لا يُشكّل فتح معبر رفح البري، الواصل بين غزة ومصر، بالنسبة لآلاف الحالات الإنسانية، في قطاع غزة، سوى ساعات طويلة من "الانتظار" و"المعاناة"، بعيدا عن كونه بوابة ستنقلهم إلى "الخارج". فبعد 85 يوما من الإغلاق المتواصل للمعبر، سمحت السلطات المصرية بفتحه ليومين فقط، قال مسافرون، لوكالة "الأناضول" إنها غير كافية. وفتحت مصر، صباح اليوم الأربعاء، معبر رفح البري، في كلا الاتجاهين، لسفر الحالات الإنسانية في قطاع غزة، وعودة العالقين في الجانب المصري. المشهد في صالة الانتظار بالجانب الفلسطيني من المعبر، ترجم معاناة سكان غزة، خاصة "العالقين" منهم، إذ اكتظ المكان منذ ساعات الصباح الباكر بمئات المسجلين للسفر، وسط صراخ النساء والأطفال. وتُعتبر بوابة معبر رفح، المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة البالغ تعدادهم حوالي 1.9 نسمة. لكنها في ذات الوقت، تعتبر بوابة ألم ومعاناة دائمة، نتيجة الازدحام، وبطء إجراءات السفر، وعدم يقين المسافرين بإمكانية الولوج إلى الجانب الآخر منه. وتقول وزارة الداخلية بغزة، إن عدد الراغبين في السفر، يزيد عن 30 ألف شخص. وفي إحدى زوايا صالة المعبر في الجانب الفلسطيني، انهارت المسنة روحية صلاح (70 عاما)، في البكاء، وبدأت في الصراخ عاليا، خوفا من عدم تمكنها من السفر، بعد 3 محاولات انتهت برجوعها إلى المنزل. صلاح تُمسك بيدها أربع جوازات سفر، لها ولزوجها المقعد على كرسي متحرك، ونجليها، وبصوت حزين تروي لوكالة "الأناضول":" بدي (أريد) أسافر، جوزي (زوجي) مريض، (..)". يعلو صوتها أكثر، ما يستدعي تدخل بعض عناصر رجال الأمن، لمساعدتها في الجلوس والانتظار، مع وعود لها بالتمكن من السفر خلال اليوم. ويتم السفر عبر معبر رفح، من خلال تنقل حافلات من الجانب الفلسطيني إلى المصري، عبر كشوفات تضم أسماء المسافرين، تعلن عنها وزارة الداخلية بغزة. تضيف صلاح، وهي تجلس على كرسي بلاستيكي بجوار زوجها: "جئت اليوم للسفر، هذه ثالث مرة أحاول فيها السفر لعلاج زوجي المريض، ولم أتمكن". وتتابع وسط نوبات من البكاء:" زوجي بحاجة لعملية إزالة مسمار حديدي من قدمه، (...) ونحن مسجلين للسفر منذ نحو عام، ولم نتمكن من السفر، وزوجي بحاجة للسفر". ويتكرر المشهد ذاته مع المسنة "مدللة بصل" (66 عامًا) التي افترشت الأرض بجوار زوجها السبعيني، ونجلها الثلاثيني، وبحوارهم حقائبهم، بانتظار النداء على اسم نجلتها آلاء "20عامًا"، التي ترغب بالسفر لزوجها القاطن في مدينة المنصورة المصرية. وتقول بصل لمراسل الأناضول": كُلما فُتح المعبر أتوجه برفقة ابنتي العروس، لكن أيام فتح المعبر قليلة، أتمنى أن نتمكن من المغادرة، فزوجها ينتظرها منذ الصباح على الجانب المصري من المعبر". وعقدت الابنة زفافها في غزة قبل نحو ستة أشهر، بدون حضور العريس، في انتظار أن تُزف إليه مرة أخرى بمصر، دون حضور الأهل، كما تقول الأم. وتستدرك الأم بأسى:" المعبر لازم يفتح كل يوم، ما ذنبنا بهذا العقاب". وعلى مقاعد صالة الانتظار في المعبر، تجلس عشرات العائلات، وقد بدا على أطفالها، علامات التعب والإرهاق واضحة. وناشد إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة، السلطات المصرية بفتح المعبر بشكل دائم ومستمر. وقال البزم في حديث لمراسل "الأناضول":" هناك نحو 30 ألف حالة إنسانية في قطاع غزة، بحاجة ماسة للسفر عبر معبر رفح، من بينهم نحو 4 آلاف مريض". ويربط معبر رفح البري، قطاع غزة بمصر، وتغلقه السلطات المصرية بشكل شبه كامل، منذ يوليو 2013 لدواع تصفها ب"الأمنية"، وتفتحه على فترات متباعدة لسفر الحالات الإنسانية.