جمال سلطان لم تكن خطوة موفقة أبدا من السيدة سوزان مبارك ، عندما ذهبت أمس إلى الأوبرا لكي تشارك في احتفالات السفارة الدينماركية في القاهرة بفرقة الباليه الملكي الدنماركي التي كانت تقدم عروضها في دار الأوبرا المصرية ، والإشادة المجانية التي قدمتها بالثقافة الدينماركية وما اعتبرته تعزيزا لأواصر الصداقة ومد جسور التواصل بين الثقافة المصرية والدينماركية، لم تكن الخطوة موفقة أبدا في هذا الوقت بالذات ، وفي ظل الأجواء المشحونة بالغضب مما نشرته الصحف الدينماركية من رسومات فاجرة مستهزأة بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وتصويره كإرهابي يقف أمام هيئة التحقيق وأمور أخرى إجرامية هي بين يدي الكثيرين الآن ، وأنا منهم ، وأثارت غضبا واسع النطاق في العالم الإسلامي ، وقادت السفيرة المصرية في كوبنهاجن حملة ضغط ناجحة أجبرت الحكومة على التراجع عن تضامنها مع الصحيفة التي نشرت هذه البذاءات ، وأصدرت منظمات عربية وإسلامية عديدة بيانات تدين هذه الجريمة ، منها رابطة العالم الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم وغيرها ، وكلها منظمات مصر شريك كامل وقيادي فيها ، كما أن هناك دعوات تطوف العالم الآن لمعاقبة الاقتصاد الدينماركي ردا على هذه الجريمة ، وقد أكد لي بعض الأصدقاء أن اعتذار رئيس الوزراء الدينماركي كان تلاعبا بالكلام وليس اعتذارا صريحا ، ومحاولة لاحتواء غضب العالم الإسلامي ، في هذا التوقيت السيئ تقوم زوجة رئيس الجمهورية بتكريم الثقافة الدينماركية ، والاحتفاء بالسفير الدينماركي ، والاحتفالات الدينماركية ، والتصفيق للباليه الدينماركي ، باليه إيه وخيبت إيه ، لقد بدا الموقف وكأنه إشارة للجانب الدينماركي بأن المسألة لا تعنينا ، وأننا في مصر لم نغضب لإهانة نبينا ، بل إننا نمد جسور الصداقة إلى الثقافة التي أهانت مقدساتنا وتضامنت بعناد مع من تعمد تجريح المسلمين وإهانتهم في أعز ما يقدسون ، وأنا لا أفهم من حيث الأصل سببا لدعوة وزارة الثقافة المصرية لفرقة الباليه الدينماركية لكي تقدم عروضها الآن في مصر ، وحتى لو كانت الدعوة مقدمة من وقت سابق على الجريمة ، فإن أبسط معاني اللياقة والذوق أن يتم الاعتذار عن استقبال الفرقة أو تأجيل الزيارة كنوع من إبداء الغضب أو إشعار الجانب الآخر بأننا نحترم مقدساتنا ولا نقبل الإساءة إليها ، إن وزير الثقافة بكل تأكيد هو الذي ورط حرم رئيس الجمهورية في هذا الموقف غير المسؤول ، وهو توريط لا يعفيها هي نفسها من المسؤولية ، كما أن الاثنين مطالبان الآن بأن يقدما تفسيرا لهذا الموقف المسيئ الذي أقدموا عليه ، إن إهانة نجمة داوود في أي عاصمة غربية يكون كافيا لكي يقيم الدنيا ولا يقعدها دون أي اعتبار لممحاكات الحديث عن حرية تستخدم كستار للكراهية ، كما أن السلطات المصرية انتفضت غضبا لإهانة العلم المصري في إحدى التظاهرات الخارجية ، فهل يكون إهانة دين الدولة ومقدسات المسلمين أمرا عاديا ، بل ، وتقوم حرم رئيس الجمهورية بمكافأة الدولة التي صدر فيها الاعتداء بالاحتفاء بثقافتها والتصفيق لفنونها ، مطلوب اعتذار من كل من تورط في هذا الخطأ ، لكل مصري وكل مسلم . [email protected]