30 قرارا ل"الزند" بمنح "الضبطية القضائية" لآلاف الموظفين العموميين 4000 مدني ضحية القانون.. وحقوقيون: عودة ل"المواطن المخبر" شهدت مصر، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وتحديدا منذ صعود وزير العدل الحالي أحمد الزند، إلى رأس السلطة القضائية، صدور نحو 30 قرارا بمنح الضبطية القضائية لموظفين عموميين. ومنح الزند، الضبطية القضائية، 5 مرات، منذ توليه وزارة العدل لجهات عدة، منها؛ رؤساء الأحياء والمدن، ونقابة المهندسين، ونقابة المهن التمثيلية، ونقابة المعلمين لمحاربة الدروس الخصوصية، كما منحها ل22 قيادة بمحافظة الجيزة، ونائب المحافظ ورئيس المتابعة؛ لضبط المخالفات في أحياء المحافظة. ومن أبرز من منحهم الزند "الضبطية القضائية": 700 موظف من الشركات التابعة للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظات، في 27 يناير الماضي. وفي يوم 24 من الشهر الماضي، نشرت جريدة الوقائع المصرية (الرسمية)، قرارا لوزير العدل بشأن منح بعض العاملين بالشركة المصرية للخدمات الفنية وصيانة الأجهزة "صيانكو" صفة مأموري الضبط القضائي. وفي 3 أغسطس الماضي منح الزند، سمير إبراهيم دسوقي، مساعد مدير موقف المرج للأقاليم صفة الضبطية القضائية. كما وافقت "العدل" على منح الضبطية القضائية لرؤساء أحياء محافظة القاهرة بعد طلب من المحافظ جلال مصطفى السعيد، من أجل تمكينهم من أداء واجبهم على أكمل وجه. ومنح وزير العدل أحمد الزند ل6 من أعضاء نقابة المهن التمثيلية صفة مأموري الضبط القضائي. كما منح الزند، ثلاثة من أعضاء نقابة المهن الموسيقية صفة الضبطية القضائية، خلال الاجتماع الذي عقده مؤخرا مع نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر. وأصدر الوزير قرارا بمنح صفة الضبطية لكل من رضا رجب وكيل أول النقابة، الموسيقار محمد أبو اليزيد وكيل ثاني النقابة، وعلاء سلامة عضو مجلس الإدارة، بناء على اقتراح نقيب الموسيقيين هاني شاكر. وفي يوليو أصدر الزند قرارا آخر، منح فيه أعضاء المجلس الأعلى لنقابة المهندسين ورؤساء النقابات الفرعية وأعضاء هيئة مكتب مجلس النقابة، صفة مأموري الضبط القضائي. وتم تشكيل لجنة من النقابة ضمت 30 عضواً وتم منحهم الضبطية القضائية. وسبق أن منح مجلس الوزراء برئاسة إبراهيم محلب، الضبطية القضائية لرؤساء أحياء محافظة الإسكندرية بعد طلب من المحافظ السابق هاني المسيري لمواجهة مخالفات البناء، وسمح لهم القرار بالقيام بدور الشرطة في التعامل مع بالتعامل مع المخالفين في البناء. كما منحت وزارة العدل صفة مأمور الضبط القضائي ل 22 قيادة تنفيذية بمحافظة الجيزة بالنسبة للمخالفات الخاصة بقانون البناء وشغل الطرق. وقرر وير العدل منح العاملين بالهيئة العامة للرقابة المالية – بصفتهم الوظيفية - صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة للقانون رقم 141 لسنة 2014 المتعلق بشأن نشاط التمويل متناهي الصغر. وتستهدف تلك القرارات مواجهة مخالفات وتهرب بعض المواطنين من سداد فواتير المياه والخدمات الحكومية. فيما منح وزير العدل السابق الضبطية القضائية لمفتشي الأوقاف والتمويل العقاري ومعاوني الأمن وحرس الحدود، بخلاف القيادات النقابية والنقابات الفرعية وأمن الجامعات ومفتشي التموين وموظفي الجمارك. لتشهد الفترة منذ 3 يوليو 2013، توسعا في منح الضبطية القضائية، غير مسبوق، حيث كانت الضبطية القضائية تمارس في أضيق الحدود قبل ثورة 1952، وتمارس في حدود القوانين ذات العلاقة المباشرة بالحياة البيولوجية للبشر، مثل قوانين الأغذية والصيدلة والصحة العامة، وللموظف بحكم الصلاحيات التي يقررها وزير العدل: حق اقتحام المنشآت التجارية أو الإنتاجية، وإصدار التعليمات بوقف بيع أو إنتاج الأصناف التي تهدد حياة البشر، واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع التهديد. واتسعت ولاية الضبطية القضائية بعد ثورة يوليو 1952 لتشمل الأجهزة التي نشأت لحماية الثورة والأمن العام، ثم امتدت إلى الأجهزة الرقابية التي نشأت لحماية المال العام مثل الكسب غير المشروع والنيابة الإدارية والرقابة الإدارية والتنظيم والإدارة والتعبئة والإحصاء، وامتدت الآن لتشمل شريحة كبيرة من الموظفين. فيما يرى حقوقيون أنها تهدد استقرار المجتمع، وتحوله إلى دولة مخبرين، يتجسس خلاله المواطنون على بعض، وبأن "السياق الصادر فيه تلك القرارات يوحي باتجاه النظام الحاكم نحو عسكرة المجتمع، لضمان التحكم في مفاصل الدولة، بشكل مخالف للدستور". وشهدت الفترة الماضية صدور قوانين وقرارات تصب في الاتجاه الأمني ذاته، ومنها: تعديلات قانون العقوبات ليشمل إشارات معارضة للنظام أو التعبير عن آراء مخالفة لنظام الحكم، كإشارة "رابعة العدوية". وبمقتضى تعديلات قانون المحاكم العسكرية، وبجانب التوسع في إحالة المدنيين للقضاء العسكري، تمت إحالة نحو 4000 مدني إلى المحاكمات العسكرية، وفق منظمات حقوقية. كما صدرت أيضا أوامر شفهية ومكتوبة في جامعات القاهرة وكفر الشيخ وقناة السويس، بمنع ظهور أساتذة الجامعات بوسائل الإعلام إلا بإذن من رئيس الجامعة. إلى ذلك استحدثت السلطات وظيفة معاون أمني للمدنيين للتعاون مع رجال الشرطة كمخبرين سريين، بجانب حظر انتقاد مؤسسات الدولة والمسؤولين الحكوميين. وذكرت منظمة هيومن رايتس مونيتور، أنه "تم تعديل مقررات الدراسة بأكاديمية الشرطة، والتوسع في المواد المتصلة بالحياة العسكرية وتخفيف المواد القانونية كقانون الإجراءات الجنائية ومواد علم النفس وهي المواد المرتبطة بكون جهاز الشرطة جهاز مدني، وفق الدستور". من جابنها أكدت "مونيتور"، في بيان، وصل "المصريون" نسخة منه، على أن منح الضبطية القضائية بشكل عشوائي خطأ كبير، يهدد السلطات القائمة، حيث تتداخل الضبطية القضائية لموظفي المؤسسات الحكومية مع سلطات النيابة العامة والشرطة، ما يهدد بالفوضى المجتمعية. وقالت "مونيتور" إن "تزايد أعداد الممنوحين الضبطية القضائية يهدد بتفاقم الاتجاه لعودة المواطن المخبر، وما يحمله من مخاطر التنكيل بالمواطنين والقبض عليهم، سواءً كانوا متلبسين بجريمة أو غير ذلك، بالإضافة إلى تشويه السمعة، كما أن الضبطية ضد حفظ كرامة المواطن وحريته وخصوصيته التي نص عليها الدستور والقانون". يذكر أن الضبطية القضائية هي صلاحيات يتمتع بها بعض الموظفين، وُتهيئ لصاحبها حقوقًا أقرب إلى الحصانة البرلمانية، فيما يراها مراقبون أنها "تسمح له بالانحراف إذا شاء الانحراف، والتربح والابتزاز وممارسة التهديد". وينص القانون على أن الضبطية القضائية، هي "سلطة البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التى تلزم التحقيق فى الدعوى، ويطلق على من يخول إليهم الضبطية القضائية مأمورى الضبط القضائى"، ووفقًا للقانون فإن مأموري الضبط القضائي تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم، ويحدد العاملين بها بقرار من وزير العدل. ويوضح قانون العمل، رقم 12 لسنة 2003 "تفتيش العمل والضبطية القضائية"، ضوابط عمل مأموري الضبط القضائي وجهة اختيارهم وتحديد مهامهم. وجرى تحديد مأموري الضبط القضائي على سبيل الحصر في المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وهؤلاء ينقسمون إلى طائفتين: طائفة مأموري الضبط الذين لهم الضبطية القضائية تجاه جميع أنواع الجرائم، وطائفة مأموري الضبط الذين ليس لهم الضبطية إلا تجاه جرائم معينة متعلقة بوظائفهم الأساسية. ودعت "مونيتور" السلطات المصرية ب"مراجعة قرارات الضبطية القضائية والقوانين المكبلة للحريات والتي تسببت في تفاقم أزمات المجتمع المصري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في الفترة الأخيرة، وفي مقدمة القوانين التي تستوجب وقف العمل بها".