لم يبرز اسم واحد من رؤساء مجلس الشعب فى العهود الديكتاتورية الثلاثة.. عبدالناصر والسادات ومبارك. لكن هناك نوابا اشتهروا بشدة فى المعارضة ولفتوا الأنظار إلى البهو الفرعونى، لا ننسى منهم أربعة بين 15 عضوًا فى برلمان 1979 كانوا صداعًا فى رأس السادات. أجواء الديكتاتورية دفنت رؤساء المجلس فى حضن الحكام فلا يتذكر الناس منهم سوى كلمة "موافقون".. فيما لعبت الأجواء نفسها الدور الأكبر فى بروز نواب كبار على رأسهم المستشار ممتاز نصار والدكتور محمد حلمى مراد والشيخ صلاح أبو إسماعيل. إنها مفارقة عجيبة قد تدهش البعض، لكن من يتتبع سيرة الثلاثة ستزول دهشته على الفور، فقد قادوا ثورة مخملية من داخل البهو الفرعونى ضد سلطة متسلطة مسنودة بأجهزة أمنية تسجل دقات القلب. من ينسى المستشار ممتاز نصار ابن البدارى بأسيوط الذى تزعم المعارضة البرلمانية فى مجلس شعب 1979، وكان على رأس ضحايا مذبحة القضاء عام 1969 فى عهد عبدالناصر. لم يتحمله السادات مع 14 نائبًا معارضًا فقط إثر معارضتهم لاتفاقية كامب ديفيد، فأمر بحل مجلس الشعب للتخلص منهم، إلا أن نصار نجح بإرادة شعبية ساندته فى الانتخابات التالية، اشتهر على إثرها بأنه النائب الذى هزم الرئيس. وتذكر مضابط البهو الفرعونى للدكتور محمود القاضى ابن الإسكندرية أنه طلب وثائق كامب ديفيد ليدرسها البرلمان قبل التصويت عليها، فأغلق رئيس المجلس الدكتور صوفى أبو طالب باب المناقشة حتى لا يغضب السادات، الذى غضب فعلا فأصدر قراره فى اليوم التالى بحل المجلس. أما الدكتور محمد حلمى مراد فله تاريخ سياسى كبير بدأ من عضويته فى حركة مصر الفتاة عام 1935، واستجواباته اشتهرت بالشدة ومدعومة بالوثائق والمعلومات، وكانت وقفاته تحت القبة تجذب الجماهير لشاشات التليفزيون أكثر من أهداف الخطيب. الشيخ صلاح أبو إسماعيل دخل انتخابات مجلس الشعب عام 1976 بشعار "اعطنى صوتك لنصلح الدنيا بالدين".. وهو والد الشيخ حازم المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، ومن إنجازاته التى تشهد عليه المضابط صياغته لقوانين الشريعة الإسلامية الموجودة حتى الآن فى محفوظات مجلس الشعب. له استجوابات شهيرة ومعارك أهمها حول تصريح السادات بأنه "لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة" ومعركته ضد قانون الأحوال الشخصية. أسماء معارضة تلألأت فى زمانها كالنجوم ولا يمكن محو تاريخها من البهو الفرعونى. وفى المقابل لا تحتفظ الذاكرة بأسماء رؤساء المجلس منذ عام 1952، فقد ارتموا فى حضن السلطة، فلم تظهر لهم بصمات برغم قامات بعضهم العلمية والسياسية الكبيرة. فى عهد عبدالناصر.. تعاقب على رئاسة المجلس محمد عبداللطيف البغدادى ومحمد أنور السادات ومحمد لبيب شقير. وفى عهد السادات: حافظ بدوى وسيد مرعى وصوفى أبو طالب. وفى عهد مبارك: صوفى أبو طالب ومحمد كامل ليلة، ورفعت المحجوب، وفتحى سرور. فمن سيكون رئيس مجلس الشعب الذى سينافس قوة السلطة التنفيذية، فالأعضاء جاءوا عبر انتخابات حرة، وهو سيأتى من صلب هذه الانتخابات بانتخابات داخلية بين أعضاء المجلس فى أول جلسة يرأسها أكبر الأعضاء سنًا؟.. أياً كان التيار الذى سينتمى إليه فسيكون أقوى من كل أسلافه، فوراءه أكبر كتلة تصويتية فى العالم العربى والإسلامى. [email protected]