تغيرت الخارطة الكروية فى القارة السمراء بشكل كبير فى الآونة الأخيرة ولم يعد هناك منتخبات صغيرة ومتواضعة وأخرى كبيرة وقوية، والدليل الأبرز على ذلك غياب 5 منتخبات عريقة ورهيبة هى مصر والكاميرون ونيجيريا وجنوب إفريقيا والجزائر عن النسخة الثامنة والعشرين لكأس الأمم الإفريقية لكرة القدم ومشاركة 3 منتخبات للمرة الأولى هى بوتسوانا والنيجر وغينيا الإستوائية التى تستضيف النهائيات مشاركة مع الجابون من 21 يناير الحالى إلى 12 فبراير المقبل. وبإلقاء نظرة على سجل المنتخبات الغائبة، نجد أنها من العيار الثقيل، حيث حصدت جميعها 15 لقبًا من أصل 27، فمصر المتوجة بالنسخ الثلاث الاخيرة هى حاملة الرقم القياسى فى عدد الألقاب 7 مرات، أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 و2006 و2008 و2010، ونالت الكاميرون 4 ألقاب أعوام 1984 و1988 و2000 و2002، وتوجت نيجيريا بطلة عامى 1980 و1994، وجنوب إفريقيا عام 1996، والجزائر عام 1990. ولم يكن أشد المتشائمين يتوقع عدم تواجد هذه المنتخبات التقليدية الخمسة جميعها فى نسخة 2012 خصوصا المنتخب المصرى قاهر القارة السمراء فى الأعوام الستة الأخيرة، والجزائر التى بلغت دور الأربعة فى نسخة أنجولا 2010، وممثلة عرب إفريقيا فى مونديال جنوب إفريقيا، ونيجيريا ثالثة النسخة الأخيرة، وذلك بالنظر إلى الصفوف المدججة بالنجوم سواء المحلية (بالنسبة إلى الفراعنة) أو المحترفة فى الخارج (الجزائر ونيجيريا)، فيما يمكن اعتبار فشل الكاميرون مقبولا نوعا ما أذا ما أخذ بالاعتبار "شيخوخة" نجومه واعتمادها على "النجم الأوحد" قائدها مهاجم انجى ماكاشكالا الروسى صامويل إيتو. أما جنوب إفريقيا، فدفعت ثمن تخاذلها فى الجولة الأخيرة من التصفيات وخرجت خالية الوفاض للمرة الثانية على التوالى، بعدما كانت تمنى النفس بالعودة إلى الأضواء عقب مشاركتها فى المونديال الأخير الذى استضافته على أرضها وأمام جماهيرها. "ملامح الفشل" بدت ملامح فشل أسياد القارة السمراء، منذ الجولة الأولى من التصفيات عندما سقطوا فى فخ التعادل أمام ضيفتهم سيراليون المتواضعة 1-1، ثم زاد الطين بلة الخسارة أمام المضيفتين النيجر وجنوب إفريقيا بنتيجة واحدة صفر-1 فى غياب أبرز نجوم جيله الذهبى بسبب الإصابة، قبل التعثر أمام الأخيرة صفر- صفر فتبخرت الأمال فى التأهل قبل جولتين من نهاية التصفيات، ما أدى إلى الإطاحة بالجهاز الفنى بقيادة أفضل مدرب فى القارة السمراء حسن شحاتة، الوحيد إلى جانب الغانى تشالز غيامفى توج باللقب القارى 3 مرات. وأوكل الاتحاد المصرى المهمة إلى المنتخب الأوليمبى بقيادة هانى رمزى، لإكمال التصفيات فخسر أمام سيراليون 1-2 فى الجولة الخامسة، قبل أن يفوز بثلاثية نظيفة على النيجر ولكن هذه المرة بقيادة مدرب منتخبه الأول، الأمريكى بوب برادلى. وكانت مصر تعقد أمالا كبيرة على التصفيات لإعداد منتخب قوى فى أفق المنافسة على حجز بطاقتها إلى مونديال 2014 فى البرازيل وذلك للمرة الأولى منذ عام 1990، لكن خيبة أملها تعتبر أنذارًا لمسئوليها لإعادة ترتيب أوراق الفراعنة وترميم صفوفهم حتى يتمكنوا من تحقيق حلم 80 مليون نسمة بالتأهل إلى كأس العالم. وهى المرة الثالثة التى يفشل فيها الفراعنة فى التأهل إلى النهائيات بعد عامى 1972 و1978، علما بأنها المرة الخامسة التى سيغيب فيها المنتخب المصرى عن العرس القارى كونه انسحب منه 3 مرات أعوام 1965 و1968 و1982. وأذا كان فشل مصر أطاح برأس مدربها شحاتة، فإن الاخفاق الجزائرى أطاح بمدربها رابح سعدان، صانع ملحمته فى تصفيات أمم إفريقيا وكأس العالم 2010، حيث استقال من منصبه مباشرة بعد الصفعة القوية التى تلقاها رجاله على أرضهم أمام تنزانيا بالتعادل معها 1-1 فى الجولة الأولى من التصفيات، وخليفته عبد الحق بن شيخة، الذى استقال بدوره من منصبه عقب الخسارة المذلة أمام جاره ومضيفه المغرب صفر-4 فى الجولة الرابعة. وهى المرة التاسعة التى تفشل فيها الجزائر فى التأهل بعد أعوام 1970 و1972 و1974 و1976 و1978 و1994 و2006 و2008. "ضحية الانتفاضة" فى المقابل، ذهبت الكاميرون ضحية الانتفاضة الرائعة للسنغال التى انتزعت منها صدارة المجموعة بفارق 5 نقاط حسمتها من مواجهتيهما فى الجولتين الثالثة والرابعة، حيث فازت عليها 1- صفر فى دكار وتعادلت معها صفر- صفر أيابا فى ياوندى. وهى المرة الأولى التى تفشل فيها الكاميرون فى حجز بطاقتها إلى النهائيات منذ 1994 والرابعة فى تاريخها بعدما غابت أيضا عامى 1968 و1980. ولم تكن حال نيجيريا أفضل من الكاميرون، وأهدرت فرصة التأهل بتعثرها أمام غينيا المتصدرة حيث خسرت أمامها صفر-2 فى كوناكرى فى الجولة الثانية وتعادلتا 2-2 فى الجولة الأخيرة فى لاجوس. وهى المرة السادسة التى تفشل فيها "النسور الممتازة" فى التأهل بعد أعوام 1968 و1970 و1972 و1974 و1986، كما أنها المرة الأولى التى تغيب فيها نيجيريا عن العرس القارى بعد عام 1998 عندما أوقفت لانسحابها من نسخة 1996 فى جنوب إفريقيا. وتشهد نسخة 2012 أيضا غياب 3 منتخبات أخرى سبق لها التتويج باللقب القارى وهى إثيوبيا (1962) والكونجو الديموقراطية (1968 و1974) والكونجو (1972). فى المقابل، تعرف النهائيات مشاركة 5 منتخبات سبق لها معانقة الكأس القارية وهى غانا (1963 و1965 و1978 و1982) والمغرب (1976) وتونس (2004) وساحل العاج (1992) والسودان (1970) إضافة إلى 3 منتخبات تأهلت للمرة الأولى هى بوتسوانا والنيجر وغينيا الإستوائية التى استفادت من شرف الاستضافة، و7 منتخبات لا تزال تلهث وراء اللقب القارى الأول هى ليبيا وزامبيا وبوركينا فاسو وأنجولا والجابون ومالى وغينيا. "الحماس سلاح ليبيا" وستأمل ليبيا، عندما تواجه غينيا الإستوائية فى افتتاح مبارياتها بالبطولة، أن يكون حماس اللاعبين وروحهم القتالية بعد مشوار التصفيات كافية للنجاح فى البطولة الإفريقية حيث لا يوجد نشاطا كرويا فى البلاد منذ مارس الماضى. لكن المنتخب الليبى، حاول تعويض ذلك الغياب بالدخول فى معسكرات متعددة معظمها فى الشرق الأوسط. وسيواجه منتخب ليبيا مشكلة افتقار الخبرة ومن المرجح أن يتأثر الفريق بذلك فى ظل الوقوع فى مجموعة قوية لكن فى حال الفوز فى المباراة الافتتاحية على غينيا الإستوائية التى تشارك فى استضافة البطولة فقد تحدث المفاجآت وتتأهل لدور الثمانية على عكس التوقعات. ومن أبرز نجوم المنتخب الليبى، فى هذه البطولة وليد الخرطوشى، لاعب وسط الاتحاد (26 عاما) ، وهو جناح سريع، وحظى بشهرة كبيرة فى الأشهر الأخيرة بعدما كان ضمن المقاتلين الذين ساعدوا فى اسقاط نظام معمر القذافى، وقال الخرطوشى إن بعض المقاتلين الآخرين حاولوا حمايته بإبعاده عن الخطوط الأولى للمواجهات بسبب شهرته كلاعب كرة قدم. ويبرز أيضاً لاعبين مثل المهاجم أحمد الزوى، وسمير عبود حارس المرمى . وشارك المنتخب الليبى مرتين سابقتين فى البطولة وأفضل نتيجة حققها هى احتلال المركز الثانى فى 1982، ويقوده المدرب البرازيلى ماركوس باكيتا الذى استمر لنحو تسعة أشهر دون الحصول على راتبه خلال الصراع فى ليبيا، لكنه بقى مصرا على العمل مع الفريق وتمكن من قيادته إلى النهائيات رغم عدم وجود استعدادات كافية للفريق والدولة. وتضم هذه المجموعة أيضا زامبيا والسنغال.