رغم تعدد الاجيال التالية لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ "11 ديسمبر 1911" فإن الاتهام الذي وجهه الناقد الكبير الراحل رجاء النقاش إلي الاجيال التالية لمحفوظ لايزال قائما. وهو انها لم تستطع بعد تخطي العقبة الهائلة التي تمثلها ابداعات محفوظ امام الرواية العربية كلمات النقاش كتبها في الستينيات. ودفعت بعض المبدعين من الأجيال التالية لمحفوظ الي التوقف عن الابداع. باعتبار أنه ليس في الامكان أبدع مما كان.. والظاهرة مستمرة الي أيامنا الحالية. يتساءل يوسف الشاروني : هل هذا يحدث في بلد آخر؟ هل ديكنز كروائي كبير متميز كان عقبة أمام الروائيين الآخرين؟ يجيب الشاروني : لا اعتقد ان نجيب محفوظ عقبة.. هو شخص متفوق. ويمتلك تدفقا روائيا. وهناك روائيون ممتازون. ليس ضروريا ان يحصلوا علي جوائز نوبل. نجيب محفوظ رائد من ناحيتي الكم والكيف. وقدوة للاخرين. ورائد في الوطن العربي: حنا مينا في سوريا. وأمين معلوف في لبنان. وابراهيم الكوني في ليبيا. وعبدالرحمن منيف في السعودية. وواسيني الاعرج في الجزائر. وغيرهم. اعتقد انهم في مصاف نجيب محفوظ وحصلوا علي العديد من الجوائز. وفي تقدير د. شريف الجيار أن نجيب محفوظ يمثل مرحلة مفصلية مهمة في تاريخ الأدب والسرد العربي. وليس المصري فقط. محفوظ كغيره من عظماء الرواية العالمية. في روسيا وفرنسا وأمريكا اللاتينية. يضفر في ابداعه مراحل التاريخ المصري المتعاقبة الي تاريخنا الحديث. فضلا عن الفلسفة والتجرد الصوفي.. كل هذا يزيد من صعوبة نجيب محفوظ كنموذج متميز في الكتابة السردية. ولمن سبقه من الاجيال التالية. أو حتي لمن جايله. وبالتالي فإن نص محفوظ في الرواية يضع الاجيال في شرك. لأن معظم الرؤي النقدية بعد محفوظ تطرح موازنات بين نوعية السرد الابداعي في الاجيال اللاحقة. وبين التجريد النصي لدي محفوظ. فيعد محفوظ بمشروعه الذي تجاوز الخمسين عملا في مجال السرد عقبة محمودة لغيره من الأجيال. لاسيما شباب المبدعين الذين يضعهم محفوظ في اختبار ابداعي حقيقي. ليس علي صعيد الشكل فقط. ولكن من حيث القضايا التي تفاعلت مع الواقع المصري منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن المنقضي. ولكن علي صعيد القدرة علي التجريد في البناء السردي. تمثلت برامج محفوظ بالواقعية الفنية. بدءا من عبث الاقدار ورادوبيس وكفاح طيبة. التي استلهمت التراث الفرعوني. وانتقالا الي الثلاثية واللص والكلاب والحرافيش وليالي الف ليلة. التي اعتمد فيها علي رصد قضايا الواقع بشكل فني. يحمل الروح الواقعية. لذا يضع نجيب محفوظ من اتي بعده من كتاب الرواية والقصة في مأزق يجعلهم يحاولون اعادة التجربة المحفوظية. ويقيمون موازنة في لا وعيهم لتجارب الرائد نجيب محفوظ. نموذج يحتذي ويذهب د. احمد عتمان الي ان هذا الكلام يقال عادة في الشخصيات العظيمة التي تعدت الحدود المعتادة ويمثلون تحديا للاجيال التالية. هذا يحدث في كل المجالات.. وبالنسبة لنجيب محفوظ. فإن شخصيته الانسانية الرائعة. بالاضافة الي عبقريته الادبية. وحب الناس له في أنحاء العالم. حينما يترجم الي احدي اللغات يؤكد انه نموذج يحتذي به. ولا يمثل تحديا ولا عقبة بالمعني الذي قد يتصوره البعض. فبالاضافة الي موهبته المتفردة. ثمة اخلاقه الرائعة وتواضعه وبساطته في التعامل مع كل الناس. وهو ما يجعل منه شخصية تمثل نموذجا يحتذي به. حيث يضعه كل شاب من الاجيال الناشئة كهدف يشغله ان يصل اليه. وفي فترة من فترات الستينيات والسبعينيات والكلام للروائي فخري فايد كان نجيب محفوظ ملء السمع والبصر ساعد علي ذلك الي جانب موهبته المتفردة الافتتان الشديد من جيل الشباب حتي انهم كانوا يستصغرون أنفسهم. ويصغرونها ايضا. بعد ان جعل الشباب بالذات اعين النقاد متغافلة عن كتاباتهم. بينما تناولوا اعمال محفوظ بالتقدير والاستحسان. وكان من الأحري ان يعنوا بجيلهم. ولا انسي دعوتي لجماعة من جيلا بعد ان توليت سكرتارية تحرير مجلة "القصة" التي كانت تصدرها وزارة الارشا