في ظل الحشود الكبيرة التي تظاهرت أمس أمام نقابة الصحفيين رافضة التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، كان هناك تعتيم وتجاهل إعلام غير مسبوق للمظاهرات التي انطلقت أمس تحت شعار جمعة "الأرض هي العرض". وفى الوقت الذي امتلأت فيه شوارع وسط القاهرة أمس الجمعة بأعداد غفيرة من الشباب، خاصة أمام نقابة الصحفيين بشارع "عبد الخالق ثروت", كان التليفزيون الحكومي وبعض القنوات الإعلامية تظهر على شاشتها هدوء القاهرة وخلوها من أي تظاهرات, وبثت صورة السيولة المرورية والشوارع الهادئة. وقالت, حنان فكرى, عضوه في مجلس نقابة الصحفيين, إن وسائل الإعلام أمس الجمعة تعمدت أن تخفى التظاهرات الرافضة لأن هناك إعلاميين يسيرون على نهج كل شخص "ملك نفسه" ويتعمد إخفاء الحقيقة لإرضاء أطراف معينة، مستدركة "لكنهم لا يعلمون أن هذا خطأ فادح يجعلنا نعود لعهد مبارك البائد, وسيجعل نهاية مصر مثل نهاية دولة مبارك"". ووصفت فكري التليفزيون الحكومي ب " عبد المعبود"، مشيرة إلى أن التعتيم استمر حتى ساعات متأخرة من عصر الأمس؛ لكنها أجبرت في النهاية للبث المباشر بعد أن انتفضت وسائل التواصل الاجتماعي بالصور المباشرة للحدث. وتابعت فكري "نقابة الصحفيين بيت وملجأ لكل مواطن تظاهر المواطنين أمس أمام أمر ليس مستغرب, لأنه من حقهم التعبير عن مشاعرهم الغاضبة تجاه أراضيهم". وقال أبوالمعاطي السندوبي, عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين, إن "وسائل الإعلام تعتمد تعتيم التظاهرات والحشود الكبيرة التي تواجدت أمس أمام نقابة الصحفيين, في جمعة الأرض هي العرض, لأن النظام الحالي يريد صحفيين مرتزقة يعملون لحسابه ويخفون الحقائق", بحسب قولة. وأشار إلى أن الإعلام التابع للنظام أراد إخفاء الحشود والأعداد الكبيرة أمس حتى لا يشجع آخرين إلى النزول والتضامن معهم، وهو أكبر دليل على أن النظام الحاكم قمعي ويحرم المواطن من أبسط حقوقه في التعبير عن رأيه. وقال السندوبي ل"المصريون", إن "التعتيم الإعلامي والتجاهل لتظاهرات النقابة أمس جاء بنتيجة عكسية, لأن الشباب اتجهوا لوسائل أخرى في بث الصورة حيه ونقلها للجميع". وتابع: "نقابة الصحفيين أمس نالت شرف الانتفاضة التي كسرت حاجز الخوف بعد قيام الأمن بقطع الطرق أمام جميع التظاهرات التي خرجت من المساجد والميادين العامة ولجئت لنقابة الصحفيين لتحميها وتكون ظهر لها", مؤكدًا أن تلك الحشود كانت الأولى في تاريخها منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم. واستكمل: "النظام الحاكم يمارس أسلوب القمع ومنع حرية الإعلام والصحافة, لأنه يريد صحفيين مرتزقة مأجورين لخداع الرأي, فهو يريد إعلام يقول له "تمام يا فندم"، ولا يعترف بوجود معارضين له"، بحسب تعبيره. في السياق ذاته, قال حسن علي, الخبير الإعلامي ورئيس قسم الإعلام بجامعة المنيا, إن "التجاهل والتعتيم الإعلامي للتظاهرات الرافضة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير أم, كان شعار الإعلام التابع للنظام أمس, لأنه يريد إعلاء الصوت الواحد فقط وهو الصوت المؤيد وليس المعارض". وأضاف: "الرئيس عبدالفتاح السيسي يجعلنا نعود للخلف إلى عهد جمال عبد الناصر المعروف بالديكتاتورية والقمع, وحكم الفرد الواحد فقط".