السيد رئيس الجمهورية .. أكتب إليك هذه الرسالة وكلي أمل أن تصل إليك .. لعل الذكرى تنفع المؤمنين .. وعلى الرغم أني لم أكن يوما من مؤيديك .. لكنني لم أكتب هذي الرسالة لأصطنع بطولة وهمية بمعارضتك .. ولا لأنال بركات التأييد والتهليل والتغني بحكمتك وإيمانك .. لكنني أكتب ما يمليه عليَّ الضمير والإيمان بالله وحب الوطن الذي يشبه السفينة .. إذا غرقت ؛ غرق الجميع .. وإذا ما وصلت لبر الأمان ؛ صلوا جميعا شكرا للإله .. كل حسب معتقده .. فالدين لله ... والوطن للجميع .. والمواطنون ( المؤيدون لكم و المعارضون ) جميعهم يريد الخير لمصر .. كل يرى الخير بعينه هو وفكره ورؤيته التي تختلف عن غيره نتيجة لثقافته وبيئته ونشأته وتعليمه ...... الخ .. لا يوجد بيننا خائن .. لا يوجد من يريد أن يغرق السفينة .. لكنك الآن القائد والقبطان المسئول عن وصول السفينة لبر الآمان وسلامة أرواح ومكتسبات المواطنين الذين يراقبون جميع أفعالك وأقوالك التي تنعكس بطريق مباشر أو غير مباشر على حياتهم اليومية و أحلام رسموها لمستقبل أفضل وحقوق وحريات انتزعوها بأرواحهم ودمائهم .. لم يمنحها لهم أحد ولن ينتزعها منهم أحد .. وقد شاء القدر أن تصبح رئيسا لمصر ولا أعلم إن كان هذا قدرك أم قدرنا .. هل هو قدرك أن يكتب اسمك في صفحات التاريخ حاكماً .. والتاريخ لا يعرف سوى ثلاثة أنواع من الحكام : النوع الأول : حكام لا يحبون شعوبهم ولا يفكرون في تاريخهم .. وهؤلاء تلعنهم شعوبهم ويلقي بهم التاريخ في أسوأ صفحاته وتكون نهايتهم بما يستحقون من الخزي والذل .. فمنهم من خلع وسجن مثل سابقك مبارك .. ومنهم من عزل ونفي مثل الملك فاروق .. وغيرهم كثيرين منهم من قتل ومن سجن ومن نفي .. جميعهم لعنهم الناس والتاريخ . النوع الثاني : حكام يفكرون في تاريخهم فقط .. فيبحثون عن المجد الشخصي حتى لو بالبناء في الوطن لكن على حساب المواطن .. فيمقتهم الناس وإن خلدهم التاريخ . النوع الثالث : حكام يحبون شعوبهم ويعملون على تحسين أحوالهم وتحقيق أحلامهم ويفكرون في تاريخهم .. فيحبهم الناس ويكتب التاريخ أسمائهم بحروف من نور . وسؤالي الآن يا سيادة الرئيس : أي الحكام تحب أن تكون ؟ لكنها الإجابة ليست بالقول .. فدع الأيام تحكم .. لكن اعلم يا سيادة الرئيس أن الحب لا تصنعه الآلة الإعلامية ولا العصا الأمنية ولا مجموعة مطبلاتية .. لا تصنعه الشعارات البراقة ولا التصريحات والكلام المعسول .. فقط يصنعه الإخلاص والصدق في حب الناس وترجمة هذا إلى أفعال يتلمسها الناس على أرض الواقع .. بتحسن أحوالهم في حياتهم اليومية وتحقيق مطالبهم وأهداف ثورتهم التي تقول أنك جئت لاستكمالها .. فلماذا يا سيادة الرئيس : لماذا يظل آلاف المدنيين في السجون العسكرية في عهد أول رئيس مدني في يده السلطتان التنفيذية والتشريعية ؟!! لماذا لم يصدر قانون يتيح إعادة محاكمة رموز الفساد في العهد البائد .. ويقتص لدماء المصريين .. ويعيد أموالهم ويمنع التصالح فيها في عهد الرئيس الثوري ؟!! لماذا لم يقم أول رئيس منتخب بلم الشمل وتوحيد الصف الوطني لبدأ مرحلة البناء ؟!!!!! لماذا يظل الاعتماد على ذوي الثقة في المناصب القيادية بديلا عن الكفاءات ؟!! .. وأين مكانة العلم في عهد أول رئيس أستاذ جامعي ؟!! وهل هي مجرد زيادة في الرواتب ؟!! ولماذا لم يتم الاستعانة بالعلماء المصريين وأساتذة الجامعة لإيجاد بدائل لحل المشكلات بالطرق العلمية ؟!! ولماذا يتوقف مشروع زويل ؟!! لماذا لا يوجد شفافية في عهد رئيس كان نائبا برلمانيا يراقب الحكومات ويطالبها بالشفافية ؟!! لماذا تسير الدولة في عهد رئيس يحمل مشروع النهضة بنفس السياسات القديمة .. فتقترض من هنا وتطلب المنح من هناك ؟! .. وأين بدائل التمويل التي كنتم تتحدثون عنها ؟!! لماذا لم يصدر حتى الآن قانون جديد للسلطة القضائية بما يضمن استقلالها ونزاهتها ويحقق العدالة في ساحاتها بديلا عن محاولات القضاء على ما بقي من استقلالها ؟!! .. رغم التأكيد الدائم على استقلال القضاء وأنك اخترت في إدارتك مجموعة من رموز تيار الاستقلال وعلى رأسهم نائبك . لماذا سحبت كل وعودك التي قطعتها على نفسك وأنت مرشح للرئاسة ولم تعيد تشكيل تأسيسية الدستور كي يخرج دستورا توافقيا .. بديلا عن الدخول في جدل واستقطاب حول التصويت للدستور ؟! لماذا لم تصبح حتى الآن رئيساً لكل المصريين ؟!! رغم أنه بمقدورك !! ولماذا لم يتم ترجمة رسائل الطمأنة لكل الفئات والتيارات لأفعال ملموسة تؤكدها كي يلتف الجميع حولك ؟!! للأسف يا سيادة الرئيس لم تفعل أيا من هذا وهو يسير ولا يحتاج إلا لجرة قلم من سيادتك .. لم أتحدث عن مشروع المائة يوم الذي ربما يختلف البعض في مدى نجاحه .. ولا أتحدث عن حلول المشكلات والأزمات الحالية .. ولا عن الأعباء التي ازدادت على كاهل المواطن في عهدكم بديلا عن تخفيفها .. فكل الأسعار في ازدياد .. وكل المشكلات كما هي .. وكل المطالب لم تنفذ .. ولم نتحدث عن مشروع النهضة الذي لم نرى له معالم حتى الآن . فقط نتحدث عن ما هو بالإمكان .. فهل يمكن تدارك هذه الأخطاء قبل أن يفوت الأوان ؟؟؟؟؟؟ ***** إننا نتحدث عن بناء وطن .. يحتاج لتكاتف جميع أبناءه والاستفادة بجميع الآراء والأفكار .. لتقوم نهضة حقيقية ...... ***** يا سيادة الرئيس إن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه سابقك أنه لم يكن يقرأ ولا يحب سماع الرأي المخالف .. يكره معارضوه ويظن أن معارضتهم له كراهية .. فلم يعلم أن الشعب كله يكرهه إلا حينما خرجت الملايين تطالب برحيله .. فأصغ لصوت معارضوك فربما تجد بينهم ناصح .. واحذر من بطانتك كي لا تقع في تلك الأخطاء التي تضعك في مواقف حرجة تضطرك للتراجع في قرار آخر .. فالتراجع في القرارات يوحي بالضعف و التردد .. واليد المرتعشة لا تقوى على البناء .. ف الجرأة ليست بفتح الصدر في التحرير ولا عدم لبس قميص واقي ولا ركوب السيارة المكشوفة في الإستاد .. الجرأة أن تنقلب على كل ما يحول بينك وبين الناس فتصل إلى قلوبهم . اغتنم الفرصة يا سيادة الرئيس ......... فقد لا تأتيك ولا لحزبك فرصة ثانية . ********* حفظ الله مصر