قبل ثورة يناير بأيام، عقد وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، مؤتمرًا صحفيًا، بشأن حادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية في 1 يناير 2011, اتهم فيه العادلي ما يسمى ب"جيش الفتح" الفلسطيني بتفجير الكنيسة!! مبارك تنحى عن الحكم يوم 11 فبراير 2011، واعتقل قبلها العادلي، وأودع السجن.. وبعدها بأقل من شهر يوم 3 مارس 2011 نشرت "اليوم السابع" تقريرًا بعنوان: "بالمستندات.. تفاصيل خطة حبيب العادلى لتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية.. وزير الداخلية السابق كلف القيادة 77 لتنفيذ المهمة وإخماد نبرة احتجاج البابا شنودة ضد النظام"!! ومع ذلك.. فإن العادلي آنذاك لم يتهم حماس.. وإنما اتهم جماعة دينية، تقاتلها حماس، وقتلت منهم الأخيرة ما يقرب من 20 عنصرًا عام 2009، في المواجهات التي عرفت بمواجهات مسجد ابن تيمية. يعني العادلي، عندما اختار تجنب الاحتكاك بحماس، لدقة وحساسية العلاقة بين مصر وقطاع غزة.. بل إن مبارك نفسه، ورئيس جهاز مخابراته آنذاك عمر سليمان، كان حريصًا على أن يبقي بعض الأنفاق للتنفيس عن القطاع، وملاعبة الإسرائيليين أيضًا.. في ممارسة تشير إلى وجود خبرات "رجال دولة" رغم فسادهم، كانوا يعرفون ماذا يفعلون جيدًا! كنت أتمنى من وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار أثناء مؤتمره الصحفي الخاص باغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات أن يتجنب الشق السياسي، ويكتفي بدوره الأمني فقط، ويعلن عن المتهمين، دون توجيه اتهامات صريحة لحماس.. فاستسهال هذا الاتهام، يصادر في الحاضر والمستقبل، أي دور مصري لإدارة الملف الفلسطيني.. فحماس لا يمكن تجاهلها، بل هي الرقم الأكثر تأثيرًا في مسارات الأزمة، وحضورها لا يمكن لأي قوى دولية أو إقليمية أن يلغيه بجرة قلم، أو بحشرها طرفًا في صراعات وانقسامات داخلية خطيرة. لا أعرف ما إذا كان حاضرًا، سؤال الدور المصري في فلسطين، لحظة خروج هذا الاتهام الخطير من وزير الداخلية لحماس.. فماذا لو اضطرت مصر وستضطر فعلاً في المستقبل، للجلوس مع حماس، في سياق جهود دولية وإقليمية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي؟!.. فهل ستقبل القاهرة الجلوس مع "الحركة" التي اتهمتها باغتيال هشام بركات؟! أنا لا أبرئ حماس ولا غيرها فكل الاحتمالات واردة، ولكن أتحدث عن التقدير السياسي لمثل هذا الاتهام.. ناهيك عن غياب شروط الانتصار للعدالة في أجواء ما بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، فالبيئة الحالية لا تساعد على الثقة في كل ما يقال بشأن الأطراف التي في خصومة مع نظام 3 يوليو.. فقد تكون عناصر من حماس على علاقة ما بالحادث الذي أودى بحياة بركات.. رغم صعوبة التسليم بهذه الفرضية عقلاً وسياسة.. ومع ذلك إذا صحت هذه الفرضية، فهل من المصلحة أن نواجه بها حماس كده وش!! وفي مؤتمر صحفي لوزير الداخلية؟! أنا لا أتحدث عن "الاحترام".. وإنما عن المصلحة الوطنية.. والأخيرة تقتضي بأن الشق السياسي في القضية، بما فيه "تورط حماس"، يحال إلى مؤسسة الرئاسة لمعالجته على النحو الذي لا يضر بمصالح مصر الوطنية، ودورها كقوة مؤثرة في صناعة القرارات الإقليمية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.