كتبت ناريمان ناجى في أحداث أم درمان المفتعلة في نوفمبر 2009، والتي ظننا فيها أن الجزائر ليست بشقيقة، كتب أحد المشاغبين اسم "حسن شحاتة" على حمار ووضع صورته على الأرض ليخطو الحمار عليها، وقتها لم يعط شحاتة للأمر أهمية ليأتي برد عملي في شهرين ويفوز المنتخب المصري 0-4 على نظيره الجزائري. وعلى الصعيد الأهم والأكبر، ظهر شاب يُفرح القلب اسمه "أحمد الشحات" 24 عامًا، يعمل نقاشًا 6 أيام في الأسبوع والجمعة في التحرير، قرر أحمد ألا يمشي "جنب الحيط" بل عليه، فتسلق عمارة السفارة الاسرائيلية ليخلع العلم ويستبدله بعلم مصر ثم يحرقه المتظاهرون. مشهد لم نكن نراه إلا في الأفلام أو في مظاهرات بعلم رمزي. فجاء رد أحمد الشحات شافيًا لغليل كل مصري وعربي ومفجرًا لكبت سنوات الصمت والإذلال والتهاون وصار ذلك تقليدًا في بعض المناسبات اللاحقة فحرق التراس أهلاوي العلم أمس الأول في مباراة ودية بين الأهلي والشرطة، ترميز وطني وعاطفي لنثبت أننا قادرون على الإطاحة بالكيان الصهيوني. وبعون الله قادرون. "Flagman – كلنا أحمد الشحات" نعم هو بطل، ونعم كلنا أحمد الشحات في حبه لمصر ووطنيته وحياته التي على كفه من أجل مصر... لكن ماذا بعد هذا وذاك؟ ماذا بعد العلَم؟ ماذا بعد انتهاء مفعول المسكنات العاطفية والسياسية الرمزية؟ أعتقد أنه حان الوقت أن نتوقف عن تلك المكسنات أو المخدرات السياسية كما قال عنها بلال فضل حتى ولو صار الألم شديد. حان الوقت أن نثبت لأنفسنا وللعالم بأننا جدعان... نحن حقًا جدعان... والجدع هو من قام بثورة 25 يناير واستكفي من الردود العاطفية الرمزية فلم تعد تسمنه ولا تغنيه من جوع.. إذن ماذا بعد العلم؟ بعد العلم عمل وتنكيس لأعلام الفتي والرغي والجهل والتخوين والتشويه وتمجيد وإرساء لقواعد التخصص والتركيز. بعد العلم، دخول حلبة السباق العالمي علميًا واقتصاديًا وتحرر من "المعونات المشروطة"، بالمناسبة اسرائيل تخصص 4.7% من ميزانيتها للبحث العلمي مقابل ما لا يزيد عن1% في مصر.. بعد العلم، الدين لله والوطن للجميع وسقوط "راية أنا ليبرالي وهو سلفي وهذا علماني وذاك مسيحي". ماذا بعد العلم؟ بعد العلم حامله؟ ومن هو حامله؟ هو الذي سيقود مصر نحو طريق لا يعرف فيه عودة للخلف أو توقف، ونحو طريق عمل وتقدم وعلم. حامل الراية هو رجل من طراز صلاح الدين وقطز وخالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب، لا يُفهم من ذلك أنه حربي وعسكري بل هو رجل صادق القول والفعل، رجل الشهامة قوته والكرامة في دمه، رجل وصفه رسول الله قائلًا "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" (و كان يقصد سيدنا علي بن أبي طالب في غزوة خيبر).. أحبه الله لصدقه وإخلاصه وأخلاقه فأحبه رسول الله، ومن أحبه الله فتح له أبواب السموات ومكنه في الأرض وجعل الفتح على يديه. فأروا الله من أنفسكم خيرا يريكم الله كل الخير... "اللهم أرنا الحق حقًا وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلًا وأجنبنا اتباعه... اللهم أرزقنا حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.." هذا رأي وليس كل الرأي... والله أعلم وأرحم...