جمال سلطان أتمنى ألا يكون الخبر صحيحا ، ذلك الذي تناقلته بعض الصحف والمنتديات عن إقدام وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط على إنهاء خدمات السيدة منى عمر سفير مصر لدى الدينمارك ، ونقلها إلى " جنوب أفريقيا " الأمر الذي فسر على أنه عقاب لها على موقفها الرائع في التصدي لصحيفة دينماركية أهانت المقدسات الإسلامية ، وهو موقف أتاح للجهود العربية والإسلامية الرسمية من خلال رابطة العالم الإسلامي وغيرها الانتصار في إدانة هذا العمل البغيض وحرمانه من أن يحوز أي تعاطف رسمي بدعوى حرية الرأي ، وقد انتهى الأمر بأن قدم رئيس الوزراء الدينماركي بنفسه اعتذارا علنيا للمسلمين ، وطالب بترجمة تصريحاته ونقلها إلى كل أجهزة الإعلام العربية والإسلامية ، يعتذر فيها عن مثل هذه الرسوم الإجرامية التي نشرتها الصحيفة الدينماركية في تعمد واضح لإهانة المسلمين واستفزاز مشاعرهم ، وبدلا من أن تقوم الخارجية المصرية بتكريم السيدة الرائعة منى عمر ، التي رفعت رأس الديبلوماسية المصرية عاليا في مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، إذا بها تعاقبها بنفيها إلى " جنوب أفريقيا " ، لجعلها عبرة لكل من تسول له نفسه اتخاذ مبادرة من أي نوع " خارج السياق المرسوم " ، وكأنها تعتذر للصحيفة الدينماركية عن موقف السفيرة وتحيطها علما بأنها قامت بعقابها ، حتى الآن لم يصدر عن الخارجية المصرية ما يفيد تكذيب هذه الأخبار ما يرجح صحتها ، وهذه تكون كارثة حقيقية ، وإهانة جديدة لمصر ومؤسساتها ومكانتها، والحقيقة أن معظم سفارات مصر في الخارج تقريبا لا صلة لها بالمرة بمصالح الرعايا المصريين والمهاجرين ، وينظر المواطن المصري في الخارج إلى سفارة بلاده على أنها رمز لحكومة أجنبية لا تخصه ، هذا ما لمسته بنفسي في أكثر من عاصمة عربية وأوربية ، وصلته بالسفارة إما في حالة جباية رسمية أو ضرورة لمستخرجات رسمية لزواج أو غيره ، وإذا كان لمصري مشكلة أو شكوى فآخر شيئ يمكن أن يفكر فيه هو سفارة بلاده ، لأن السفير في الغالب الأعم لا يعنيه أي شيئ سوى رضا رؤسائه ومرجعياته وأصحاب النفوذ في بلده ، بغض النظر عن أي شيئ آخر ، ولذلك لا يعنيه كثيرا ولا يؤثر في موقعه رضا المواطنين في الخارج أو سخطهم ، وللأمانة الشديدة فإن السيدة منى عمر ، كانت حالة استثنائية فيما رأيت خارج الوطن ، وأذكر أني كنت في مؤتمر فكري قبل عدة سنوات في كوبنهاجن ، وقابلت شخصيات عربية ومصرية وأجنبية عديدة في المؤتمر الذي حضرته أيضا السفيرة المصرية ، وفوجئت بإجماع كل هؤلاء على احترام وهيبة هذه السيدة الفاضلة ، ونزاهتها ، وأنها وجه مشرف للديبلوماسية المصرية ، وكنت مندهشا من الأمر ، ولكنه للحقيقة لم يكن يهمني وقتها كثيرا ، ولكني تذكرت هذه الانطباعات عندما أتت الأخبار بمواقف هذه السيدة المصرية الأصيلة في واقعة إهانة النبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ونجاحها في وقف مسلسل الإهانات ، لذلك حزنت كثيرا عندما قرأت خبر عزلها ، رغم أني اعتبرته جزءا من منطق الأمور في بلادنا ، لأن أصحاب الكفاءة والنزاهة لا مجال لهم فيما يبدو في الديبلوماسية المصرية أو غيرها ، وكلما كان السفير من هؤلاء يمشي " جنب حيط الحكومة " كلما كان ناجحا وضامنا التخليد في كرسي السفارة وربما الوزارة . [email protected]