لا أدري ماهو الشعور الذي تملكني عندما قرأت واستمعت لتصريحات القوم أن من تقدم بالبلاغ ضد من أراد حرق الوطن كان تصرفه فرديا، هذا مذيع تلمع عيناه وهو يقرأ خبرالبلاغ الأثيم ويواجه مقدمه في غضب وبنبرة تخوين، والرجل يجلس في مقعده شاحبا، مشتت الذهن،حائرا. لا أدري ماهو الشعور الذي تملكه حينها وهو يواجه هذا السيل العفن من الاتهامات المعلبة من تكميم الأفواه والإرهاب الفكري،الكل يسارع في التبرؤ من الرجل ومن فعلته،جماعته ونقابته،الكل يتنكر له، بدا الرجل مذبذبا،من أنا؟وأين أنا؟. تلجلج الرجل وهو يقطع بأن تصرفه الشائن –في الحفاظ علي الوطن-كان فردياولا أحد سواه يتحمل تلك الجريمة وياللهول فالرجل يعلن لو أن مصلحة الوطن في التنازل عن البلاغ لفعل، ألهذه الدرجة صار الحق ضبابيا؟ ويبدو أن الضغوط كانت أكبر من الرجل أو إنه صدق بالفعل أنه ببلاغه صار خائنا أو عميلا،وفي المساء كان الخبر بتنازل الرجل عن بلاغه ،وكانت صدمتي البالغة في الفرحة الغامرة التي اكتست صفحات الفيس و غيرها من قنوات الأخبار. تلك امرأة لا تملك إلا أن تحترمها وتحترم عقلها فهي صاحبة رأي، ومواقف مشرفة وهي مع ذلك أستاذة علوم سياسية، فإذا بالدكتورة تكاد كلماتها علي صفحتها في الفيس ترقص فرحا،الكل يتناقل الخبر في فرح وسرور ،ياالله ..اليس لهذا الوطن محب صادق؟اليس في القوم رجل رشيد؟اليس لهذا الوطن عدو عاقل ؟. أتلك هي حريتكم المزعومة؟أتلك هي ديمقراطيتكم الملعونة؟رجل يتبجح في دعوته لحرق الوطن ويفتخر قومه أنه منهم ،ويتطاول رويبضات هذا الزمان للدفاع عنه،لا أكاد أصدق أني في وطن يُضحي به أبنائه وهم منتشون،من يتبجح لحرق الوطن بطل مظلوم،ومن يتصدي له عدو غشوم. ويتزامن هذا مع خروج من علي شاكلته من سجنه وكانت الدنيا قامت لأجله ولم تقعد،فتزداد فرحة القوم ويهنئ بعضهم بعضا،أهي سذاجة،أم خيانة،أتراها غفلة أم تربص،ما السر وراء تداعي القوم لنصرة أصحاب الأفكار المشبوهة وتخليهم عن حالات مثيلة لأناس قضيتهم أكثر عدالة،وللحق أقرب،لا يمكن أن يكون كل هؤلاء خونة ومأجورين ،لا يمكن أن يكونوا جميعا سذج وغافلين، لا يمكن أن يجتمعوا علي حب الإشتراكية الثورية الأناركية،ما السر إذا؟ما السر وراء تضحية القوم بالوطن والمواطن ألكي يوصفوا بالعقلانية والديمقراطية؟أهذا عقل؟أهذ دين ؟أهذا فكر؟أهذه حرية؟أهذه ديمقراطية؟ اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل واجعلنا للمتقين إماما. [email protected]