عام كامل مر على الثورة المصرية "غير المكتملة" ففى مثل هذا اليوم كانت الشرارة الأولى التى بدأت عليها أحداث الثورة بنزول الشباب، مطالبين بمطلب واحد هو "عيش-حرية-عدالة اجتماعية" ولكن غباء النظام السابق فى التعامل مع الشباب هو ما صعد الأمور سواء فى جمعة الغضب وفى موقعة الجمل، ليتتطور الأمر إلى سقوط جرحى وقتلى مما زاد إصرار كل الشعب المصرى على رحيل "المخلوع" عن كرسى الحكم بعد 18 يوما فقط، فى مشهد كان من وحى الخيال ولم يكن يتوقعه أحد أن يرحل "الديكتاتور" بعد ثلاثين عاماً من الذل والفقر والمهانة لشعب لا يستحق كل ذلك لأنه شعب طيب ومن الشعوب القليلة الصامدة فى العالم. وجاء اليوم التاريخى، وهو الحادى عشر من فبراير العام الماضى، ليرحل "الطاغية" عن حكم البلد، الذى ذكر فى القران، وقتها شعر الجميع بأن الأوضاع ستتبدل للأفضل، وأنه أخيرا آن الآوان لكى ينعم الشعب المصرى بخيرات بلده، ويحصل شباب هذه الأمة على حقه الذى اغتصبه منه الطاغية والحاشية التى كانت تلتف حوله، وانطلقت الأفراح فى كل أنحاء الجمهورية، وتنفس الشعب المصرى لأول مرة نسيم الحرية وشعر بأنه قادر على أن يقرر مصيره فى المرحلة القادمة بنفسه، وليس بأيدى المستبدين الذين كانوا قلة ومع ذلك كانوا يتحكمون فى حياة ثمانين مليون مصرى. ولكن بعد مرور سنة كاملة، على أحداث الثورة لم يطرأ جديد على هذا البلد سوى مجلس شعب "نزيه" بخلاف ذلك فالأوضاع لم تتغير فمازال هناك رؤوس فساد كبيرة تتحكم فى مصير هذا الشعب الكادح، لأنها مازالت تتحرك بفضل دعم أساتذتهم الذين يتواجدون خلف الأسوار، ولكنهم يحركون كل شئ فى البلد بإشارة منهم فى ظل سكوت مخيف من المجلس العسكرى، ودون أى توضيح لما يحدث، ولكن المجلس دائما عندما يحدث أى شئ يردد جملة واحدة وهى "أنه هناك طرف ثالث مستفيد مما يحدث" دون أن نعرف من هو الطرف الثالث فكيف لا يعرفوا هذا الطرف؟ وياترى هل نحن من سيعرف؟ لو لم يعرفوا هم. أما بخصوص "المخلوع مبارك" فمازال وضعه كما هو لم يتغير كثيرا فبعدما خرج من الحكم لم يتذوق مرارة الذل ولكنه ظل كما هو يعامل معاملة الرئيس، فرحل عن القاهرة وذهب إلى مكانه المفضل فى شرم الشيخ وحتى لو فى المستشفى فهو عبارة عن فندق خمس نجوم تم إنشائه فى عهده حتى يعالج فيه وقتما شاء عندما كان فى كرسى الحكم ونفس الحال فى المركز الطبى، الذى يتواجد فيه الآن ففيهما كل شئ يحبه سيادته ويعيش فيهما حياة طبيعية يستمتع بكل ملذات الحياة كل ذلك وأهالى الشباب الذين ماتوا فى الثورة وأحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، مازالوا يلهثون خلف المحاكم المختلفة، لمتابعة جلسات محاكمات قتلة ابنائهم ورموز الفساد ولكن دون أى جدوى. ولغز المحاكمات معقد للغاية ففى عهد الطاغية السابق عندما كانت هناك قضية لجاسوس أو قضية تتعلق بأمن الدولة كان من الممكن أن يحكم فيها خلال شهر على الأكثر، ولكن كيف فى قضية محاكمة "فرعون جديد" فى عهد الثورة تظل القضية قرابة خمسة أشهر فى المحاكم دون أن يحكم فيها؟ وحتى فى الحياة السياسية صار كل شخص يتحدث عن مصلحة مصر وهو فى الأساس يتحدث عن مصالح شخصية له ولحزبه دون النظر الحقيقى للمصلحة العليا لهذا البلد "فلك الله يا مصر" وفى نهاية حديثى أتمنى أن تتحسن الأوضاع بعد مرور عام على الثورة المصرية، وأتمنى أن تمر مصر إلى الأفضل وكل عام والشعب المصرى ينعم بالحرية والديمقراطية والآمان.