باليه "كسارة البندق" الذي تم تقديمه منذ أيام علي المسرح الكبير بدار الأوبرا من خلال فرقتنا المصرية "فرقة باليه أوبرا القاهرة" من الأحداث الفنية الجميلة التي تختتم بها الأوبرا عام 2012 وهي تستقبل عام ..2013 وذلك أسوة بمعظم دور الأوبرا في العالم حيث ان هذا العمل تدور أحداثه في ليلة عيد الميلاد ويمثل متعة للكبار والصغار في آن واحد.. وألحانه الجذابة والشجية تتغلغل إلي النفس وتطرب الأذن مما يجعلها احد معالم أعياد الميلاد. وهذا العمل رفيق لعملين آخرين هما "بحيرة البجع" و "الجمال النائم" والثلاثة من ركائز فرق الباليه العالمية ومن عيون التراث الكلاسيكي.. وتحظي دائماً بإقبال جماهيري كبير.. ومن إيجابيات فرقتنا القومية ان الثلاثة من رصيدها الفني الاساسي منذ بداية انتقالها في أوائل التسعينيات إلي دار الأوبرا ويحسب هذا بدون شك للدكتور عبدالمنعم كامل الذي كان يتولي مسئوليتها في ذلك الوقت. تشايكوفسكي مؤلف هذه الروائع وبالتحديد "كسارة البندق" موضوع حديثنا هو المؤلف الروسي الشهير بيتر إلتيسن تشايكوفسكي "1840 1893" الذي كتب كثيراً من الأعمال الخالدة.. منها 7 سيمفونيات ومجموعة من مؤلفات الكونشرتو للبيانو والكمان و 8 أوبرات.. وتعد أعماله للباليه من أشهر مؤلفاته وأكثرها رواجاً وكان ينظر إليه المؤلفون الموسيقيون والنقاد في روسيا انه أوروبي في اتجاهاته وليس قومياً ولكن نقاد العصر الحديث والنظرة الحالية له أكدت انه مؤلف قومي استطاع أن يمزج تراثه الموسيقي الروسي بتأثيرات الموسيقي الأوروبية لتشكل طابعاً خاصاً به مميزاً لإبداعه. وباليه "كسارة البندق" من أواخر أعمال تشايكوفسكي بدأ في تأليفه عام 1891 وقدم لأول مرة في ديسمبر عام 1892 علي مسرح مارينسكي بمدينة سان بترسبورج وصمم رقصاته ليف ايفانوف الذي تعد ركيزة أساسية لهذا العمل رغم تعدد الرؤي من المصممين بعد ذلك وهنا في العرض المصري يستند العمل علي تصميماته بالإضافة لتصميمات "فايونين" ولكن وفق إخراج ورؤية للدكتور عبدالمنعم كامل وإضاءة ياسر شعلان ومن خلالها جاء العمل سلساً بسيطاً جمع بين الواقع والحلم بدون خط فاصل واضح مما أعطي بعض الحداثة. حدوته الباليه والباليه من فصلين.. مبني علي قصة اقتبسها الكاتب الفرنسي الكسندر دوما عن قصة "كسارة البندق وملك الفئران" للكاتب أرنست هوفمان. تبدأ حدوتة هذا الباليه باحتفال أعياد الميلاد في منزل والدة كلارا الفتاة الصغيرة ويقوم صديق العائلة "دروسلميير" بتقديم العديد من الألعاب السحرية لإدخال البهجة علي الحفل ثم يقوم بتوزيع الهدايا ليكون من نصيب كلارا عروسة "كسارة البندق" الذي يشعر أخوها بالغيرة من سعادتها بالدمية ويحطمها لبها ولكن يقوم صديق العائلة الساحر بإصلاحها ثم ينفض الحفل.. وتقوم كلارا في الليل لتري لعبتها وفجأة تتسع الحجرة وتكبر شجرة عيد الميلاد ونجد اللعب والعرائس تتحرك ويهاجمها مجموعة من الفئران وتدخل في معركة مع العرائس لتنتصر الأخيرة ثم تتحول كلارا إلي فتاة جميلة وكذلك كسارة البندق يصبح فتي وسيماً ويصحبها في رحلة إلي مملكة الحلوي التي يجدون فيها الشيكولاتة التي تمثلها الرقصة الاسبانية والبن يمثله الرقصة العربية والشاي تمثله الرقصة الصينية والرقصة الروسية ثم تشارك كلارا وكسارة البندق في رقصة فالس الزهور الشهيرة والرقصات المنفردة التي تبرز أيضاً ملكة الحلوي ثم تدق أجراس الصباح فيتحول الجميع إلي عرائس مرة أخري فتكتشف كلارا أنها كانت في حلم جميل. براعة الفرقة المصرية والعمل درامي يعتمد علي التمثيل الايمائي والمهارة المركبة وفق قواعد الباليه الكلاسيكي وهذا يعد من مهارات فرقتنا المصرية والتي تفوقت فيها وتجاوزت هذه المرحلة في أداء باليهات معاصرة واكثر تعقيداً في الحركة ولهذا ليس جديدا أداؤهم البارع والذي أعطي انطباعا أن كل أفراد المجموعة نجوم.. هاني حسن وعمرو فاروق ومراد عثمانوف ومحمود عباس الذين تفوقوا في دور الساحر والذي يعد شخصية محورية تستمر طوال العرض كما نجح كل من كاتيرنا ايفانوفا وآنيا اهسين في دور كلارا وفي اعطاء التعبيرات الدرامية الراقصة التي تحتاجها هذه الأدوار.. وأيضاً تألقت كل من كاترينا زيبرزنها وماريا خوسية بيزافي لعب دور أميرة الجليد.. كما تفوقت المجموعة فيي فالس الزهور حيث إنها أدوار تعتمد علي دقة الحركة الكلاسيكية والسرعة في الأداء.. وكذلك برزت الباليرينا المتميزة سحر حلمي في الرقصة الشرقية بالإضافة إلي باقي نجوم الفرقة في الرقصة الصينية والروسية والاسبانية.. وكالعادة تألق كل من أحمد يحيي وممدوح حسن وأحمد نبيل في دور الأمير كسارة البندق.. ولا يفوتنا أن نذكر طلبة معهد "الباليه" وهم لهم دور رئيسي وبارز في العمل وكانوا مفاجأة طيبة استحقوا التصفيق الحار الذي حصلوا عليه من الجمهور. العمل تم تقديمه بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة وبقيادة المايسترو ناير ناجي والذي سبق له قيادة هذا العمل وواضح هنا انه تمرس عليه حيث قدم لنا عملاً موسيقياً حافظ فيه علي ايقاعاته التي يرقص عليها الراقصون. واستطاع أن يقدم الألحان التي ميزت هذا العمل. خاصة في فقرة الرقصات والتي تتنوع فيها الألحان التقليدية لكل بلد. وأخيراً.. "كسارة البندق" عمل جميل والأجمل أن فرقتنا المصرية تستقبل به العام الجديد 2013 وتودع عام .2012