ثقافة الدولة تُبنى كلمة كلمة ... خطوة خطوة ....وقطرة قطرة..هي عمل توعوي ..نوعي تثقيفي ودقيق.. تراكمي ومتواصل.. إلى حين يصبح المواطن يفكر بمنطق الوطن لا بمنطق الجماعة أو الحزب أو الطائفة.. يفكر ويتصرف بمنطق المصلحة العليا وليس بمنطق الأنانية والشخصانية والفردانية.. أوالإيديولوجية والحزبية الضيقة ..تقترن وتتقاطع مصالحه وأهدافه مع أهداف دولته ومجتمعه... طموحه ومستقبله من طموح دولته ومستقبلها..لم تكن أبدا مصلحة الدولة في التهرب من مواطنيها أو النيل من حقوقهم أو التنصل منها أو التحايل عليهم أو الاعتراف ببعضهم ونكران آخرين أو التحيز لفئة أو جهة على حساب أخرى فتصنع الطوائف و العصبيات والعنصريات والفرقة والشروخ الاجتماعية ...بل مصلحة المواطن في أن تتجسر العلاقة بينه وبين دولته ليحقق طموحه وينعم بانتمائه في كنف دولته لا يحس بأي غبن ولا ظلم ولا نقص أو إهانة . ها هي الدول الكبيرة أو بعضها يصل إلى غرس ثقافة الدولة في عروق المواطنين ليصبحوا متفاعلين إيجابا حد التماهي.. بفضل ترسيخ دولة الحق الدائمة في ذهن الفرد... ويصبح المواطن يحس ويفكر بمنطق الوطن ..شعاره.... أنا صاحب الوطن ..والوطن هو بيتي الكبير ... أنا الدولة .... أحميها وأرعاها وأدافع عنها إن لاح أي خطب أو خطر . هذا هو الأمن القومي .. المواطن يحفظ الدولة والدولة ترعى المواطن...هكذا تصبح الدولة محمية بفعل الوعي الجمعي للمواطنين حتى وإن كانوا مختلفين ثقافيا وإيديولوجيا وحتى دينييا ..والدولة الفاعلة هي التي تتمكن من إذابة الاختلافات والتمايزات بين مواطنيها حد الانصهار وتصنع منهم عبقرية فريدة تخدم الصالح العام..وتجعل تلك الاختلافات والتنوعات اسمنتا يحمي جدار الوطن من التشقق..وتشكل بتلك الاختلافات رصيدا إضافيا موجبا للخدمة العامة . ••••• دولة المواطن أو دولة القانون..هي الدولة الدائمة التي لا تزول بزوال الرجال.. ...يذهب الرؤساء .. وتسقط الحكومات ..ويتبدل المسؤول ويأتي آخر.. وتبقى الدولة مستمرة ما استمر العدل والقانون والانصاف .. والأمم التي نجحت ونجت من المخاطر وكبرت وصنعت المجد والرفاه والتنمية والاستقرار الحقيقي جعلت نصب العين مصلحة المواطن أولا وفوق كل مصلحة ..لم تجعل مواطنين فوق القانون وموطنين تحت القانون.. لم تحابِ أقوام على أقوام.. ولم تنْحزْ لفئات على حساب فئات ..لم تُنَمِ جهات على حساب جهات ..الأمم الناجحة لم تبدد وقتها في صناعة الأمجاد الزائفة والبطولات المخدوعة ..بل سعت بكل جهد واجتهاد لإقامة أسس العدل والاستقرار والتضامن وحماية الحقوق والحريات والديمقراطية الحقيقية الدائمة ..بنت أنظمة سياسية شفاقة ..على أساس قبول و رضا المواطن وثقته من دون تزوير ولا تحايل .وأشاعت فكرة الدولة ورمزية القانون فوق الجميع . •••• تتمايز مكانة الدول وتختلف بحسب ما يحضى فيها المواطنون من كرامة وعزة وعدل ورفاه ..يقاس نجاح الدول بما تحققه من تنمية سياسية واجتماعية وثقافية لصالح شعبها ..لأن قيمة الدولة بين الأمم من قيمة ما تقدمه لمواطنيها من حقوق وخدمات ورعاية وكرامة ..وكلما حقق المواطن ذاته ووجد مكانته و قيمته في دولته كان ذلك رصيدا إضافيا للدولة ..رفعة الدولة خارجيا من رفعة المواطن داخليا ..وحين تعامل الدولة مواطنيها بميثاق الحق والقانون والكرامة ترتفع مكانتها بين الأمم لتصبح بين مصاف الدول المتقدمة والناجحة..والدول الفاشلة هي تلك الدول التي أخفقت في رعاية مواطنيها أو ربما لم تُوفق في إيجاد السبل لبسط القانون ونيل الحقوق وتحقيق العدالة والحرية. * El yazid- guenifi…...كاتب من الجزائر ..