ودعته أمه الريفية الطيبة بدعواتها التي تخرج من القلب طازجة لتتصاعد إلى عنان السماء أن يحفظه الله لها ويبارك له في رزقه ولا يضيُّع سعيه ..وهو يقبل يديها ممتنا لتلك الدعوات التي يتمنى من الله أن تصيبه إحداها.. محي الدين حسني محي الدين وهبة؛ شاب من شباب قرية شاب البقلية مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية رقيق الحال طيب الخلق وجهه يمتلئ بالذكاء وعيناه تنبئ بسرعة البديهة.. تبدأ مأساته فى شهر مارس من 2003عام حين خرج في صباح أحد الأيام لصيد الأسماك كالعادة من زراعات الأرز مثله في ذلك مثل كل أبناء القرية ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، سقط عليه أحد أعمدة خطوط الضغط العالي المنتشرة خلال الأرض المغمورة بالماء فصعقته الكهرباء واحترقت أطرافه ولم يتبق له غير ساقه اليسرى. وتبدأ مرحلة العذاب والحيرة في حياة محي ووالدته.. تلك التي لم يكن يتوقعها، وبعد وكأن لسان حاله يتساءل: كيف سيكون المستقبل القادم؟ كيف سيمشي محي ويذهب إلى عمله؟ كيف سيتناول طعامه ودواءه وكيف سيبدل ملابسه؟!! لم يكن من الشاب المؤمن بالله إلا أن سلّم أمره لله وفوَّض حاله لعزته، وباتت الأم المكلومة تتضرع لله بالدعاء أن يرحم فلذة كبدها ويهبه الصبر ويمنحه السلوان.. ومع الإيمان الكامل بالقضاء والقدر.. وأن ما حدث لم يكن ليخطئه، بدأ محي وأمه كبيرة السن التي كان من المفترض أن تستريح من عناء كفاح السنوات الماضية.. بدآ معا رحلة البحث عن العلاج ربما تفتحت أمامهما طاقات الأمل وجاء من يمنحهما نورا يحقق لهما بعض الرجاء. أخذت الأم وهي تحمل ابنها الشاب تطرق كل أبواب العلاج التي يشير بها عليها من الناس الطيبين فأصابها الهزال وهي تركض بين عيادات الأطباء الخاصة بتكلفتها العالية التي تعجز عن أداء متطلباتها وبين والمجالس الطيبة المتخصصة وكلها أمل أن يبشرها أحد الأطباء بتركيب أطراف صناعية على نفقة الدولة.. واقترب الأمل من حياة محي وظن أن الحياة ستعود إليه من جديد وأن الأطراف الصناعية الجديدة ستساعده على التحرك والخروج إلى الشارع بعد أن ظلّ حبيسا في البيت، وبعد محاولات واستكمال الأوراق المطلوبة وأخذ المقاسات ذهب محي ليتسلم ذراعيه وساقه الصناعيين ولكنها كما يقول هو بنفسه والألم يعتصره: " وجدتها ثقيلة جدا ..أثقلت كاهلي وبدلا من أن تيسر حركتي أعاقتني تماما، فتركها جانبا وعاد مثلما كان.. الأيام تمر.. والشهور ومن بعدها السنون ومحي لا يهدأ، شاهد ذات مرة في التليفزيون برنامجا عن ذوي الاحتياجات الخاصة وفيه يعرضون أعضاء إلكترونية وعلى الشاشة شاهد رجلا كان مثله دون ذراع وهو يأكل بكف ذراعه الاصطناعية، وأخذ يسأل ويبحث ويتصل هنا وهناك حتى قيل له إنه بالإمكان تركيب هذه الأطراف الاصطناعية بالفعل ولكن ليس في مصر.. بل فى الخارج وهذا يتطلب مبالغ طائلة لا يقدر هو على لمسها لا امتلاكها!! ولكن الحلم الذي يراوده في أن تصبح له ذراع.. مجرد ذراع واحدة تساعده ليعتمد على نفسه في الأكل والشرب وقضاء الحاجة؛ ما يزال الأمل يلمع أمام عينيّ "محي" وأمه تملؤها الهواجس والأفكار..تفكر في مصيره إذا أصابها مكروه والعياذ بالله وهى السيدة المسنة المريضة التي زادتها مأساة ابنها ألما وعذابا ضاعف من مرضها يقول محي: "طلبوا منى في المجالس المتخصصة تحديد أماكن تركيب الأطراف الصناعية الالكترونية خارج مصر فقدمت تقريرا بذلك من إحدى مستشفيات القوات المسلحة كما قدمت تقريرا من مستشفى القصر العينى بعين شمس يثبت عدم جدوى تركيب الأطراف الصناعية داخل مصر بالنسبة لحالتي وعندما تم عرضي على اللجنة التي ستقرر سفري من عدمه بالمجالس الطبية المتخصصة طلبوا إحضار الأجهزة التي سبق وتم تركيبها لي من قبل مركز الطب والتأهيل الطبيعي بالعجوزة قال لي أعضاء اللجنة إن هذه الأجهزة صالحة، ساعتها بكيت وقلت لهم: اروني كيف اطعم نفسي بها وكيف استعملها لقضاء حاجتي أو أمسك بها الأشياء، أو أرفع بها على فمي كوب ماء.. فثاروا فى وجهي وكان مصيري الطرد من الجلسة خرجت وقد انكسر قلبي وتحطمت أمالي" ..ويتساءل محي فى أسى: هل كُتِب علىّ العيش عاجزا حتى الموت، كل ما أطلبه ..طرف صناعي الكتروني ذراع فقط فهل هذا كثير؟! هذه رسالة محي بدموعه وآلامه وآماله وعشقه للحياة نعم هو عاشق للحياة مؤمن بقضاء ربه صابر على البلاء وواجبنا نحوه أن نسانده نمد له ايدينا بالعون وهولا يطلب الكثير فذراع واحدة تكفيه هيا نحقق له حلمه ولا ندعه ينتظر طويلا يكفيه ما ضاع من عمره ست سنوات من المكابرة والصبر والأمل ؟ [email protected] فاكس رقم 25783447 موبايل 01020980204