هذا ليس اسم مسلسل تليفزيونى ستلتف حوله الجماهير الغفيرة فى رمضان المقبل، ولا اسم لعرض مسرحى تراجيدى أو كوميدي، أو حتى فارس.. إنما هو برنامج غريب وعجيب.. يجمع ما بين السخرية والتهكم والسب والقذف والبجاحة والتطاول والعربدة.. وهذا ما حدث ذات يوم: .. الريمود كنترول يتحرك حائرًا بين مؤشر القنوات، فجأة ثبتت يدى على قناة تبشيرية .. كل من فيها وما يبث فيها مكرّس للتبشير بالديانة المسيحية.. ظللت مكانى والريمود مسلط باتجاه الشاشة.. .. نبضات قلبى ترتفع كأنما صارت مضخات للمياه، وكأن الدماء التى فى عروقى تبحث لها عن سبيل تلوذ به غير شرايينى المحتقنة حزنًا وكمدًا.. انسل من مكانى لأتخذ مقعدًا وعيناى مفتوحتان على آخرهما، والرعب يملأني! ..رجل سمين ذو لحية كثة بيضاء النظارة التى يستخدمها كأداة من أدوات الممثل يستخدمها للنظر من تحتها ومن فوقها ومن جانبيها أعتقد لو كان السيد العظيم استنسلافسكى بكل كتاباته عن تدريب الممثل لوقف مشدوها من جبروت الرجل وبراعته.. ..المتصلون من فئة "العابرون" غالبًا ما يرددون كلامًا واحدًا.. "إحنا عرفنا طريق الخلاص، المسيح تحمل خطايانا، الحياة الأبدية، المحلة والتسامح، عرفنا إن الدين اللى كنا متمسكين بيه كان غلط ومتزمت.. إلخ .. والرجل والمذيع يهللان لهم، ويرحب صاحب النظارة بالعابر/ة .. مرحّبا به/ها.. وبالحياة الأبدية والرحمة والسكينة التى ستحل عليه/ ها.. من بعد ذلك العبور العظيم. ..المتصلون من فئة"المفندين لهلاوس الرجل" نوعان: إما دارسون يفندون كل ما يقال، وإما "عاطفيون" تسيطر عليهم عاطفة الغيرة والحب لدينهم.. وهنا ينال كل منهما كميات من السخرية والتهكم من "زكريا بطرس" والمذيع الذى يردد وراءه "آمين .. هالوليا" فقط.. وهذه السخرية لا تكون من أشخاص المتصلين.. إذن لكان الأمر يسير.. لكنها تمس ذات النبى الأمين صلوات الله وسلامه عليه، والعقيدة الإسلامية، بل وتصل والعياذ بالله لسب "إله المسلمين" وكأنه صار لكل ديانة إله فى هذا الزمان! ..كدت أفرغ ما فى بطنى جراء هذا الغثاء.. لا أحد يستطيع منع عمل المبشرين للأديان أو حتى اللا أديان، فالآلاف يتركون المسيحية لليهودية أو الإسلام والآلاف أيضا يتركون المسيحية اعتناقًا للإسلام، ولكن يجب أن يحدث هذا بالإقناع، بإظهار تعاليم الدين الصحية، بعلوم مقارنة الأديان، بالأدب.. وليس بالشتائم والسخرية والتهكم. ..أندهش حقًا من تخاذل مؤسسة الأزهر التى يجب أن تواجه الفكر بالفكر.. وأندهش أيضا حيث هذا الرجل وهو قاب قوسين أو أدنى من النهاية ومازال يكذب ويكذب ويكذب ويبث سمومه "بحماس" من خلال منبر مشبوه على النايل سات بلا رقابة من مسئولين أو وازع من ضمير.. وأخشى أنه صدّق نفسه بأنه يحسن صنعًا!.