علي مدي الأيام الماضية ناشدت الرئيس محمد مرسي إلغاء مادتين علي الأقل في الإعلان الدستوري هما الثانية والخامسة تحديدا - رغم ان باقي المواد عليها اعتراضات وتحفظات كثيرة - حتي تهدأ الأمور بعض الشيء ويبدأ الحوار والتفاهم لكنه لم يفعل! وقلت أمس ان لقاء الرئيس مرسي مع اعضاء المجلس الأعلي للقضاء لن يقدم أو يؤخر أو يزيل حالة الاحتقان في الشارع والتي وصلت إلي الغليان وشرحت أسباب ذلك.. وقد كان حيث خرج اللقاء ببيان هزيل لم يطرح بادرة أمل بل زاد الأزمة تعقيدا. الآن.. وبعد كل ما جري وبعد إصرار مؤسسة الرئاسة أو بمعني اصح "مكتب الإرشاد" علي العناد واستمرار هذه الكارثة.. فإنني اليوم أطالب وبإصرار أيضاً بإلغاء كل الإعلان غير الدستوري.. الإلغاء هو الحل.. ولا حل سواه. فقط.. ألفت نظر الرئيس محمد مرسي إلي ثمانية أمور مهمة: * الأول.. ان الإعلان أصلا غير دستوري لأنه ليس من حق الرئيس المنتخب اصدار إعلانات دستورية حيث ان المرحلة الثورية التي تفرضها ممارسة هذا الحق قد انتهت بانتخاب الرئيس وادائه اليمين القانونية ودخل بهما المرحلة الدستورية. * الثاني.. انه من العيب جدا ان تستهين مؤسسة الرئاسة بشيوخ القضاة وبجموع القضاة وتصدر بيانا ملتويا لا يعني سوي تفسير وتحصين الاعلان غير الدستوري وبصياغة رديئة للغاية.. وأربأ بالأخوين "مكي" ان يصيغاه بتلك الركاكة اللفظية والقانونية رغم انهما من عمالقة القانون ومن تيار الاستقلال.. ثم وبمزيد من الاستهانة تعلن الرئاسة انه لا تغييرات في الاعلان.. فعلام كان الاجتماع إذن؟! * الثالث.. إذا كان البيان قد وافق عليه فعلا اعضاء مجلس القضاء ووقعوا عليه بالإجماع كما قال المتحدث الرسمي للرئاسة.. فالمفروض ان تنشره الرئاسة.. رغم ان موافقتهم أو رفضهم بلا تأثير يذكر لأنهم لا يعبرون عن جموع القضاة.. ومع هذا فإن عددا من هؤلاء الأعضاء نفوا موافقتهم بل واكدوا ان البيان تحايل علي جموع القضاة وان مطالبهم التي عرضوها قد أهملت. * الرابع.. ان البيان الالتفافي ركز علي تفسير التحصين بأنه للقرارات السيادية فقط.. وهو كلام مطاط فليس هناك اجماع علي ما هي القرارات السياسية وغير السيادية.. ثم ألا يدري الاخوان "مكي" ان القرارات السيادية لا يفسرها سوي القضاء؟ فكيف إذن سيتدخل القضاء إذا استمرت المادة الثانية التي تنص علي ان قرارات الرئيس نافذة بذاتها ولا تقبل الطعن أو الالغاء أو الوقف؟! * الخامس.. ان البيان لم يفسر اشكالية مخالفة قانون السلطة بعزل النائب العام وتعيين نائب جديد دون موافقة مجلس القضاء الأعلي.. رغم ان ترك النائب العام لمنصبه هو مطلب ثوري الا ان عزله مخالف للقانون. * السادس.. بسبب الإعلان غير الدستوري انهارت البورصة واصبح قرض صندوق النقد الدولي مهددا بالتوقف كما هدد البرلمان الأوروبي بخفض المساعدات. * السابع.. ان كل ردود الفعل الغاضبة التي خرجت عقب البيان الهزيل والكارثي تنحصر حتي الآن في رفض البيان وضرورة إلغاء الاعلان غير الدستوري.. لكن لا أحد يضمن عواقب التصعيد. * الثامن.. ان المظاهرات والاحتجاجات المنددة بالإعلان غير الدستوري في الخارج بدأت تتزايد.. في واشنطن وهيوستن بالولايات المتحدة وتورنتو بكندا ولاهاي بهولندا وهناك تهديدات بأن تتسع لتشمل كل أوروبا وأمريكا واستراليا وايضا بتصعيد الموقف!! في النهاية.. هل تتحمل مصر كل هذا؟ ولصالح من؟ البلاد والعباد أم لصالح الجماعة والأهل والعشيرة؟ سيادة الرئيس.. أرجوك.. اجلس بمفردك.. بينك وبينك ربك واستفت قلبك.. قلبك انت لا قلب المرشد أو نائبه أو مكتب الارشاد.. واتخذ القرار الذي يرضي الله ويحقن دماء المصريين فهذا حقهم عليك.. وتذكر يوما تشخص فيه الأبصار. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.