أثارت الرائحة المنبعثة من جوال أبيض كبير في مياه "ترعة الفخرية"، أمام عزبة جعفر الصغرى بمركز فاقوس بالشرقية، فضول الأهالي الذين قاموا بفتحه ليفاجئوا بوجود جثة الطفل السيد على أحمد (5 سنوات) بداخل الجوال. كان أهل الطفل أبلغوا عن غيابه عن المنزل في المحضر رقم 983 إداري المركز، بتاريخ 7 فبراير لسنة 2016، وتم تشكيل فريق بحث ضم ضباط ومفتشي إدارة البحث الجنائي وضباط ومفتشي فرع الأمن العام للكشف عن غموض الواقعة وضبط مرتكبيها. وأسفرت التحريات عن تورط المدعوة (عليا. ع) البالغة من العمر 38 سنة، ربة منزل، وتقيم بتل سيموني بدائرة فاقوس، متزوجة من (ناصر. ع)، عم والد الطفل، في الجريمة، انتقامًا من والد المجنى عليه لوجود خلافات عائلية بينهما. لم تكن تلك الحالة الأولى لاختطاف وقتل الأطفال في الشرقية، حيث تبدأ في الغالب مع موسم الدراسة. وفى الثامن عشر من فبراير الماضى، في قرية العدلية التابعة لمركز بلبيس، عثر على جثة طفل مذبوحًا بحجرة على ترعة الإسماعيلية، كان قد تم اختطافه من أسرته، لمساومتها على فدية مالية، وتلقى اللواء حسن سيف مدير أمن الشرقية، إخطارًا من العميد سمير أبو روضة مأمور مركز شرطة بلبيس، يفيد بالعثور على جثة الطفل (حسين. إ)، البالغ من العمر 9 سنوات، مقيم بنفس القرية، وتبين أن الجانى كان يعمل عند والد الطفل، وخطفه من أجل فدية مالية. وقال السيد محمد، أحد أبناء الشرقية، إن "اختطاف الأطفال يرقى إلى مستوى الظاهرة، والعديد من حوادث اختطاف الأطفال تكررت في المحافظة في الفترة الأخيرة، وتنتهي تلك العملية بوجود الأطفال مقتولين في أحد الشوارع ضمن مجموعات من المتسولين، فإن لم تنته العملية بالقتل أو بسرقة الأعضاء، فالجناة يفكرون في الاستفادة بالقدر المستطاع من تواجد الطفل المختطف، وهى تجارة رائجة هنا، فالطفل الواحد يدر مبالغ كبيرة تعود جميعها إلى رأس التشكيل العصابي الذي قام باختطافه، مشيرًا إلى أن هناك ما يشبه عملية التنقلات أو البيع التي يجريها رءوس تلك العصابات، مستغلين الأطفال- حسب قوله. وأضاف أن هناك العديد من الأماكن التي يشتهر بها تسريح الأطفال للعمل كمتسولين، ومنها ميدان القومية بالزقازيق، وقرية السادات، وأبو كبير، وفاقوس، والحسينية. ومع كثرة الحالات تتنوع طرق الاختطاف، منها اختطاف الأطفال من أيدي أمهاتهم باستخدام دراجة بخارية غير مرخصة، كما تم في محاولة اختطاف "حنين"، البالغة من العمر ثلاث سنوات، حيث حاول الجناة اختطافها من يد والدتها بمركز الإبراهيمية، لكن صراخ الصغيرة نبّه الأهالي، الذين طاردوا المجرمين، وحرروا الطفلة، فضلًا عن طريقة التعقب التي اتبعها مجهولون قاموا باختطاف طفل 5 سنوات، أثناء توجهه لشراء الحلوى في مدينة مشتول السوق، ولم يعد بعدها لساعات تخللها اتصال هاتفي من مجهول يطلب من أهله فدية قدرها "نصف مليون جنيه". وتقدم النائب محمد زكريا إلى الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن تلك الظاهرة التي انتشرت، حيث يتم اختطاف الأطفال أثناء ذهابهم إلى المدارس، بغرض التسول في الشوارع، أو من قبل عصابات تجارة الأعضاء. واستند زكريا في طلب الإحاطة إلى حكم المادة (134) من الدستور، للموافقة على استدعاء شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وغادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، شارحا أنه تم العثور على جثث لأكثر من طفل في محافظة الشرقية، حيث تم اختطافهم أثناء ذهابهم إلى المدارس، لاستخدامهم في التسول من قبل شبكاته المنتشرة بمصر أو قتلهم من قبل عصابات سرقة الأعضاء، وأكد كلامه بالتقرير الصادر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة 2015 الذي ذكر أن حوادث اختطاف الأطفال تزايدت في الآونة الأخيرة، ورصدت المؤسسة في الأربعة أشهر الماضية 43 حالة اختطاف أطفال من عمر عام إلى خمسة أعوام، واحتل الريف المرتبة الأعلى في معدل انتشار الظاهرة، لتدنى مستوى الخدمات وتفشى الفقر مقارنة بالمدن. ورصد المجلس القومي للأمومة والطفولة عددًا أكبر خلال الربع الأول من العام 2015، حيث تحدث عن 125 حالة خطف واتجار بالأطفال، ومع تزايد حالات الاختفاء والخطف، لجأت العديد من الأسر إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور أبنائها المختفين، والإعلان عن مبالغ مالية لمن يدلى بمعلومات عنهم، كما دشن نشطاء عددًا من المجموعات على موقع فيسبوك لمتابعة الظاهرة ومنها "مشروع الرقم القومي للطفل لمواجهة خطف الأطفال"، مطالبين باستخراج بطاقات رقم قومي رسمية لجميع الأطفال، أسوة بالمواطنين البالغين، على أن ترفق بها صور والديهم، كما قام نشطاء بتدشين حملة لمقاومة خطف الأطفال وتسهيل التواصل مع أسر الأبناء المختفين. وقالت داليا صلاح، مديرة المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة بالإسكندرية في بيان لها: "إن حالات اختطاف الأطفال تزايدت بشكل ملحوظ، خاصة في الريف، وهو ما يعد أمرًا مخيفًا، فتلك الأماكن كانت أقل في معدل الجريمة إلا أنها أصبحت الآن بؤرة لتلك العمليات الإجرامية. وشددت "صلاح" على ضرورة أن تلتفت الدولة إلى تلك الظاهرة، مؤكدة أن "الأطفال يتم استخدامهم في أعمال مجرمة قانونيًا مثل بيع أعضائهم إلى مؤسسات خارجية عن طريق العصابات المنتشرة بالمحافظات وغيرها، كما أن الأطفال في مصر يتعرضون لآلاف الانتهاكات الجسدية، مع أكثر من أربعة آلاف حالة انتهاك خلال عام 2015، جاء في مقدمتها الإصابات، والقتل، والاستغلال الجنسى. ووفقًا للتقرير السنوى للمؤسسة، فإن النسبة الغالبة في الأطفال الذين تعرضوا للانتهاك من الذكور، بنسبة 49 في المائة، مقابل 32 في المائة للإناث، في حين لم يتم ذكر تحديد الجنس لنسبة 19 في المائة المتبقية. وتنوعت أسباب حالات الإصابة والقتل والاستغلال الجنسي، ما بين إطلاق نار، وتسمم، وعنف أسرى ومدرسي ومجتمعي، وإلحاقهم بصفوف العمالة، نتيجة الفقر والإهمال، وتدنى الوعى، والظروف المعيشية الصعبة. وقالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن لديها معلومات في طور التأكد منها بأن هناك عصابات تتوافق مع بعض دور الأحداث والصحة، بحيث يتم بيع أعضاء الأطفال، وفيها يتم التعاقد مع بنوك بيع الأعضاء في العديد من الدول الخارجية، ويقوم هؤلاء بتسهيل سفر الأطفال لهذا الغرض، أو قتلهم داخل مصر وتهريب أعضائهم، وهى كارثة كبيرة خاصة مع الانشغال الأمني بمحاربة الإرهاب.