في جو أقرب الى الشاعري، ظهر رجل لُقّن بضع كلمات ليقولها ضد المعارضة السورية في "مضايا" مقابل تسهيل نظام الأسد لخروجه منها هو وعائلته وبلابله الملوّنة التي احتاجت قفصين كبيرين ليستطيع حملها وهي تغرّد فرحاً وحباً. وكانت هذه البلابل، من حيث لاتدري هي ولايدري هو، دليل إدانته الدامغ، حيث لقّنته "سانا" بضع كلمات ليتهم المعارضة السورية بتجويعه، ولم ينتبهوا الى أن من تعرض لتجويعٍ قاتل فعلى الأقل لن يوفّر عصافيره بحسب ما ذكر موقع العربية نت . فماعلمناه ونشرته وسائل اعلام عربية وعالمية، أن أهل مضايا الذين جُوّعوا حقا على يد نظام الأسد، كانوا يأكلون أوراق الشجر.. فكيف عاد هذا بعصافيره وبلابله وبصحة جيدة، ويقول إن المعارضة جوّعته؟!. وكان الإعلام الرسمي التابع لنظام الأسد، يسعى بكل السبل، لتصوير أزمة "مضايا" على أنها مأساة تسبب بها معارضوه، لإخفاء دوره ودور حلفائه بإيصال أهل "مضايا" الى الموت أو التحول الى هياكل عظمية، فقام بإجراء حوار "سريع" مع أحد الأشخاص الخارجين من "مضايا" أمس، لاستخدامه كدعاية ضد المعارضة السورية واتهامها بأنها المتسبّبة بأزمة المدينة التي بدأت المساعدات تدخلها، منذ ساعات، بعد ضغط الإعلام العربي والغربي. يظهر في الفيديو الذي نشرته وكالة "سانا" الرسمية، مجموعة أشخاص مصطفّين بشكل منظّم، يردّدون كلمة واحدة: "المسلّحون". ثم امرأة تتحدث عن غلاء الأسعار في المدينة المحاصرة. بعدها يظهر رجلٌ ملتح بلحية خفيفة، ويتحدث للكاميرا عن "مافعله المسلحون" من رفع هائل للأسعار التي وصلت إلى كذا وكذا. وبينما هو يتحدث عن "معاناته الهائلة" و"التجويع" الذي تعرّض له من قبل المعارضة، وإذ بالكاميرا تتحرك إلى الأسفل وتعرض عند قدمي الرجل قفصين كبيرين مليئين بالبلابل الملوّنة، يمكن إحصاء أكثر من عشرين بلبلا منها، وهي تتقافز وتزقزق أو تغرد فرحاً وسعادة وإحساساً بالرضى!. الرجل الذي أحضرته "سانا" ليهاجم المعارضة، وليتهمها بتجويعه، لم يجد بدلاً من التحدث عن تلك الأقفاص التي ظهرت للكاميرا، فقال "وأحضرتُ معي هذه العصافير.." وأشار الى طيور أخرى لم تظهرها الكاميرا. لينقلب السحر على الساحر وتتكشف الكذبة التي أراد إعلام الأسد ترويجها: إذ كيف يمكن تصديق رواية هذا "الشاهد الرسمي" عن التجويع والعَوَز والحاجة، بينما عاد من "أرض المعارضة" بأقفاصه المليئة بالبلابل سالمةً غانمةً وتزقزق فرحاً وتتقافز بصحة وافرة؟. فعلى الأقل لو "جوّعته المعارضة" كما قال، لأكل عصافيره أو أطعمها لأولاده الذين يظهرون في الفيديو!. إلا لو كان مغرماً بالطيور المغردة الى الدرجة التي يحافظ فيها على حياتها أكثر من حياة أبنائه. الفيديو كشف استغلال وسائل الإعلام التابعة للأسد، رغبة البعض بمغادرة "مضايا" فيطلب اليه إطلاق تصريح ضد المعارضة السورية، ليسهّلوا خروجه، وهو الأمر الذي قاله رجل البلابل نفسه بأن النظام السوري سيساعده في الخروج هو وعائلته.. وعصافيره، إلا أن الأخيرة كشفت كذبته وكذبة النظام الذي فشل بإخفاء بصمته وبصمة ميليشيات "حزب الله" عن مسرح جريمة اسمه.. مضايا.