** خبير زراعي: علينا تقبل أننا في غضون أيام سنشرب مياه الصرف الصحي تصريحات مثيرة للجدل، أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي بخصوص إمكانية معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي واستخدامها في الشرب، كبديل لنقص المياه المتوقع جراء تشييد سد النهضة الإثيوبي. قال السيسي: "إنه خصص مليار جنيه من صندوق (تحيا مصر) لمعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي واستخدامهما في مياه الشرب، لتكون مصر بذلك هي أول دولة في العالم تستخدم مياه الصرف الصحي المعالج في الشرب".
ومعروف علميًا أن استخدام مياه الصرف المعالج تكون لأغراض صناعية، وتقوم دول العالم المتقدمة بمعالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في مجال الزراعة.. أما في مصر فإن مياه الصرف الصحي والزراعي ستستخدمان لأغراض الشرب والمعيشة، طبقًا لتصريحات الرئيس المصري، فهل هذا المشروع "فنكوش" جديد أم أنه حقيقة؟!.
وفقًا لإحصائيات رسمية، فإن أكثر من ثلثي الشعب المصري يعاني من أمراض وفيروسات لها علاقة بالمياه، أبرزها هو فيروس "سى" المنتشر بشكل كبير بين الشباب في المحافظات، الأمر الذي استدعى الحكومة لمحاولة التعتيم على هذه الكارثة بتوفير ملايين الجرعات المعالجة للفيروس، بتكلفة تُقدر بالمليارات. ولا تُعتبر هذه هي المرة الأولى التي يُدلى بها السيسي بحديث غير دقيق علميًا، فسبق له وأكد أنه سيتم حفر بئر مياه بالصحراء الغربية تكون كافية لري أراضي مشروع المليون ونصف فدان، وهو الأمر الذي تم التكتم عليه إعلاميًا، قبل أن تلقي وزارة الموارد المائية والري على وزارة الدفاع بالمسئولية في حفر الآبار بالمشروع. وسبق للقوات المسلحة المصرية، أن أعلنت في وقت سابق عن تصنيع جهاز "الكفتة" لعلاج مرضى "فيروس سي"، وهي التصريحات التي سخر منها الغرب والمواطنون في الداخل، بعد اكتشاف أنها بنيت دون أساس علمي. وقال أستاذ الاقتصاد والخبير الزراعي الدكتور جمال صيام، إنه علينا تقبل أننا كمصريين سنشرب مياه الصرف الصحي؛ نتيجة عجز المياه المتوقع من بناء سد النهضة الإثيوبي، لافتًا إلى أن معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي "مكلفة للغاية بشكل لا يمكن تخيله". وأوضح صيام في تصريح ل"المصريون"، أنه يتم معالجة المياه على 7 مراحل، وخلال المراحل الثلاث الأولى تكون بعدها المياه جاهزة للزراعة، ولا تكون جاهزة للشرب إلا بعد المرحلة السابعة، وخلال كل تلك المراحل تستنزف الدولة ملايين بل مليارات الجنيهات. انتقد الخبير الزراعي، حديث الرئيس السيسي عن معاجلة ملايين فقط من المياه، مؤكدًا أن تلك الكميات لن تكفي مطلقًا العجز المتوقع والتي قد يصل خلالها إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه، مضيفًا: حديث السيسي الأخير أعطى إثيوبيا الضوء الأخضر لإكمال بناء السد واعتراف مصر به ورضائها وقبولها بما قد يحدثه من أخطار.
وأشار إلى أن مصر تُعاني "شحًا مائيًا" خطيرًا، وأنها كل عام يكون العجز المائي لديها ما يقرب من 20 مليار متر مكعب، مؤكدًا أن نصيب الفرد حاليًا من المياه 600 متر مكعب سنويًا من المياه وهي نسبة ضئيلة جدًا، وتعني أننا نعيش مرحلة خطيرة للغاية. وأضاف: مهما حدث ومهما فعلت الحكومة، فإنها لن تستطيع تعويض العجز المائي المتوقع من بناء سد النهضة الإثيوبي، لافتًا إلى أن عجز المياه سيؤثر بشكل بالغ على الزراعة وليس على مياه الشرب.
وفي السياق، رفض العميد محيى الصيرفي، المتحدث باسم الشركة القابضة للمياه والصرف الصحي، الحديث والتعليق على "حقيقة استخدام مياه الصرف في الشرب"، مؤكدًا أن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة قبل الحديث عنه، وأنه سيقوم بذلك يوم الأحد القادم.