ها أنذا أعلنها بكل صراحة ووضوح من خلال "المساء".. ويمكن اعتبارها نداء الفرصة الأخيرة: "حان الوقت للتفاوض والحوار.. والتاريخ لن يرحم". هذه ليست عبارتي وإن كنت أتمني أن أكون صاحبها.. وإنما هي عبارة الصديق محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية وعضو اللجنة الثلاثية للتفاوض واقناع جبهة الإنقاذ بالمشاركة في الحوار الوطني.. وقد قالها في إطار حوار مع زميلي وصديقي مختار عبدالعال نشرته "المساء" يوم الاثنين الماضي علي صفحتها الرابعة. وللتذكرة.. فإن اللجنة الثلاثية المفوضة بدعوة جبهة الإنقاذ للحوار ضمت إلي جانب الصديق السادات كلاً من إبراهيم المعلم الكاتب والناشر الشهير وسامح فوزي ممثل الكنيسة في الحوار.. وقد جاء في تصريحات السادات ل "المساء" أن مؤسسة الرئاسة فعلت كل ما عليها والكرة الآن في ملعب جبهة الإنقاذ.. وأضاف: "لقد أجرينا معهم العديد من اللقاءات وتباحثنا كثيراً ولكن هم لديهم مشكلة.. فالجبهة عبارة عن تيارات متعددة وكل طرف له حساباته.. وكل شخص نلتقي به يطلب عدم الإعلام عن اللقاء.. وأفهمناهم أننا لا نقوم بدور الوساطة فكلنا مصريون ووطنيون.. وكل هدفنا المصلحة الوطنية". وقد اكتشفنا من خلال تصريحات السادات أن جبهة الإنقاذ حددت شروطاً للحوار من بينها أن يكون خارج مقر الرئاسة ووجود ضمانات لجدية الحوار وجدول أعمال وأن مؤسسة الرئاسة وافقت علي تمثيلها بشخص علي مستوي رفيع للقاء جبهة الإنقاذ في أي مكان حتي ولو كان خارج الرئاسة وفي أي وقت وأكدت جديتها وأنها علي استعداد للحوار وجهاً لوجه. أما حكاية الضمانات فقد علق عليها السادات قائلاً: "لا يعقل أن يطالب أحد بضمانات.. قلنا لهم تعالوا نجلس في لقاء تمهيدي ونتفق علي كل شيء ولكننا لم نتلق استجابة للآن.. وعموماً نحن قمنا بما علينا القيام به وعملنا ما علينا ونقلنا لهم الصورة بأمانة". هل هذا الذي قاله السادات يكفي للرد علي الذين يطالبون الرئيس مرسي بضرورة لم الشمل والحوار مع المعارضة بدلاً من أن يعطي أذنه لأهله وعشيرته فقط؟! في اعتقادي الشخصي أن الرئيس يجب أن يبذل جهداً أكبر من ذلك.. ويجب أن يبعث برسائل طمأنة من كل زاوية إلي المعارضة بكل فصائلها.. فهو رئيس الجميع.. والمسئول الأول عن أمن البلد واستقراره.. ولن يتحقق في هذا البلد أمن أو استقرار أو تنمية إلا بالحوار واستعادة الثقة بين كافة الأطياف والتيارات السياسية. ومن حسن الطالع أن كثيراً ممن يتحدثون الآن في الإعلام وعلي المنابر يحرضون علي الحوار ووحدة الصف بعد أن أدركوا أن ضياع مصر وتفككها وانهيارها اقتصادياً وأمنياً مرهون باستمرار الفرقة الحالية وتبادل الاتهامات بين السياسيين المختلفين والمتصارعين. سمعنا نداء الشيخ العريفي في كل خطبة تحدث فيها عن مصر إلي ضرورة نبذ الفرقة والتشرذم والخصام بين أهل مصر حتي يعود لهم مجدهم.. ولعل القلوب التي تفاعلت عاطفياً مع حديث الرجل أن تتحرك نحو الحوار وتعمل علي تقديم المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة. وسمعنا نداء شيخ الأزهر وبابا الكنيسة من أجل العودة إلي التفاهم والتوافق من أجل مصر ومستقبل أبنائها.. وسمعنا من كثير من حكماء هذا الوطن كلاماً طيباً عن ضرورة أن يكون الاختلاف في الرأي إثراء للعمل الوطني وليس تفريقاً للصف وتمزيقاً للأمة. وفي الجلسة السابعة من الحوار الوطني بمقر الرئاسة الأربعاء الماضي قال المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية المستقيل الذي يدير الحوار إنه لا يريد من رافضي الحوار سوي أن يعاملوه معاملة السيناتور اليميني الأمريكي جون ماكين مستغرباً أن يتحمس البعض في جبهة الإنقاذ للذهاب إلي محاورة ماكين بينما يتحفظون علي التحاور مع شركاء في الوطن وفي ثورة 25 يناير. دعونا نؤكد بهذه المناسبة علي حق كل سياسي وكل حزب وكل فصيل في أن يتحاور مع ماكين ومع من يشاء في إطار من الوضوح والعلانية دون رقابة أو وصاية من أحد.. فالوطنية ليست حكراً لطرف دون الآخر من أحزاب المعارضة أو أحزاب الموالاة.. ودعوني أستعر عبارة الصديق محمد أنور السادات فأوجه نداء الفرصة الأخيرة للمعارضة والموالاة معاً بأن يسارعا إلي الحوار قبل أن تغرق سفينة الوطن بالجميع من كثرة ما تعاني من أزمات وصراعات. وحوار الفرصة الأخيرة يتطلب من البداية اعتراف الجميع بالجميع.. أي أن يعترف كل طرف بحق الآخر المتساوي مع حقه في العمل السياسي وتداول السلطة.. وأن يقر بأن الفيصل هو صندوق الانتخاب وآليات الديمقراطية المتعارف عليها. نحن جميعاً نتحدث عن قبول الآخر ورفض الاستبعاد والإقصاء لكن الحقيقة أن كل طرف لدينا يرفض الآخر ويهزأ منه ويسخف من آرائه ويسعي لتشويهه.. وهذا ليس مناخاً صالحاً للحوار.. لذلك يجب أن نبدأ من جديد باعتراف الكل بالكل.. والابتعاد عن المراهقة الفكرية والسياسية.. فالأحزاب الإسلامية يجب أن تعترف بأن الأحزاب المدنية من اليمين واليسار والقوي الليبرالية والقومية والناصرية ليست ضد الدين ولا ضد الشريعة وأن الخلاف معها خلاف سياسي في الاجتهاد والرؤي والأفكار.. بعيداً عن أية اتهامات في الوطنية أو اتهامات بالتبعية. والأحزاب المدنية يجب أن تعترف هي الأخري بأن الأحزاب الإسلامية من الإخوان والسلفيين وغيرهم أحزاب وطنية غير متهمة في إخلاصها لوطنها.. ولا صلة لها بالدولة الدينية والكهنوت الكنسي والحق الإلهي وغير ذلك من الأفكار والتجارب التي ليست من تراث هذا الوطن وليست من ميراث الإسلام. هل يمكن أن يحدث ذلك؟!.. هل يمكن أن ترتقي لغة الخطاب السياسي ويضع كل فريق نفسه مكان الآخر حتي نصل إلي كلمة سواء؟! لو كان فينا كمصريين بقية من عقل لسارعنا إلي ذلك.. اليوم وليس غداً. إشارات: * بالتأكيد.. الدعوات المتزايدة إلي الحوار الوطني لن ترضي أصحاب الدعوات الانقلابية الساذجة.. وآخرها دعوة الأخ كمال خليل التي حملها بيانه لإسقاط الرئيس مرسي يوم 25 يناير ورفض الانخراط في أي عملية سياسية وعلي رأسها الانتخابات البرلمانية. يا عم كمال الدنيا تغيرت ومصر فيها ديمقراطية ناشئة.. ومن جاء بالصندوق لا يذهب إلا بالصندوق. * لا شك عندي في أن صوت العقل هو الذي سينتصر في أزمة النيابة العامة بعد أن رفض أعضاء النيابة التحريض المتواصل والمكشوف للمستشار أحمد الزند. كفاكم الله شر السياسة وألاعيبها يا حراس العدالة. * المعارضة السياسية شيء واتهام الرئيس بالخيانة والعمالة شيء آخر.. مش كده وإلا إيه. * الذين انتقدوا زيارة وزير الخارجية الإيراني لمصر وأطلقوا لخيالهم العنان نسوا أن مصر استضافت وقت زيارة الوزير الإيراني مؤتمراً يدافع عن أهل الأحواز السنة في إيران. مرة أخري.. مصر تغيرت.