طرح ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مجموعة من التوصيات أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس النواب الأمريكي. وتتعلق التوصيات بالطريقة التي تعتمدها مصر لمكافحة الإرهاب في سيناء، حيث تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة، حملة عسكرية موسعة، بدأتها في سبتمبر 2013، لتعقب "العناصر الإرهابية" في شبه الجزيرة. وقال شينكر إن قدرات مصر على مكافحة الإرهاب على الصعيد المحلي تفتقر إلى القوة، "إذ انبثقت "مديرية المخابرات العامة" عن ثورة عام 2011 في ظل دولة ضعيفة، ولم تتعافَ حتى الآن على ما يبدو". وأضاف "إذا كان مقتل ثمانية سياح مكسيكيين عن طريق الخطأ في الصحراء الغربية في سبتمبر 2015 يشير إلى هذا الضعف، فإن جمع المعلومات والاتصالات بين الجيش والأجهزة الأمنية المحلية الأخرى يشكل أيضًا مشكلة فعلية". وتابع "من الواضح أن جمع المعلومات الاستخبارية لا يزال في عجز خطر في سيناء أيضاً، على الرغم من أن التعاون مع الإسرائيليين يساعد على ملء بعض الثغرات وفقًا لبعض التقارير". وجاء في التوصيات التي نشرها موقع "معهد واشنطن"، إنه باستطاعة واشنطن، بالتعاون مع القاهرة، اتخاذ العديد من الخطوات للمساعدة على تخفيف حدة هذه التهديدات. ويمكن أن تشمل هذه الخطوات ما يلي: التدريب على مكافحة الإرهاب. إذ يرى أن "النهج العسكري البحت الذي تعتمده مصر والذي يفتقر إلى البراعة لم ينجح، ومن غير المرجح أن ينجح"، لذا فهو يقول إن "على واشنطن أن تقدم لمصر عرضًا للتدريب في مجال مكافحة التمرد الحديث، في مصر أو الولاياتالمتحدة أو في مكان آخر، لا يمكن لمصر رفضه، الأمر الذي سيحفز بشكل خلّاق توجيه مصر نحو نهج جديد في عمليات مكافحة التمرد ونحو اعتماده". تطوير سيناء. وقال شينكر إن "المنطقة مهمشة وتعاني من نقص في الخدمات منذ فترة طويلة وهي غير راضية عن أداء القاهرة تجاهها. ولم يؤدِ وصول تنظيمي "القاعدة" و"داعش" وانهيار الروابط القبلية التقليدية، سوى إلى تفاقم الوضع، كما ويبدو أن الأضرار المدنية الجانبية التي تسبب بها الجيش تزيد الأمور سوءًا". وأضاف "في ظل غياب الفرص الاقتصادية والتعليمية، ستستمر سيناء في كونها أرضاً خصبة لتجنيد الجهاديين. وإلى جانب محاربة التمرد، يجب على واشنطن أن تتعاون مع القاهرة وغيرها من الشركاء الإقليميين للاستثمار في سيناء، في إطار يتخطى فنادق شرم الشيخ". الاستفادة من الخليج. وقال الباحث الأمريكي إنه على الإدارة الأمريكية التعامل مع حلفائها في الخليج العربي للمساعدة في إقناع مصر لمنح الأولوية للتنمية الاقتصادية في سيناء واعتماد التقنيات الحديثة في مكافحة التمرد. زيادة الوضوح. ورأى شينكر أنه "من المفيد أن يتمتع الاستراتيجيون الأمريكيون بمزيد من الوضوح بشأن الوضع على الأرض في سيناء. ولو استجابت مصر للولايات المتحدة من قبل، لكان ذلك قد مهّد الطريق لوجود استشاري أمريكي أكثر قوة". وتابع "بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا إلى أن مصر تنشر أنظمة أسلحة أمريكية الأصل في العمليات القتالية، مع ارتفاع اتهامات انتهاكات حقوق الإنسان، سيكون من المهم إثبات هذه المزاعم أو دحضها. وهذا يتطلب وجود الصحفيين على أرض المعركة". تأمين الحدود مع ليبيا. قال شينكر إن "على واشنطن أن تفعل ما بوسعها من أجل التودد إلى مصر المتسمة بالتعنت لتخصيص موارد مالية لبالونات المنطاد، وأنظمة "C4ISR"، وحتى طائرات مروحية من طراز "بلاك هوك" للاستجابة السريعة للقوات على التهديدات"، للمساعدة على تعزيز تأمين الحدود الطويلة والخطرة والتي يسهل اختراقها بين مصر وليبيا. زيادة الدعم المالي. ورأى الخبير الأمريكي أنه "سيكون من الصعب إقناع مصر بالحد من شراء أنظمة الأسلحة المكلفة للغاية. وإذا سمحت نسبة الوضوح المتاحة، ربما يمكن لواشنطن أن تشجع القاهرة على القيام بذلك من خلال بيعها أنظمة أسلحة أخرى ذات قيمة عالية/هيبة عالية، بما في ذلك الطائرات المسلحة من دون طيار، التي ستفيد العمليات على طول الحدود الليبية وفي سيناء". تعزيز الحوار حول ليبيا. ولاحظ شينكر أن هناك اختلافًا كاملاً بين القاهرةوواشنطن حول ليبيا. فواشنطن تدعم المحادثات بين الفصائل الليبية والتي ترى القاهرة أن لا فرصة لها في النجاح. وترى مصر أن ميليشيا "عملية الكرامة" التابعة للجنرال الليبي خليفة حفتر هي القوة العسكرية المحلية الأكثر اعتدالاً والتي تستحق الدعم من العتاد. وأضاف "في السنوات الأخيرة، اتخذت مصر مرتين تدابير عسكرية في ليبيا ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" من دون إعلام واشنطن أولاً. وبالتالي، فإن زيادة في الفهم، وربما التنسيق، حول ليبيا قد تؤدي بالطبع إلى زيادة فعالية التدابير، وخاصة من حيث تبادل المعلومات الاستخباراتية في المستقبل". تشجيع المزيد من التعاون بين إسرائيل ومصر. كما حث شينكر في توصياته للكونجرس على تشجيع المزيد من التعاون بين إسرائيل ومصر، مشيرًا إلى أنه في أغسطس 2013، أفادت بعض التقارير أن طائرة إسرائيلية من دون طيار كانت تعمل في المجال الجوي المصري بإذن من السلطات المصرية، قتلت خمسة من المقاتلين الإسلاميين في شبه الجزيرة. ورأى أن التعاون الهادئ بين إسرائيل ومصر في سيناء هو من النقاط المضيئة القليلة في المنطقة، ولكنها رغم ذلك لا تزال حساسة. وتمتلك إسرائيل قدرات استخباراتية وحركية متقدمة لمساعدة مصر في عمليات مكافحة التمرد في سيناء. وبالتالي، يجب أن تستمر الولاياتالمتحدة في تشجيع هذا التعاون، وحث السيسي على تعميقه من أعلى المستويات إلى مستويات العمل الفعلي. تحسين أمن المطارات المصرية. قال شينكر إن المسؤولين الأوروبيين "شكوا مرارًا وتكرارًا من أن الأشعة السينية وأجهزة الكشف عن المتفجرات المستخدمة لفحص الأمتعة، قديمة وتفتقر إلى الصيانة أو أن الموظفين الذين يشغلونها غير مدربين بشكل كافٍ". وهذه مشكلة يمكن للدعم المالي والتقني الغربي أن يساعد على حلها، لا بل يتوجب عليه القيام بذلك.
منع المزيد من التأخير غير المنتج. وقال شينكر إنه في عام 2013، أخّر الكونجرس نقل عشر طائرات مروحية هجومية من طراز "أباتشي" للاستخدام في مكافحة التمرد في مصر لمدة عام كامل. يُشار إلى أن هذه المروحية الهجومية المسلحة بصواريخ "هيلفاير" تشكل المنصة المصرية المفضلة لعمليات سيناء، الأمر الذي أثار غضب القيادة المصرية من التأخر. وفي الواقع، أكد هذا الأمر لكثير من القيادة العسكرية العليا نظرية المؤامرة التي تقول بأن واشنطن كانت تدعم عودة جماعة "الإخوان المسلمين" إلى السلطة. وفي حين أنه من الواضح أن أسبابًا علقت عملية التسليم، إلا أن هذا الأمر لا يخدم الولاياتالمتحدة أو المصالح المصرية. وفي المستقبل، إذا رأت الولاياتالمتحدة ضرورة في حجب أنظمة الأسلحة عن مصر، يجب عليها أن تكون حريصة على عدم اختيار أدوات مكافحة التمرد. تجنب الاستفادة من المساعدة العسكرية الأمريكية. وقال شينكر إنه "في حين لا يبدو أن مصر تأخذ مشكلة الإرهاب على محمل الجد، تشير الأدلة إلى أن إدارة الرئيس عبدالفتاح السيسي تعتبرها تشكل تهديدًا خطيرًا". ورأى أن "سياسات القاهرة في مجال حقوق الإنسان تطرح إشكالية وربما تأتي بنتائج عكسية على استقرار الدولة على المدى الطويل. بيد، إن قطع المساعدات الأمريكية لن يحسّن من تصرف القاهرة ولن يعزز العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر المشحونة أصلاً".