطة شرطة دائمة لمنع عربات الكارو والمواطنين من إلقاء القمامة وعمل محاضر رادعة للمخالفين. أما سعاد حسن "ربة منزل" فتوضح أن السور الحديدي لم يمنع الاعتداء علي حرمة الأثر فالاعتداء دائم عليه حتي ان اللصوص يسرقون أجزاء منه بشكل دائم مما يهدد بقاءه. يشير ياسر عبدالفتاح "موظف" إلي أن المنطقة يوجد بها كثير من المستشفيات والمدارس ولابد من حلول تمنع التلوث والإضرار بصحة المواطنين. والحيلولة دون استعمال حرم سور مجري العيون كزرائب للحيوانات لأن ذلك يعطي انطباعاً سلبياً عن سلوكيات المواطنين ومدي اهتمامهم بآثارهم. توضح كل من سلوي وأمل ناصر أن هناك أماكن داخل حرم سور مجري العيون صارت مأوي للبلطجية واللصوص في ظل ظلام دامس يسمح لهم بارتكاب جميع الأعمال المنافية للآداب والمخالفة للقانون.