حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    رئيس جامعة طنطا يتفقد الاستعدادات النهائية لاستقبال لجان بدء الدراسة بجامعة طنطا الأهلية    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    قانونية: الرجل ملزم بالتكفل بالزوجة والأبناء بعد الطلاق    المصريين: الاهتمام بالتعليم والصحة يعكس فلسفة الرئيس للتنمية الشاملة    وزير السياحة عن صاحب فيديو افتتاح المتحف الكبير: أعتبره مثل إبني    منال عوض: تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات البيئية لمواجهة التحديات العالمية    شهادة دولية من معبر رفح: لم نر إلا النية الحسنة لمصر فى مساعدة الشعب الفلسطيني    تسجيلات أهارون حاليفا حول ليلة 7 أكتوبر "تشغل نصف إسرائيل": لكمة في المعدة    «قوى عاملة النواب» تدين تصريحات نتنياهو بشأن إسرائيل الكبرى    الزمالك يسقط في فخ التعادل السلبي أمام المقاولون العرب بالدوري    هل استحق الزمالك ركلة جزاء أمام المقاولون العرب؟.. خبير تحكيمي يكشف (فيديو)    انطلاق مباراة نيس وتولوز في الدوري الفرنسي    مصطفى محمد يترأس قائمة نانت ضد باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي    مصرع خمسيني طعنًا بآلة حادة على يد نجل شقيقه بقنا    ملف خاص| اللواء نجاح فوزي: غسيل أموال «التيك توك» قد تستخدم في تمويل عمليات إرهابية    المشدد 6 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بسوهاج    القومي للسينما يعرض أفلامًا على شاشات المترو والمطارات احتفالًا بوفاء النيل    تحذيرات دينية من "هلوسة الذكاء الاصطناعي" وتأثيرها على الفتاوى    أول ظهور ل كريم محمود عبد العزيز مع عمرو دياب بعد نفيه شائعة انفصاله عن زوجته    صحة شمال سيناء: مستمرون في تحسين جودة الخدمات بوحدات الرعاية الأولية    راحتهم في مساعدة غيرهم ..تعرف على الأبراج التى تقدم الرعاية للآخرين    حملة بيطرية لتحصين الماشية والأغنام بمزارع الظهير الصحراوي الغربي في المنيا    اجتماع «أون لاين» يحسم عودته من أمريكا.. ورسالة سرية من الوزير تمتص غضبه    لليوم ال13 على التوالي.. إسبانيا تواصل مكافحة حرائق الغابات وسط موجة الحر    ختام ورشة كتابة القصة القصيرة بثقافة الفيوم    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟| أمين الفتوى يُجيب    إن لم تستحى فافعل ما شئت    5 أطعمة غنية بفيتامين «د» لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة    محمود الهباش: الموقف المصري والأردني أسقط مخطط التهجير الإسرائيلي من غزة    كنائس هولندية تطالب الحكومة بالاعتراف بفلسطين ووقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي    وفاة والدة الفنان صبحي خليل.. والعزاء غدًا بالحامدية الشاذلية    في يوم واحد.. إجراء 20 عملية مياه بيضاء بمستشفى نجع حمادي العام بقنا    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 أدبي.. الكليات المتاحة بكل المحافظات    مائدة مستديرة بالأعلى للثقافة بعنوان «ترشيد مياه النيل والحفاظ عليها من التلوث»    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. نادي القناة يحقق الصدارة    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    4 ابار مياه شرب تقضى على ضعف المياه بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    في 3 أيام.. إيرادات "درويش" تتجاوز 8 ملايين جنيه    «شعرت بنفس الشعور».. سلوت يعلق على بكاء صلاح بسبب تأبين جوتا    ضبط 6003 قضايا بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك يعلن قائمة مباراة المقاولون واستبعاد الجزيرى وبانزا    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستيف بيكو (Steve Biko) ..بطل أفريقي ومناضل منسيّ
نشر في المصريون يوم 29 - 02 - 2016

كان "نيلسون مانديلا" معروفا بأفريقيته ومقاوماته التحررية التأريخية والتي ساهمت في شهرته وانتشار اسمه في الآفاق, لكن "بيكو" قلما يعرف بمساهماته لمقاومة النظام الظالم للجنوبيين الأفارقة أصحاب البلد, بل إن خروج "مانديلا" وانتصاراته على نظام الفصل العنصري يعتبر امتدادا لجهود وتضحية "ستيف بيكو" بحياته عندما كان مانديلا سجينا. وقد صدق مانديلا في حديثه عن بيكو: "كان عليهم – أي حكام الفصل العنصري- أن يقتلوه لإطالة عمر الأبارتيد".
لقد لخّص "بيكو" حياته ومسيرته في مقولته الشهيرة: "أقوى سلاح في يد القاهرين هو عقل (وعي) المقهورين"؛ فهو رمز ومناضل بارز ضد حكم الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، وبحسب شهادة جل الأكاديميين؛ إنه الضحية الأكثر شهرة في جميع أفريقيا, حتى وإن لم يكن عضوا في أقدم حركة التحرر الجنوب الأفريقية الشهيرة ب "المؤتمر الوطني الأفريقي" (ANC ).
ولد "ستيفن بانتو بيكو" في تيلدين (Tylden)، بمنطقة الكيب الشرقية، في 18 ديسمبر عام 1946، وكان موهوبا أكاديميا, لكنه ضد تلك السياسات التي تهدف إلى إعاقة تعليم السود, ومن هنا بدأت تساؤلاته حول نظام الفصل العنصري والظروف السيئة التي يمر عليها بنو بشرته والتي أجبروا على تحملها. وبسبب تمرده ، تم استجوابه من قبل الشرطة و طرد من المدرسة، مما أتاح له ما وصفه هو ب" الاستياء الشديد تجاه سلطة البيض". وهكذا انخرط "بيكو" في السلك النضالي اليومي لمكافحة الأحوال التي تواجه السود، الأمر الذي جعله يقدّم استقالته لاحقا من كلية الطب.
وعندما كان في الجامعة, أسس بيكو منظمة طلاب جنوب أفريقيا، والتي تهدف إلى ضرورة قيام السود في جنوب إفريقيا بتحرير أنفسهم نفسيا والاعتماد على أنفسهم ذاتيا, من أجل تغيير جذري لجنوب أفريقيا. وكان تأسيس المنظمة في عام 1969 بمثابة الإيذان ببدء "حركة الوعي السود" (BCM ), وهي الحركة التي أعادت تنشيط وإشعال مقاومة الفصل العنصري في السبعينات, وولد بسببها عدد من منظمات التنمية السياسية و المجتمعية الأخرى.
كان منطلق وتركيز حركته "الوعي السود" هو توعية الناس وجعلهم مسؤولين عن تحرير أنفسهم. حيث قال: "فإن الخطوة الأولى بالتالي هي لجعل الرجل الأسود واعيا لنفسه، لإعادة ضخ الحياة في قوقعته الفارغة، لسكبه بالعزة والكرامة، لتذكيره بتواطئه في جريمة السماح لنفسه أن يساء استخدامها وبالتالي السماح لارتفاع نفوذ الشر في البلد الذي ولد فيه ... وهذا هو تعريف الوعي السود " .
وعن حياته الشخصية، التقى بيكو ب "انتسيكي ماشالابا" (Nontsikelelo " Ntsiki " Mashalaba) ، وتزوجا في ديسمبر عام 1970 في مدينة الملك وليام في محكمة القضاة. وعقدوا الاحتفال في منزل والدته. وكانت ولادة ابنهما الأول انكوسينثي (Nkosinathi) في عام 1971.
في عام 1973 ، بسبب أنشطته السياسية, حظرت الحكومة "بيكو" باستثناء منطقة منزله "مدينة الملك وليام" في الكيب الشرقية, وقيدوا حريته من التحدث إلى أكثر من شخص واحد في محاولة لقمع الحركة السياسية الصاعدة. وعلى الرغم من هذا القيد، واصل نشاطه السياسي كشخصية رئيسية في "حركة الوعي السود", كما أنه شارك وساعد في تنفيذ عدة مشاريع المجتمع أثناء الفترة.

اعتقاله ووفاته:
في يوم 18 أغسطس 1977 ، اختطف "بيكو" من قبل الشرطة, و احتجز بموجب المادة 6 من قانون مكافحة الإرهاب, القانون الذي أفقد العديد من السود حريتهم في جنوب أفريقيا منذ عام 1950. ومكث "بيكو" في السجن أربع و عشرين يوما باستجوب وتجويع وضرب مبرح, مما أفقده وعيه وأدى إلى أن يقترح الأطباء نقلها إلى "بريتوريا" (740 ميلا من مكان الاحتجاز) ليتلقي العلاج. وفي 12 سبتمبر عام 1977، أصبح بيكو الشخص الواحد والأربعين في جنوب أفريقيا المتوفى أثناء الاحتجاز في معتقل الشرطة.
لقد أعلنت حكومة جنوب أفريقيا براءتها من وفاة ستيف بيكو, مصرّة إلى أنها ناجمة عن إضرابه عن الطعام. ونُقل من وزير الشرطة حينها "جيمي كروغر" ، قوله: " أنا لست سعيدا ولا أنا آسف. فموت بيكو يشعرني بالبرد".
وقد أفاد تشريح جثة "بيكو" الرسمي أن وفاته كان بسبب جرح في الدماغ نتيجة "استخدام القوة في الرأس". غير أن محكمة في جنوب أفريقيا برّأت الضباط المسؤولين عن وفاة "بيكو" أثناء احتجازه من أي ذنب أو لوم.
كان لموت بيكو المأساوي تأثير عظيم على شعب جنوب أفريقيا والعالم أجمع. وقدّر عدد حاضري جنازته بأكثر من 15,000 مشيع، باستثناء الآلاف الذين أبعدتهم الشرطة.. إن الإرث الذي تركه "ستيف بيكو" ونضاله الذي أفنى حياته من أجله ساهم في تسريع عملية التحرير والاستقلال والحريات التي يعشيها شعب جنوب أفريقيا اليوم.

أوجه التشابه والعلاقة بين بيكو و مانديلا:
لقد وجهت انتقادات لحكومة "حزب المؤتمر الوطني الأفريقي" لتبنيها الكثير من الفضل في تاريخ النضال في جنوب أفريقيا واهمال شخصيات مهمة شاركوا فيها وبعضهم دفعوا الثمن الغالي بحياتهم, مثل ستيف بيكو. وهذه الانتقادات أجبرت الحكومة في عام 2012 لإنشاء "مركز تراث ستيف بيكو" في منطقة الملك ويليامز.
ومن الغريب مثلا, أن نتصفح كتاب نيلسون عن مسيرته نحو الحرية ولم نجد أي ذكر عن ستيف بيكو ولو مرّة واحدة, مما يثير تساؤلات عن أفكار ووجهات نظر كل منهما. غير أن الحقيقة أنه لا يوجد أي تعارض بين الرجلين, وعدم ذكر مانديلا لبيكو في كتابه يعود إلى أن بيكو كان في 15 من عمره عندما ألقي القبض على مانديلا وسجن في جزيرة روبن. كما أن بيكو قتل في عام 1977، بمعنى أنه لم يطلق سراح مانديلا إلا بعد 12 سنة من وفاته. فكلّ من نيلسون مانديلا و بيكو لم يعرفا بعضهما بعضا, حتى وإن كان مانديلا يتحدث عن إعجابه ب"بيكو" على مر السنين، إضافة إلى أن ستيف بيكو كان رمزا رئيسيا في حملة "نيلسون مانديلا" الانتخابات للرئاسة بعد خروجه من السجن.
هذا, ومن أوجه التشابه بين الرجلين, أن كلا منهما يسعى إلى إنهاء نظام الفصل العنصري وتحقيق العدالة المدنية والمساواة القانونية للمواطنين السود في جنوب أفريقيا. كما أن كلاهما يرىان أن الثورة الاجتماعية التي يقودانها بإمكانهما تحقيقها دون اللجوء إلى العنف, لكنهما كانا على استعداد للقتال إذا تطلب الأمر ذلك.
غير أن مانديلا ينتمي إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وهذا الحزب له طائفة مسلحة, ولكنه يؤمن بأن ممارسة ضغط شعبي غفير قد يؤثر على حكومة جنوب أفريقيا, وسيجبرها على إطلاق سراح مانديلا من السجن، وبخروجه هذا ستتحقق مطالب بقية الثورة.
أما ستيف بيكو, فهو يرى أن كل ما هو مطلوب هو رفع الوعي بالهوية الأفريقية وثقافة السود، لمنحهم الاعتزاز والشعور بالمساواة داخل أنفسهم. كما يؤمن بأنه متى ما يتم تعليم السود قيمتهم كبشر فلن يتسامحوا مع الذين يحكمونهم ويظلمونهم, وسيؤدي لا محالة إلى ثورة واسعة النطاق لا يمكن إيقافها.
وصدق بيكو عندما قال: "إن السود سئموا من الوقوف على خطوط الالتماس لمشاهدة مباراة ينبغي عليهم لعبها. إنهم يريدون أن يفعلوا الأشياء لأنفسهم وكلها بأنفسهم. " (رسالة إلى رؤساء مجلس النواب الطلاب، من كتابه "أكتب ما أحب" ، 1978)

* كاتب وباحث نيجيري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.