القومية وأبو كبير والسادات بؤر عصابات خطف الصغار أطفال الشرقية.. بضاعة لبيع الأعضاء والتسول

43 حالة اختطاف لأطفال لا يتجاوزون 5 أعوام خلال 4 أشهر
الخاطفون يطالبون الأهالى بفدية ويستغلون الضحايا فى التسول
مؤسسة حقوقية: 4 آلاف حالة انتهاك وخطف للأطفال فى مصر.. والدراجات البخارية أهم طرق التنفيذ
جوال أبيض كبير فى مياه ترعة الفخرية أمام عزبة جعفر الصغرى بمركز فاقوس بالشرقية، الرائحة المنبعثة منه أثارت الأهالى للكشف عما بداخلها، يبادر أحد المارة بفتحه ليفزعه ما رأى، إنها جثة الطفل «السيد على أحمد» 5 سنوات.
كان أهل الطفل أبلغوا عن غيابه عن المنزل فى المحضر رقم 983 إدارى المركز، بتاريخ 7 فبراير لسنة 2016، وتم تشكيل فريق بحث ضم ضباط ومفتشى إدارة البحث الجنائى وضباط ومفتشى فرع الأمن العام للكشف عن غموض الواقعة وضبط مرتكبيها.
وأسفرت التحريات عن تورط المدعوة «عليا. ع» البالغة من العمر 38 سنة، ربة منزل، وتقيم بتل سيمونى بدائرة فاقوس، متزوجة من «ناصر. ع»، عم والد الطفل، فى الجريمة، انتقامًا من والد المجنى عليه لوجود خلافات عائلية بينهما.
لم تكن تلك الحالة الأولى لاختطاف وقتله فى الشرقية، حيث تبدأ مع كل موسم للدراسة، ومنهم من يعود، ومنهم من لا يراه ذووه مجددًا، ففى الثامن عشر من فبراير الماضى، فى قرية العدلية التابعة لمركز بلبيس، عثر على جثة طفل مذبوحًا بحجرة على ترعة الإسماعيلية، كان قد تم اختطافه من أسرته، لمساومتها على فدية مالية، وتلقى اللواء حسن سيف مدير أمن الشرقية، إخطارًا من العميد سمير أبو روضة مأمور مركز شرطة بلبيس، يفيد بالعثور على جثة الطفل «حسين. إ»، البالغ من العمر9 سنوات، مقيم بنفس القرية، وتبين أن الجانى كان يعمل عند والد الطفل، وخطفه من أجل فدية مالية.
يقول «أحمد عماد»، أحد أبناء الشرقية، أن اختطاف الأطفال يرقى إلى مستوى الظاهرة، فالعديد من حوادث اختطاف الأطفال تكررت فى المحافظة الفترة الأخيرة، وتنتهى تلك العملية بوجود الأطفال مقتولين فى أحد الشوارع ضمن مجموعات من المتسولين، فإن لم تنته العملية بالقتل أو بسرقة الأعضاء، فالجناة يفكرون فى الاستفادة بالقدر المستطاع من تواجد الطفل المختطف، وهى تجارة رائجة هنا، فالطفل الواحد يدر مبالغ كبيرة تعود جميعها إلى رأس التشكيل العصابى الذى قام باختطافه، مشيرًا إلى أن هناك ما يشبه عملية التنقلات أو البيع التى يجريها رءوس تلك العصابات، مستخدمين الأطفال، وأضاف أن هناك العديد من الأماكن التى يشتهر بها تسريح الأطفال للعمل كمتسولين، ومنها ميدان القومية بالزقازيق، وقرية السادات، وأبو كبير، وفاقوس، والحسينية.
ومع كثرة الحالات تتنوع طرق الاختطاف، ومنها اختطاف الأطفال من أيدى أمهاتهم باستخدام دراجة بخارية غير مرخصة، كما تم فى محاولة اختطاف «حنين»، البالغة من العمر ثلاث سنوات، حيث حاول الجناة اختطافها من يد والدتها بمركز الإبراهيمية، لكن صراخ الصغيرة نبّه الأهالى، الذين طاردوا المجرمين، وحرروا الطفلة، فضلًا عن طريقة التعقب التى اتبعها مجهولون قاموا باختطاف طفل 5 سنوات، أثناء توجهه لشراء الحلوى فى مدينة مشتول السوق، ولم يعد بعدها لساعات تخللها اتصال هاتفى من مجهول يطلب من أهله فدية قدرها «نصف مليون جنيه».
تطور حالات اختفاء الأطفال فى الشرقية وتزايدها أدى إلى تدخل النائب «محمد زكريا محيى الدين» الذى تقدم إلى الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب بطلب إحاطة بشأن تلك الظاهرة، حيث يتم اختطاف الأطفال أثناء ذهابهم إلى المدارس، بغرض التسول فى الشوارع، أو من قبل عصابات تجارة الأعضاء.
واستند «زكريا» فى طلب الإحاطة إلى حكم المادة (134) من الدستور، للموافقة على استدعاء شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وغادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، شارحا أنه تم العثور على جثث لأكثر من طفل فى محافظة الشرقية، حيث تم اختطافهم أثناء ذهابهم إلى المدارس، لاستخدامهم فى التسول من قبل شبكاته المنتشرة بمصر أو قتلهم من قبل عصابات سرقة الأعضاء، وأكد كلامه بالتقرير الصادر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة 2015 الذى ذكر أن حوادث اختطاف الأطفال تزايدت فى الآونة الأخيرة، ورصدت المؤسسة فى الأربعة أشهر الماضية 43 حالة اختطاف أطفال من عمر عام إلى خمسة أعوام، واحتل الريف المرتبة الأعلى فى معدل انتشار الظاهرة، لتدنى مستوى الخدمات وتفشى الفقر مقارنة بالمدن.
ورصد المجلس القومى للأمومة والطفولة عددًا أكبر خلال الربع الأول من العام 2015، حيث تحدث عن 125 حالة خطف وإتجار بالأطفال، ومع تزايد حالات اختفاء وخطف الأطفال، لجأت العديد من الأسر إلى مواقع التواصل الاجتماعى لنشر صور أبنائها المختفين، والإعلان عن مبالغ مالية لمن يدلى بمعلومات عنهم، كما دشن نشطاء عددًا من المجموعات على موقع فيسبوك لمتابعة الظاهرة ومنها «مشروع الرقم القومى للطفل لمواجهة خطف الأطفال». مطالبين باستخراج بطاقات رقم قومى رسمية لجميع الأطفال، أسوة بالمواطنين البالغين، على أن ترفق بها صور والديهم، كما قام نشطاء بتدشين حملة لمقاومة خطف الأطفال وتسهيل التواصل مع أسر الأبناء المختفين.
وفى تصريحات خاصة ل«الصباح»، قالت داليا صلاح، مديرة المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة بالإسكندرية، إن حالات اختطاف الأطفال تزايدت بشكل ملحوظ، خاصة فى الريف، وهو ما يعد أمرًا مخيفًا، فتلك الأماكن كانت أقل فى معدل الجريمة إلا أنها أصبحت الآن بؤرة لتلك العمليات الإجرامية. مضيفة أنه يجب على الدولة الالتفات إلى تلك الظاهرة، فالأطفال يتم استخدامهم فى أعمال مجرمة قانونيًا، إن نجوا من القتل وبيع أعضائهم إلى مؤسسات خارجية عن طريق العصابات المنتشرة بالمحافظات، كما أن الأطفال فى مصر يتعرضون لآلاف الانتهاكات الجسدية، مع أكثر من أربعة آلاف حالة انتهاك خلال عام 2015، جاء فى مقدمتها الإصابات، والقتل، والاستغلال الجنسى.
ووفقًا للتقرير السنوى للمؤسسة، فإن النسبة الغالبة فى الأطفال الذين تعرضوا للانتهاك من الذكور، بنسبة 49 فى المئة، مقابل 32 فى المئة للإناث، فى حين لم يتم ذكر تحديد الجنس لنسبة 19 فى المئة المتبقية. وتنوعت أسباب حالات الإصابة والقتل والاستغلال الجنسى، ما بين إطلاق نار، وتسمم، وعنف أسرى ومدرسى ومجتمعى، وإلحاقهم بصفوف العمالة، نتيجة الفقر والإهمال، وتدنى الوعى، والظروف المعيشية الصعبة.
من جهتها، قالت الدكتورة «سوسن فايد»، أستاذ علم النفس السياسى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن لديها معلومات فى طور التأكد منها بأن هناك عصابات تتوافق مع بعض دور الأحداث والصحة، بحيث يتم بيع أعضاء الأطفال، وفيها يتم التعاقد مع بنوك بيع الأعضاء فى العديد من الدول الخارجية، ويقوم هؤلاء بتسهيل سفر الأطفال لهذا الغرض، أو قتلهم داخل مصر وتهريب أعضائهم، وهى كارثة كبيرة خاصة مع الانشغال الأمنى بمحاربة الإرهاب.