ضاعفت وكالة ستاندرد أند بورز، معاناة مصر الاقتصادية بعد تخفيضها للتصنيف الائتماني للدولة والذي من شأنه أن يعرقل جهودها في الحصول على القروض اللازمة لانتشالها من أزماتها الداخلية وعلى رأسها نقص العملة والتي كانت أحد أهم أسباب التخفيض. وأكد خبراء أن تراجع مصر في التصنيف يفقدها الكثير من الاستثمارات التي ستبحث عن دولة مستقرة, كما سيضاعف قيمة التأمين على المخاطر السيادية ويرفع قيمة الفوائد على أية قروض جديدة واستمرارها على هذا الوضع لمدة ستة أشهر قد يعرضها للتخفيض مرة أخرى. وخفضت وكالة ستاندرد أند بورز التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر إلى سلبي، بعدما كان مستقرًا، بسبب الصعوبات المالية التي توجهها البلاد. وقالت الوكالة: "النظرة السلبية تعكس تقديرنا بأن هشاشة الوضع المالي في مصر قد تتفاقم خلال 12 شهرًا المقبلة, ونعتقد أن هذا يعطل تعافي اقتصاد البلاد، ويصعد التوتر السياسي والاجتماعي في البلاد". وأبقت الوكالة العالمية على تصنيف الائتمان السيادي القصير الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية لمصر في فئة ب- سلبي/ ب. وتتوقع الوكالة أن يتوسع العجز المالي الحالي إلى معدل 4،8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2016 إلى 2019، وضعف في إيرادات الصادرات والسياحة. وأضاف بيان الوكالة أن اكتشاف شركة إيني الإيطالية لحقل الغاز الجديد "ظهر"، والذي سينتج نصف مليون برميل مكافئ نفط العام القادم، سيساهم في اجتذاب الاستثمارات، في قطاع المحروقات. قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي, إن تخفيض التصنيف الائتماني إلى B- هي نظرة لازالت مستقرة ولكن تنذر بالعديد من المخاطر والأعباء التى ستصيب مصر إذا ما استمر الوضع الداخلي لمصر وعلى رأسها نقص الدولار على ما هو عليه والذي استندت عليه ستاندرد أند بورز. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن التصنيف الائتماني يمثل تقييمًا مهمًا لدى المؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي, بالإضافة إلى المستثمرين, لأنه يكون أول خطوة في اتخاذ قراراتهم لتمويل مصر أو إقراضها أو حتى ضخ استثمار جديدة من قبل المستثمرين الأجانب. وأشار إلى أن مصر موقعة على قرض بقيمة 3 مليارات دولار كان من المفترض أن تصل أول دفعة منه قيمتها مليار دولار خلال الأيام القادمة, لكن بعد تخفيض التصنيف الائتماني لمصر ربما يتم تأخير قيمة القسط الأول أو وضع شروط جديدة ترفع قيمة الفوائد إلى 3% بدلاً من 1.5% وزيادة نسبة مخاطر التأمين على الديون السيادية من قبل مؤسسات التأمين الدولية, كما أن هناك قلقًا كبيرًا سينتاب مَن يفكر من المستثمرين دخول السوق المصري؛ بسبب ارتفاع المخاطر وخاصة في ظل نقص الدولار لدى البنك المركزي, وهو أكثر ما يفكر به المستثمر الأجنبي لضمان تحويل أرباحه واستمرار أعماله للخارج. وأضاف أن التقرير أوضح أن هناك ضعفًا في السياسة المالية للدولة، مما ساهم في زيادة نسبة التضخم وعجز الموازنة والدين العام, وميزان التجارة وهذه مؤشرات هامة تعتمد عليها مؤسسات التصنيف الائتماني, متوقعًا أن يتم قريبًا تخفيض التصنيف الائتماني أيضًا للبنوك المحلية؛ بسبب تمويلها لأكثر من 75% من العجز الداخلي للدولة دون أن تحصل على قيمة هذه القروض مرة أخرى, مما يرفع مخاطر البنوك الداخلية. وتابع: "تراجع التصنيف إلى B- لن يمنع من الحصول على قروض إلى إذا تراجعنا إلى c لنصبح مثل اليونان ومن ثم ستكون هناك أزمة كبيرة, وربما ترفض جميع المؤسسات الدولية الإقراض بجانب عزوف المستثمرين عن دخول السوق المصري". وأضاف أن مؤسسة التصنيف ستاندرد أند بورز, هي أكبر مؤسسة تصنيف في العالم ومن الطبيعي أن تتبعها جميع مؤسسات التصنيف العالمي وتأخذ برأيها المؤسسات المالية الكبرى, خاصة أن البنك الدولي للإعمار والتنمية تجاوب مع تخفيض استاندرز أند بورز وخفض تصنيف مصر, متوقعًا أن يتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر مرة أخرى إذا استمرت أسباب التخفيض المعلنة لنحو ستة أشهر قادمة. وفي سياق آخر، يرى محمد الدشناوي، خبير أسواق المال، إن تقرير مؤسسة ستاندر أند بورز عن التصنيف الائتماني لمصر, لم يخفض، بل النظرة المستقبلية التي انخفضت من مستقر إلى سالب. وأوضح في تصريح خاص ل"المصريون" أن تخفيض التصنيف ليصل إلى B- لا يعوق الاقتراض من الخارج لكنه يرفع تكلفة الاقتراض ويقلل الثقة بالاستثمار في مصر, وتفادي هذا يمكن عن طريق إجراء إصلاحات في هيكلة الاقتصاد وتخفيض عجز ميزان المدفوعات.