تسلمت المخابرات العامة مرة أخرى ملف سد النهضة الإثيوبي بعد فشل "فني ودبلوماسي"، ما يعني أن قضية سد النهضة ربما تشهد تطورًا عسكريًا خلال الأيام القادمة، وهو ما ترجمته مصر رسميًا بقيادة تحالف عسكري بشمال إفريقيا. وقبل المسار الفني الذي قطع شوطًا مدته 5 سنوات، بدأت بعد الثورة المصرية في عام 2011، كانت قضية سد النهضة عبارة عن ملف مدرج في مكتب رئيس المخابرات العامة الراحل عمر سليمان، لتكون أوراق الأزمة متاحة للاطلاع في كل وقت، ما حدا بالجانب الإثيوبي إلى تأجيل اتخاذ خطوة بناء السد خوفًا من تحول القضية من ورق في الإدراج إلي حرب عسكرية بين البلدين. واصطحب الرئيس السيسي خلال جولته بإثيوبيا منذ أيام، رئيس المخابرات العامة، اللواء خالد فوزي، متجاهلاً وزير الموارد المائية والري "لأول مرة"، ما يعني أن القيادة السياسية أدركت مؤخراً أن المفاوضات الفنية الخاصة بالقضية لا طائل من ورائها، كما أعلن سفير مصر بإثيوبيا، عن رغبة القاهرة في تشكيل تحالف عسكري تحت رئاستها بشمال إفريقيا، لحفظ الأمن في تلك المنطقة، في خطوة اعتبرها خبراء ومتخصصون بداية اتخاذ قرار عسكري لضرب سد النهضة. وفى السياق السابق، استقبل رئيس الأركان المصري محمود حجازي، نظيره الزامبي، اليوم الاثنين، وذلك لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، في خطوة تمهيدية لتشكيل التحالف العسكري "المزمع" الإعلان عنه رسميًا خلال أيام. وقال خبير السدود بالأمم المتحدة، الدكتور أحمد الشناوي، إن تشكيل التحالف العسكري بشمال إفريقيا هو أهم الخطوات الحاسمة في ملف سد النهضة، مؤكداً أن هذا التحالف سيجعل القاهرة تمسك بزمام الأمور بدلاً من أن تكون قصبة مصر الهوائية في أيدي إثيوبيا ومن ورائها إسرائيل. وأشار الشناوي، في تصريح خاص ل "المصريون"، إلى أن ضرب سد النهضة خيار لا بد منه حاليًا، وقد وضعتنا إثيوبيا أمام هذا الخيار وألزمتنا بها بعد تهربها من المفاوضات الفنية، مؤكداً أنه لا بد من توجيه تلك الضربة قبل فترة ملء خزان السد في يوليو القادم. من جانبه، قال الدكتور أحمد فوزي دياب، كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء، إن اتخاذ قرار بضرب سد النهضة عسكرياً، ينطوي على عدة مخاطر أهمها هو أنه يجب وضع تكلفة تلك الحرب في الحسبان قبل الشروع فيها، خصوصاً أن الحرب والاقتصاد عاملان لا يجتمعان، فإذا كانت هناك حرب، فإنه لا وجود للاقتصاد، والعكس إذا استمرت الأجواء بصفاء. وتبدو الأجواء بين مصر وإثيوبيا "ملبدة بالغيوم" في ظل حديث دائم عن تطبيع إثيوبي إسرائيلي وتحضيرات عسكرية مصرية وتشكيل التحالف العسكري الإفريقي، بهدف إلى حفظ أمان وشعوب منطقة شمال إفريقيا، ويعتبر متخصصون هدفه الأساسي توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة الإثيوبي.