عبر البابا تواضروس الثاني عن حزنه إزاء الفتوي المهينة الداعية إلي تحريم المعايدة علي المسيحيين.. داعيًا إلي الرد عليها.. وعدم التعامل مع المروجين لها.. محملاً المجتمع ككل مسئولية المخاوف التي يشعر بها الأقباط.. وقال البابا في حوار تليفزيوني إن الفتوي بعدم المعايدة علي الأقباط أمر يمثل جرحًا كبيرًا لنا.. وأضاف: "المجتمع لازم يقول لأي حد بيحرم المعايدة علي الأقباط عيب أو علي الأقل اصمت". وناشد البابا الإعلام بألا يتعامل مع من يشوه صورة المجتمع المصري ومن يقصي الآخر.. وأكد أن المخاوف التي يشعر بها البعض هي مسئولية المجتمع.. ويجب أن تكون الرسائل التي تقدم لنا مطمئنة.. مشيراً إلي أن جمال مصر في تنوعها ويجب أن نحرص عليها جميعًا. وللبابا كل الحق في أن يشعر بالحزن من تلك الفتاوي والدعوات الجاهلة التي تنطلق بين الحين والآخر كالرصاص تقتل الأرواح وتقهر النفوس وتشق المجتمع المصري الواحد.. وتعمق جروحه كلما قاربت علي الالتئام. ولإخواننا المسيحيين.. شركائنا في الوطن.. في الألم والأمل.. في الضيق والسعة.. لهم كل الحق أن يشعروا بالخوف ويبحثوا عن الطمأنينة في وطنهم.. ويطلبوا من إخوانهم المسلمين أن يردوا علي تلك الفتاوي الغريبة علي مصر والمصريين. ونحن نقول لقداسة البابا.. ولإخواننا المسيحيين جميعًا: لا تحزنوا.. ولا تبتئسوا.. فإخوانكم المسلمون يضعونكم في أعينهم.. في حبات عيونهم.. لا تهتموا بتلك الفتاوي والدعوات المضللة التي لا تعبر أبدًا عن صحيح الإسلام ولا عن سماحة الإسلام.. وإنما تعبر عن جماعات مغلقة علي نفسها.. لم تشعر يومًا بجمال مصر وروعة مصر.. ودفء المشاعر المصرية. لا تحزن يا قداسة البابا.. فالمصريون جميعًا عاشوا قرونًا طويلة إخوة متحابين.. يتقاسمون لقمة العيش.. وشربة الماء.. يتقاسمون لحظة الفرح ولحظة الحزن.. ودائمًا كانت الكنيسة عاملاً لجمع الشمل وكان المسجد دافعًا للتعاون والتسامح والحب. وسوف تظل مصر علي عهدها.. واحة وارفة الظلال لكل أبنائها.. لا تفرق بينهم علي أساس الدين أو العرق أو اللون.. هي لهم جميعًا.. حقوقهم متساوية وواجباتهم متساوية.. وسوف يظل المصريون لبلدهم الجميل.. وطنهم الذي هو "وطن يعيش فيهم وليس وطنًا يعيشون فيه" كما قال الراحل العظيم البابا شنودة. ستعبر مصر مرحلة المراهقة الفكرية والدينية.. وستعود كما كانت دائمًا شابة عفية قوية شامخة.. محروسة بسواعد أبنائها.. وبوعيهم.. ومحروسة بعين الله الذي لا يغفل ولا ينام. فلا تحزن يا قداسة البابا.. ولا تحزنوا يا إخوتنا.. وسامحونا علي ما أصابكم من أذي.. وما أصاب مشاعركم من جروح.. فالقادم أفضل ألف مرة مما مضي. سامحونا.. وكل عام وأنتم بخير وسلام.. ومصرنا أعلي وأعز.. ونحن جميعًا في محبة ووئام. حفظ الله مصر وحماها من كل مكروه وسوء.